شهد ملف الصحراء المغربية، خلال الآونة الأخيرة، تطورات مهمة أبرزها الاعتراف الرسمي لإسبانيا، الدولة المستعمرة للأقاليم الجنوبية، بمغربية الصحراء، وتوقيع عدد من الاتفاقيات الاقتصادية الكبرى، مع الحليف الاستراتيجي التاريخي للمملكة في أوروبا ’’فرنسا’’ تهم أقاليم الصحراء، في اعتراف ضمني بالوحدة الترابية للمملكة.
وجاءت مواقف مدريد وباريس، أهم صناع القرار في الساحة الأوروبية والدولية، لتنضاف إلى الاعتراف الأمريكي التاريخي، الموقع من قبل الرئيس السابق دونالد ترامب، حيث يعتبر مرجعا أساسيا للاعترافات الدولية، تلتها عدد من الشراكات الاستراتيجية، مع الدول الكبرى، أبرزها المملكة المتحدة والصين وروسيا، والدول الإفريقية، إضافة إلى افتتاح قنصليات وتمثيليات ديبلوماسية بالعيون والداخلة.
ووفق معطيات إعلامية، فإن التقارب الكبير الحاصل مؤخرا، بين باريس والرباط، شكل دينامية جديدة في مسلسل إغلاق الملف بصفة نهائية، بعد نشر الصحافة الفرنسية، نقلا عن مصادرها الدبلوماسية، تسريبات تفيد زيارة مرتقبة للرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون إلى المغرب، للقاء الملك محمد السادس، للتعبير بشكل رسمي عن اعتراف البلد الأوروبي بمغربية الصحراء، بعدما كثف الإليزيه من أنشطته وتحركاته بالمغرب، بعد تعيين لوكورتييه، سفيرا بالمملكة.
وفي سياق متصل، تناولت الصحافة الإسبانية، عزم رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، طرح ملف الصحراء داخل دواليب الأمم المتحدة، والدفاع عن طرح المقترح الذاتي كحل أساس للمشكل، بالدلائل التاريخية والسياسية، خاصة وأن المنطقة كانت منطقة تابعة للاستعمار الإسباني، قبل تحريرها بمسيرة ’’خضراء’’ شكلت منعطفا بارزا في المسار التاريخي للمنطقة ككل.
إسبانيا والمغرب
وهمت الاتفاقيات الموقعة، مجموعة من المجالات، منها تدبير الهجرة، والسياحة، والبنيات التحتية، والموارد المائية، والبيئة، والفلاحة، والتكوين المهني، والضمان الاجتماعي، والنقل، والحماية الصحية، والبحث والتنمية. كما تم التوقيع على مذكرة تفاهم ثلاثية بين الوكالة المغربية للتعاون الدولي، والوكالة الإسبانية للتعاون الدولي من أجل التنمية.
وتهدف هذه الاتفاقية، الموقعة من طرف وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، ونظيره الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، إلى تحديد وتطوير وتعزيز ودعم مبادرات ومشاريع للتعاون الثلاثي لفائدة بلدان ثالثة، لاسيما إفريقيا جنوب الصحراء، وذلك على أساس التعلمات والقيمة المضافة الناتجة عن العمل المشترك القبلي بين المؤسسات العمومية المغربية والإسبانية التي لها القدرة على العمل في بلدان أخرى.
كما تم التوقيع على مذكرة تفاهم ثانية بين وزارتي الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ووزارة الإدماج والضمان الاجتماعي والهجرات بالمملكة الإسبانية، تخص تدبير الهجرات.
وتروم هذه الاتفاقية، التي وقعها بوريطة ووزير الإدماج والضمان الاجتماعي والهجرات، خوسيه لويس إسكريفا بيلمونتي، وضع إطار للتعاون، لتقاسم التجارب في مجالات تدبير سياسات الهجرة من خلال التكوين التقني والتعزيز المؤسساتي للإدارة المغربية في مجال الهجرة، من خلال دعم إدماج أفضل للجاليات المهاجرة من البلدين على المستوى الثقافي والاجتماعي والتعليمي.
المغرب وفرنسا
تميزت المرحلة الأخيرة، بين المغرب وفرنسا، بدينامية كبيرة على المستوى السياسي، بعد استقبال وزير الشؤون الخارجية الفرنسي، ستيفان سيجورني، لوزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، بباريس من أجل إجراء مباحثات ثنائية، لتعزيز التعاون بين البلدين.
وفي سياق متصل، قال سيجورني في تغريدة له على منصة ’’إكس’’ إن “الدينامية التي بدأت مع زيارتي الأخيرة للمغرب تتواصل اليوم بجلسة عمل مع نظيري، ناصر بوريطة. فرنسا والمغرب تجمعهما علاقة فريدة !”.
وأضاف أن الزيارة تندرج، “في إطار العزم الراسخ للملك محمد السادس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على المضي قدما بالشراكة الاستراتيجية الثنائية على أسس قوية، من خلال البناء على الدعامات التاريخية والإنسانية المتينة التي تستند عليها هاته العلاقات، مع الاستفادة من المكتسبات المسجلة في إطار هذه الشراكة على مدى عقود’’.
تعليقات( 0 )