تواصل قوات المعارضة السورية المسلحة تقدمها السريع نحو العاصمة دمشق، وسط أنباء متزايدة عن اقتراب الإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد، بعد تحقيقها سلسلة من الانتصارات في الجنوب والشمال السوري.
وأعلنت المعارضة أنها باتت على مقربة من العاصمة، حيث تبعد قواتها عن “البوابة الجنوبية” لدمشق مسافة لا تتجاوز 20 كيلومترا، في ظل تراجع ملحوظ لقوات النظام السوري. كما أكدت صحيفة “بيلد” الألمانية أن عائلة الرئيس السوري لجأت إلى روسيا، بعد نفي إيران الأنباء التي تحدثت عن مغادرة عائلة الأسد البلاد.
وحسب بيان صادر عن “غرفة عمليات الجنوب”، الفصيل العسكري الجديد الذي ظهر مؤخرا في الجنوب السوري، أعلنت المعارضة سيطرتها بالكامل على مدينة درعا، مهد الثورة السورية التي انطلقت عام 2011. وأضاف البيان أن العمليات العسكرية ستستمر حتى “تحرير دمشق بالكامل”، ما اعتبره مراقبون خطوة استراتيجية قد تعجل بانهيار النظام.
وذكرت مصادر إعلامية عالمية أن المعارضة السورية تمكنت أيضا من السيطرة على مدينة القنيطرة، الواقعة بالقرب من الحدود مع هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل، وذلك بعد انسحاب قوات النظام السوري من مواقعها في المدينة.
وتداول ناشطون مقاطع فيديو، تظهر لحظة إسقاط تمثال للرئيس السوري السابق حافظ الأسد في مدينة درعا، وهو ما اعتبر رمزا لسقوط سيطرة النظام على المدينة.
وفي سياق متصل، شهدت مدينة السويداء، ذات الغالبية الدرزية، انسحابا لقوات النظام السوري، ما سمح لفصائل محلية ببسط سيطرتها على المدينة.
وبخصوص التطورات في ريف دمشق، أفادت تقارير ميدانية بأن أهالي مدن داريا، والكسوة، ومعظمية الشام، وجرمانا قاموا بتمزيق صور وتحطيم تماثيل الرئيس بشار الأسد ووالده حافظ الأسد، عقب انسحاب قوات النظام السوري إلى مواقع محيطة بالعاصمة. ويعد هذا التطور مؤشرا على حجم الغضب الشعبي المتزايد في المناطق التي باتت المعارضة تسيطر عليها.
من جهتها، نفت الرئاسة السورية بشكل رسمي ما أوردته بعض التقارير الإعلامية حول مغادرة الرئيس بشار الأسد دمشق أو خروجه في زيارات إلى دول أخرى.
وأصدرت الرئاسة بيانا نقلته وكالة الأنباء السورية الرسمية “سانا”، أكدت فيه أن “الأخبار المتداولة حول مغادرة الرئيس الأسد دمشق شائعات وأخبار كاذبة”، مشيرة إلى أن هذه الادعاءات ليست جديدة وتهدف إلى “التضليل والتأثير على استقرار الدولة السورية والمجتمع السوري”.
وأضاف البيان أن “الرئيس الأسد يتابع مهامه الوطنية والدستورية من داخل العاصمة دمشق”، وأن أي أخبار تتعلق به تنشر حصريا عبر منصات الرئاسة السورية ووسائل الإعلام الرسمية.
وفي تطور آخر، كشفت المعارضة السورية المسلحة عن تحقيقها تقدما كبيرا في ريف حمص، حيث سيطرت على آخر قرية على تخوم المدينة، ما يمهد الطريق لدخولها بشكل كامل.
ونقلت وكالة “رويترز” عن مصادر ميدانية أن قوات المعارضة دخلت حمص من جهتي الشمال والشرق، ما يهدد بقطع خطوط الإمداد الرئيسة بين دمشق والمدينة.
وتعتبر حمص مدينة استراتيجية كونها تشكل نقطة وصل رئيسة بين شمال سوريا وجنوبها، فضلا عن أنها حلقة الوصل بين دمشق والمناطق الساحلية التي لا تزال تحت سيطرة النظام.
وفي ظل استمرار المعارك، يشير مراقبون إلى أن سقوط مدينة حمص بيد المعارضة سيكون بمثابة ضربة استراتيجية للنظام السوري، إذ ستعزل دمشق عن الساحل السوري وستقسم المناطق الخاضعة لسيطرة النظام إلى قسمين منفصلين.
ويأتي هذا التطور بعد خسارة النظام السوري لمدينتي حلب وحماة، ما أضعف قدرته على الصمود في وجه التقدم السريع للمعارضة المسلحة.
وتشهد سوريا منذ 13 عاما نزاعا مسلحا متجددا، لكن التطورات الأخيرة في الجنوب والشمال تعتبر من أكبر التحديات التي يواجهها نظام الأسد منذ سنوات، خاصة مع اقتراب المعارضة من العاصمة دمشق وتهديدها بتغيير موازين القوى في البلاد.