تزداد معاناة مغاربة العالم كل سنة مع اقتراب فصل الصيف، نظرا لما تشهده أثمنة تذاكر الطيران والنقل الجوي من ارتفاع مبالغ فيه بسبب الإقبال الكبير عليها حسب تعبير لمهاجرين مغاربة في الخارج.
بينما تسير عملية مرحبا 2024 وسط إشادة اسبانية، يظل غلاء أسعار الطيران تحديا كبيرا لمغاربة العالم، لاسيما المغاربة الذين يقيمون بكندا وأمريكا وبعض الوجهات المحدودة، التي تسيطر عليها الشركات الكبرى.
وفي هذا السياق، أفاد عمر لبشيريت، وهو مهاجر مغربي مقيم بكندا في حديث لموقع “سفيركم”، أن “تكلفة السفر بالنسبة لمغاربة أمريكا الشمالية (كندا والولايات المتحدة) غالية ومرتفعة جدا وأحيانا مبالغ فيها”. وأضاف المتحدث موضحا: “يصل معدل التكلفة لعائلة من أربعة أفراد، فيما يخص تذاكر السفر فقط، إلى 60 ألف درهم، وهو ما يعني ادخار سنتين، ناهيك عن مصاريف العطلة بالمغرب، وقد تتضاعف هذه التكلفة حسب حجم كل أسرة وحاجياتها”.
وأكد لبشيريت “أن الكثير من مغاربة أمريكا ليس بمقدورهم توفير هذه المصاريف لزيارة الأهل في المغرب كل سنة، لذلك يفضل الكثيرون زيادة المغرب على فترات متباعدة تصل لأربع سنوات، كما أصبح العديد منهم يختار قضاء عطلة الصيف بكندا أو الولايات المتحدة أو حتى دول الكرايبي، لأنها تبقى أقل تكلفة بالنسبة إليهم”. موردا أن “شركة الخطوط الملكية المغربية تتعامل مع مغاربة أمريكا وكأنهم يمتلكون مناجم ذهب”.
وتابع المتحدث ذاته بالقول: “على العموم، تتعامل الحكومة المغربية مع جاليتها المقيمة بالخارج، بمنطق ريعي، حيث تستفيد من تحويلاتهم المالية التي أصبحت تعد ثاني قطاع اقتصادي، من حيث المداخيل من العملة الصعبة، من دون أن يستثمر أو يكافئ هؤلاء المهاجرين الذين تعد تحويلاتهم رافعة أساسية لخزينة الدولة”.
المصرح لموقع “سفيركم” أكد أن “المهاجرين أمام حيف كبير، فالدولة تستفيد من تحويلاتهم بدون أن تصرف درهما واحدا” مشيرا أن “تحويلات مغاربة العالم فاقت 105 مليار درهم أي نصف صادرات المغرب من كافة القطاعات (238 مليار درهم)”.
ويقترح المواطن المغربي المقيم بكندا لتجاوز هذه العقبة التي تقف حائلا دون التحاق مغاربة أمريكا الشمالية بوطنهم الأصلي “أنه لابد من التفكير في تعويض عمال هذا القطاع عن مساهماتهم في هذا القطاع في إنعاش الاقتصاد الوطني، وذلك عن طريق تخفيض ودعم تذاكر السفر، إن كانت فعلا الحكومة تتوفر على إرادة حقيقية”. ويسجل المتحدث ذاته أن “من بين الحلول المقترحة، إلغاء أو تخفيض الرسوم المفروضة على تذاكر السفر الموجهة للجالية، فالمعروف أن نصيب شركة الخطوط الملكية المغربية من قيمة تذكرة السفر لا يتعدى حوالي 40 بالمائة، والباقي عبارة عن رسوم تذهب إلى المكتب الوطني للمطارات ووزارة النقل ومطارات المغرب…إلخ”.
ويعقب “أن المهاجرين يسهمون في اقتصاد البلاد عن طريق التحويلات والضرائب، ولكن لا يستفيدون من الخدمات المختلفة، فإمكان الحكومة تعويضهم عن ذلك بواسطة إلغاء الرسوم المفروضة على التذاكر والإبقاء فقط على حصة الخطوط الملكية المغربية حتى لا تتضرر هذه الأخيرة”.
وقال، بدر الزاهر الأزرق، باحث في قانون الأعمال والاقتصاد إنه “بالفعل، هناك غلاء مسجل على مستوى النقل الجوي، ولكن ليست في جميع الوجهات، أن المغاربة المقيمين في الخليج وأمريكا الشمالية، هم من يعانون هذا الغلاء، وكذلك الدول الإسكندفانية”.
موضحا، أن “المملكة المغربية انخرطت في 2007 في اتفاقية السفر المفتوحة، التي فتحت الباب لولوج عدد كبير من شركات الطيران المنخفض التكلفة، خاصة للقادمين من أوروبا الغربية، وأن عدد كبير من مغاربة العالم يلجون المغرب عدة مرات في السنة، وذلك لانخفاض تكلفة الطيران وتوفر خيارات متعددة للقادمين من دول أوروبا الغربية”.
وسجل المتحدث ذاته أن “أن الإجراءات التي تقوم بها المملكة المغربية تتجلى في فتح المجال أمام الطيران المنخفض التكلفة، وأن هناك دعم موجه للخطوط الملكية المغربية وبعض الشركات العاملة في هذا القطاع خصوصا ذات التكلفة المنخفضة، وهو الذي يكون سببا في انخفاض تكلفة بعض الوجهات سواء بالنسبة لمغاربة العالم أو مغاربة الداخل، الذين يقدمون على السفر الدولي، واليوم أصبحنا نرى بعض المدن التي لم تكن تستفيد من هذه الوجهات أصبحت تستفيد مثل بني ملال وتطوان والرشيدية وغيرها من المدن، التي صارت فيها رحلات دولية مباشرة نحو مجموعة من الدول الأوروبية، بقيت المسافات الطويلة والوجهات البعيدة تنضبط للعرض والطلب أكثر من انضباطها للتدخل الحكومي”.
ياسين حكان ( كاتب وباحث)
تعليقات( 0 )