كشف تقرير حديث حول العلاقات المغربية الصينية، أن الصين تعتبر المغرب طريقا لبلوغ أسواق جديدة، وحاضنة مثالية لاستثماراتها الاستراتيجية، بفضل شراكاته المتنوعة وريادته الإقليمية والدولية، ولا سيما في ظل التنافس الاقتصادي بين القوى العالمية والسياسات المفروضة على الصين.
وأكد تقرير نشرته صحيفة “NewsWeek” أن المغرب أصبح حاضنة مثالية للاستثمارات الصينية، ومحورا استراتيجيا لها، موضحا أن بكين تسعى إلى تعزيز حضورها الاقتصادي والتجاري في أسواق كبرى في العالم، من خلال استثمار الموقع الجغرافي للمملكة المغربية وعلاقاتها التجارية الدولية المتعددة.
وذكر التقرير ذاته أن زيارة الرئيس الصيني شي جينبينغ، التي تمت في الـ21 نونبر الماضي، خلال عودته من جولته في أمريكا الجنوبية، والتي لم يعلن عنها مسبقا، تعكس الأهمية التي توليها الصين لعلاقتها مع المغرب، والاهتمام المغربي بهذه الأخيرة، وهو ما يترجمه الاستقبال الرسمي الذي حظي به من قبل ولي العهد الأمير مولاي الحسن ورئيس الحكومة عزيز أخنوش.
وأضاف المصدر ذاته أن اختيار الصين للمغرب ليس اختيارا عشوائيا أو اعتباطيا، بل يرتكز إلى مجموعة من العوامل الاستراتيجية والاقتصادية، أولها؛ الموقع الجغرافي الذي يربط بين أوروبا، وأمريكا الشمالية، وإفريقيا، ما يجعله بوابة الصين للوصول إلى أسواق متعددة، وثانيها؛ قدرة المغرب على التأثير في المدخل الغربي للبحر الأبيض المتوسط، ما ينسجم مع طموحات مبادرة “الحزام والطريق” الصينية، الساعية إلى خلق ممرات تجارية بحرية.
وأورد التقرير تعليق توماس رايلي الذي أكد أن “المغرب هو الهدف المثالي للاستثمارات الصينية الاستراتيجية، فقد أبرمت المملكة اتفاقية تجارة حرة ثنائية مع الولايات المتحدة منذ عام 2006، وهي اتفاقية التجارة الحرة الوحيدة التي تحتفظ بها أميركا مع دولة أفريقية”.
وذكرت الصحيفة أن السفير الأمريكي السابق في الرباط، سبق وأن أشار إلى أن المغرب قد انضم أيضا إلى اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب في عام 2000، مضيفا أن المغرب يوجد في منطقة التجارة الحرة في القارة الإفريقية التي تضم 54 دولة أفريقية.
واستطردت الصحيفة أن الصين تواصل تعزيز استثماراتها في المغرب، خاصة في القطاعات ذات الطابع الاستراتيجي، ففي سنة 2024، تعهدت خمس شركات صينية بضخ أكثر من 4 مليارات دولار في مشاريع لتصنيع بطاريات السيارات الكهربائية ومكوناتها، من بين هذه الاستثمارات، شركة “جوشن هاي-تك” التي تخطط لإنشاء مصنع ضخم بقيمة 1.3 مليار دولار لإنتاج البطاريات في الربع الثالث من عام 2026.
وتشمل الاستثمارات الصينية أيضا مشاريع كل من شركة “هايليانغ” و”شينزوم” و”بي تي آر نيو ماتيريال جروب”، التي تسعى إلى الاستفادة من موقع المغرب كبوابة تجارية تربط بين القارات.
ولفت التقرير إلى أن ميناء الداخلة الأطلسي الجديد، الواقع في الصحراء المغربية، يشكل نقطة استراتيجية تعكس التقاء المصالح الاقتصادية والجيوسياسية، مشيرا إلى أن هذا المشروع الذي رصدت له تكلفة تبلغ 1.2 مليار دولار، يُعد بوابة رئيسية تربط غرب إفريقيا بالعالم، مع تقليل الاعتماد على الموانئ الواقعة في المناطق غير المستقرة.
وقارن التقرير بين الطموحات الصينية ونظيرتها الأمريكية فيما يتعلق بميناء الداخلة، معتبرا أن الأولى؛ التي تعمل على بناء شبكة موانئ عالمية، تدرك أهمية الداخلة كمحور لتوسيع نفوذها البحري، بينما ترى الثانية المشروع فرصة لتعزيز وجودها في المنطقة وكبح الهيمنة الصينية.
وخلصت الصحيفة إلى الإشارة إلى أن المغرب يُمثل نقطة التقاء بين المصالح التجارية والجيوسياسية للقوى الكبرى، ما يعزز من دوره كحاضنة مثالية للاستثمارات ومركز استراتيجي في الخريطة الاقتصادية الدولية، لا سيما وأن المغرب يعد الحليف الاستراتيجي للولايات المتحدة في المنطقة، خاصة بعد اعتراف واشنطن بسيادته على الصحراء المغربية.