رفعت ثلاث منظمات غير حكومية في مدينة سبتة المحتلة دعاوى قضائية ضد حكومة المدينة، تتهمها بتنفيذ عمليات ترحيل غير قانونية للمهاجرين المغاربة الذين يصلون إلى المدينة سباحة عبر السواحل المغربية، ورغم أنها كسبت القضية في مرحلتين قضائيتين سابقتين، إلا أنها ما تزال معروضة أمام المحكمة العليا الإسبانية.
وأوضح تقرير نشرته صحيفة “The Objective” الإسبانية، أن المنظمات الثلاث “منسقية الأحياء” و”نو نيم كيتشن” و”الخدمة اليسوعية للمهاجرين”، تمكنت من تحقيق انتصارين قضائيين متتاليين، الأول أمام المحكمة الإدارية في سبتة سنة 2024، والثاني أمام المحكمة العليا للأندلس (TSJA) سنة 2025.
وأضافت أن المحكمتان أيدتا مبدأ أن المهاجرين القادمين من البحر لا يمكن ترحيلهم مباشرة إلى المغرب لأن هذا النوع من “الرفض عند الحدود” يقتصر قانونيا على محاولات الدخول عبر الأسوار الحدودية فقط، معتبرة أن اعتراض المهاجرين في البحر أو على الشواطئ لا يدخل ضمن الحالات التي يسمح فيها القانون الإسباني بـ”الرفض عند الحدود”.
وذكر المصدر ذاته أن الحكومة لجأت إلى هيئة محامي الدولة للطعن في هذا الحكم أمام المحكمة العليا الإسبانية، التي من المنتظر أن تحدد التفسير النهائي للقانون، وتقول ما إن كان يحق للحرس المدني إعادة المهاجرين الذين يتم اعتراضهم في البحر إلى المغرب، مشيرة إلى أن المحكمة لم تقرر بعد ما إذا كانت ستقبل النظر في الطعن.
وأبرزت الصحيفة أن المنظمات الحقوقية سالفة الذكر تتهم الحكومة الإسبانية بانتهاك القوانين من خلال تنفيذ ترحيلات جماعية دون تمكين المهاجرين من طلب اللجوء أو الحماية الدولية، معتبرة أن هذا الإجراء لا يستند إلى أي أساس قانوني واضح.
وأردفت أنها ترى في استمرار السلطات في تطبيق “الترحيل الفوري” عبر البحر يعد تجاوزا لصلاحياتها القانونية ومخالفا لقانون الأجانب الذي يقتصر على الحالات التي تعبر إلى الجانب الإسباني عبر الأسوار الحدودية.
ومن جانبه، أكد الحرس المدني أن عناصره يعملون في ظروف صعبة، معرضين حياتهم للخطر، حيث قال رشيد صبيحي، الأمين العام لجمعية الحرس المدني الموحد في سبتة، إن: “العناصر يواجهون مخاطر يومية لإنقاذ المهاجرين. ما نحتاجه ليس رسائل شكر من السياسيين، بل وسائل عمل ودعم فعلي لتحسين ظروفنا”.
وذكرت الصحيفة أن الجمعية طالبت الحكومة بتوفير إمكانيات بشرية وتقنية إضافية لمواجهة الضغط المتزايد، متهمة الأحزاب السياسية باستغلال ملف الهجرة لأغراض انتخابية، مبرزا أن البيانات الأمنية أفادت بأن أكثر من 30 مهاجرا لقوا حتفهم هذا العام أثناء محاولتهم عبور البحر نحو سبتة.
وأشارت إلى أن خبراء في قضايا الهجرة يعتبرون أن الأزمة الحالية ناتجة عن غياب تعديل قانوني صريح يحدد كيفية التعامل مع المهاجرين القادمين من البحر، وأن الحكومة الإسبانية كانت تستطيع معالجة هذا الخلاف خلال تعديل قانون الأجانب في مارس الماضي، لكنها اكتفت بتضمين بنود تتعلق بتوزيع القاصرين المهاجرين بين الأقاليم.
واستطردت الصحيفة أن سبتة المحتلة تشهد منذ الصيف الماضي زيادة كبيرة في محاولات العبور سباحة من المغرب، خصوصا بين الشباب المغاربة، حيث أن بيانات وزارة الداخلية الإسبانية أشارت إلى أن 2890 شخصا وصلوا إلى المدينة عبر البحر أو الساحل منذ يوليوز، مقابل 2162 في الفترة نفسها من العام الماضي، أي بارتفاع بلغت نسبته 33.7%.
وأكد الحرس المدني الإسباني أن أغلب هؤلاء المهاجرين من المغاربة، وأن حوالي 90% منهم تتم إعادتهم إلى المغرب بعد اعتراضهم في المياه، باستثناء القاصرين الذين تشملهم قوانين الحماية المحلية في سبتة.

