أدرج تقرير دولي حديث المغرب ضمن قائمة “الدول اليقظة” في مؤشر الجريمة الاقتصادية العالمي لسنة 2025، حيث حصل على المرتبة الـ75 عالميا، من أصل 177 دولة شملها التصنيف.
ويعكس هذا التقرير، الصادر عن مؤسسة “Secretariat” المتخصصة في الاستشارات القانونية وإدارة المخاطر، المجهودات المتواصلة التي تبذلها المملكة من أجل تعزيز الإطار التشريعي والتنظيمي لمكافحة الجرائم المالية، خاصة في ظل تزايد التحديات المرتبطة بالتكنولوجيا الحديثة، كالذكاء الاصطناعي والأصول الرقمية.
وأوضح التقرير أن المغرب ظفر بالمرتبة الـ75 من أصل 177 دولة، بمعدل 2.14 نقطة على مقياس يتراوح بين 0 (أدنى مستوى خطر) و4 (أعلى مستوى)، ما جعله في فئة “الدول اليقظة”، وهي الفئة التي تضم 64 دولة تبذل جهودا واضحة لمحاصرة الجريمة الاقتصادية عبر تطوير أطر قانونية حديثة، وتحسين آليات الرقابة والتتبع المالي.
وذكر المصدر ذاته أن التقرير وضع ثلاث دول ضمن فئة “الدول الشفافة”، ويتعلق الأمر بفنلندا (1.01)، والدنمارك (1.15)، وآيسلندا (1.16)، مبرزا أن هذه الفئة تتكون من 19 دولة فقط، وتضم الاقتصادات التي تملك أعلى درجات الشفافية والفعالية في مكافحة الجرائم المالية.
وفي المقابل، تذيل التقرير دول مثل ميانمار، وإيران، واليمن، وليبيا وسوريا، حيث جاءت ضمن فئة “المتخلفين تنظيميا”، بدرجات تتجاوز 3 على مقياس “SECI”، ما يعكس انتشارا واسعا للفساد وضعفا مؤسساتيا مزمنا، يجعل منها بيئة خصبة للأنشطة غير المشروعة.
وحذر التقرير سالف الذكر من تصاعد خطير في حجم التدفقات المالية غير المشروعة، متوقعا أن تصل إلى ما بين 4.5 و6 تريليونات دولار سنويا بحلول سنة 2030، مقابل 3.1 تريليون دولار المسجلة في سنة 2023، مضيفا أن هذا الرقم يشمل عمليات غسل الأموال، والاحتيال، والفساد، ثم التهرب الضريبي وتمويل الإرهاب.
ولفت المصدر ذاته إلى أن أقل من 1% من هذه التدفقات يتم ضبطها أو تجميدها من قبل الأجهزة المختصة عالميا، ما يعكس ثغرات خطيرة في المنظومات الرقابية، خاصة في الدول ذات البنية التنظيمية الضعيفة.
وأفاد التقرير أن الاحتيال المالي المدعوم بالذكاء الاصطناعي سيعرف زيادة تصل إلى 60% مع نهاية سنة 2025، خصوصا من خلال استخدام تقنيات “التزييف العميق” (Deepfake)، التي تسمح للمحتالين بانتحال صفة مسؤولين رفيعي المستوى أو عملاء لتنفيذ عمليات تحويل احتيالية.
واستطرد نقلا عن بيانات مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي (FBI)، أن العملات المشفرة تشكل تهديدا حقيقيا، إذ بلغت خسائر الاحتيال المرتبطة بها 5.6 مليار دولار في عام 2023.
وشملت الخريطة الرقمية لحجم الجرائم المالية في سنة 2023، الاتجار بالمخدرات، الذي تصدر القائمة مخلفا خسائر قدرها 782.9 مليار دولار، تلاه الفساد والجرائم الإلكترونية والبيئية التي بلغت مجتمعة 1.47 تريليون دولار، الاحتيال التجاري والعاطفي، فقد كلف الاقتصاد العالمي نحو 485.6 مليار دولار، في حين بلغت خسائر الاتجار بالبشر حوالي 346.7 مليار دولار، أما تمويل الإرهاب فقد سجل ما قيمته 11.5 مليار دولار.
وخلص التقرير إلى توجيه توصيات للدول والمؤسسات المالية بتسريع اعتماد التكنولوجيا التنظيمية “RegTech”، التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات، من أجل رصد التحركات المشبوهة في الزمن الحقيقي، وتسهيل الامتثال للمعايير الدولية، كما شدد على أهمية التحليل السلوكي البيومتري لرصد أي تلاعب في الحسابات البنكية، وتطوير أنظمة ذكية قادرة على اكتشاف الهويات المزورة وأنماط التصرف غير الطبيعية.