استعاد المغرب موقعه بقوة في سوق البطيخ الأوروبية خلال النصف الأول من عام 2025، بعدما سجلت صادراته نحو الاتحاد الأوروبي ارتفاعا لافتا بلغ 53.49 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من السنة الماضية، حسب معطيات نشرها الموقع الإسباني المتخصص في الشأن الزراعي هورتو إنفو.
ووفق بيانات هيئة الإحصاء الأوروبية Euroestacom (ICEX-Eurostat)، بلغت كميات البطيخ المصدرة من المغرب حوالي 130.6 مليون كيلوغرام، وهو ما يعادل 18.95 في المائة من إجمالي واردات الاتحاد الأوروبي، ليصعد بذلك إلى المركز الثاني خلف إسبانيا.
إلى جانب ذلك، شهدت صادرات إسبانيا من البطيخ تراجعا حادا بنسبة 42.47 في المائة خلال الفترة نفسها، رغم احتفاظها بالمرتبة الأولى بإجمالي بلغ 150.55 مليون كيلوغرام.
وفي هذا الصدد، يعزز هذا التوجه تنامي الحضور المغربي في الأسواق الأوروبية، في ظل تراجع منافسه التقليدي إسبانيا، الأمر الذي قد يعزز تنافسية المنتوج الوطني في قطاع الفواكه الحمراء والخضراء داخل السوق الأوروبية.
وفي هذا السياق، قال علي شتور، رئيس الجمعية المغربية لحماية المستهلك، في تصريحه لـ جريدة “سفيركم” الالكترونية إن الجمعية تتابع باهتمام بالغ التوجه المتزايد نحو تصدير كميات من البطيخ، خاصة الأحمر منه، إلى الأسواق الأوروبية.
وأفاد شتور أن هذا التوجه، رغم أهميته في دعم الاقتصاد الوطني وجلب العملة الصعبة، يكشف عن بعض الاختلالات التي تمس السوق الداخلية.
وأوضح شتور أن أبرز هذه الاختلالات تتجلى في ندرة البطيخ عالي الجودة داخل السوق الوطنية خلال فترات الذروة نتيجة توجيه أجود الأصناف للتصدير، علاوة على الارتفاع الملحوظ في الأسعار بما لا يتناسب مع القدرة الشرائية لشريحة واسعة من المواطنين.
ولفت شتور إلى الضغط المتزايد على الموارد المائية في مناطق جافة وشبه جافة من أجل زراعة منتوج موجه أساسا للتصدير، على حساب الزراعات المعيشية الضرورية للأمن الغذائي المحلي.
وشدد رئيس الجمعية على أن القانون 31.08 المتعلق بحماية المستهلك يضمن حق المواطن في الحصول على منتوج سليم، بجودة مقبولة، وبسعر معقول، داعيا السلطات العمومية والفاعلين الاقتصاديين إلى احترام هذا الحق وعدم التضحية به تحت منطق الربح أو التصدير.
وطالب شتور بضرورة إرساء آليات للتوازن بين تلبية حاجيات السوق الداخلية ومتطلبات التصدير، وذلك عبر تخصيص نسبة من المنتوج الوطني للاستهلاك المحلي قبل الترخيص بتصديره، مع مراجعة السياسات الزراعية لضمان عدم تضخم زراعة البطيخ على حساب الزراعات المعيشية، خصوصا في المناطق التي تعاني من ندرة المياه.
ودعا المتحدث ذاته إلى تعزيز دور مجلس المنافسة في مراقبة الأسعار والتصدي لأي ممارسات احتكارية تضر بالمستهلك المغربي، إلى جانب تشجيع الفلاحين الصغار على تنويع الإنتاج الزراعي بدل الاقتصار على الزراعات الموجهة للتصدير.
وأكد شتور في ختام تصريحه لـ” سفيركم” أن النجاح الاقتصادي الحقيقي لا يقاس فقط بحجم الصادرات، وإنما أيضا بمدى احترام حقوق المواطنين في الولوج إلى غذاء سليم، متنوع، ومتوازن، داعيا الحكومة إلى اتخاذ خطوات ملموسة لضمان التوازن بين المصلحة الاقتصادية والاجتماعية.