أكد تقرير نشرته مؤسسة “The Heritage Foundation” الأمريكية أن إدارة ترامب المقبلة، تواجه فرصة تاريخية لحل نزاع الصحراء الذي استمر لأكثر من أربعة عقود بين المغرب وجبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر، بفضل العديد من العوامل، أبرزها التوافق غير المسبوق بين فرنسا وإسبانيا على دعم المملكة المغربية.
واعتبر التقرير أن هذا النزاع الذي يدور على أراض متنازع عليها في شمال أفريقيا على طول السواحل الأطلسية، يمثل تحديا استراتيجيا للولايات المتحدة في وقت حساس، وبالتالي فإن حل النزاع يمكن أن يسهم في تعزيز مكانة واشنطن في المنطقة.
وفي هذا السياق، أشار إلى أن حل النزاع سيكون له فوائد استراتيجية كبيرة للولايات المتحدة، خاصة في ظل التوترات المتزايدة في مناطق أخرى من العالم مثل أوكرانيا وإيران والسودان، مضيفا أن حل النزاع في الصحراء يمكن أن يكون نجاحا ملموسا يُحسن من موقف أمريكا في سياستها الخارجية.
ويتوقع تقرير مؤسسة “هيريتايدج فاوندايشن” التي كانت هي من أعدت البرنامج السياسي لترامب، أن تسهم الولايات المتحدة في تحويل الديناميكيات الإقليمية من خلال تعزيز مبدأ “السلام من خلال القوة” الذي سبق أن أفضى إلى اتفاقات أبراهام بين إسرائيل وبعض الدول العربية.
وأضاف التقرير، أن مراقبين يشيرون إلى أن التوافق غير المسبوق بين فرنسا وإسبانيا، وربما موريتانيا، يخلق ظروفا ملائمة لإيجاد حل نهائي، وتعتبر الولايات المتحدة أن حل النزاع في الصحراء الغر سيسهم في تحقيق ثلاثة مصالح حيوية، أولها هو منع الصين من توسيع نفوذها في ممر استراتيجي بين البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي، وثانيا، يُظهر قدرة أمريكا على تشكيل نتائج النزاعات الإقليمية، وأخيرا، يعزز من الروابط مع الحلفاء الموثوقين.
وأشار التقرير إلى أن الولايات المتحدة تخشى من أن الفشل في اتخاذ إجراءات حاسمة قد يؤدي إلى تسليم المبادرة الاستراتيجية للصين، التي تعمل على تعزيز شراكاتها الصناعية والأمنية في شمال أفريقيا، وهذه الشراكات قد تغير بشكل كبير الديناميكيات الإقليمية.
رصد التقرير التحولات التي عرفها ملف الصحراء، كالإشارة إلى اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء الغربية في إطار اتفاقات أبراهام، وهو تحول دبلوماسي أساسي، مشيرا إلى أن هذا التغيير، الذي تضمن أيضا تعهدا أمريكيا بفتح قنصلية في الداخلة، شكل نقطة تحول مهمة في النزاع.
بعد هذا التغيير، بدأت فرنسا في دعم الموقف الأمريكي، مما أدى إلى إجماع غير مسبوق بين أعضاء مجلس الأمن الدولي بشأن حل النزاع بناء على خطة الحكم الذاتي المغربية، وهذا الإجماع يشكل أساسا قويا لتحقيق السلام في المنطقة، حسب التقرير.
ووفقا للتقرير ذاته، تتمثل فرصة أخرى في التوافق الإقليمي التاريخي بين فرنسا وإسبانيا، اللتين دعمتا بشكل متزايد خطة المغرب للحكم الذاتي، حيث تعتبران هذه الخطة الآن الأكثر واقعية وملائمة من جميع الخيارات المطروحة، مشيرا إلى أن هناك أيضا إمكانيات لتوسيع هذا التوافق ليشمل موريتانيا، التي توازن بعناية علاقاتها مع كل من المغرب والجزائر.
كما أشارت المؤسسة الأمريكية في تقريرها إلى أن الوضع الاستراتيجي والاقتصادي في المنطقة يتطلب تحركا سريعا، فإمكانات الصحراء الاقتصادية والاستراتيجية لا تزال غير مستغلة بشكل كامل، فيما تتنافس القوى الكبرى مثل الصين وروسيا للهيمنة على مشاريع البنية التحتية في المنطقة.
كما تحدث التقرير عن النفوذ الإيراني المتزايد في المنطقة الذي يمثل تحديا آخر، حيث تشير التقارير إلى وجود صلات بين إيران وجبهة البوليساريو، وفي الوقت نفسه، تُظهر الصين اهتماما متزايدا بميناء الداخلة والمشروعات التنموية الأخرى في المغرب.
هذا ويتوقع التقرير أن تقوم إدارة ترامب بتقليص دور بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء (مينورسو)، التي يعتبرها الكثيرون مهمة غير فعالة، وبدلا من ذلك، يُفترض أن تستبدل الولايات المتحدة هذه المهمة بمفاوضات ثنائية مباشرة تحت إشرافها.