على الرغم من أن جواز الشباب المغربي، الذي عممته الوزارة مؤخرا على الصعيد الوطني، ما يزال في مراحله الأولى، إلا أن مقارنته بمبادرات مماثلة، كـ”بطاقة الشباب الأوروبية”، المعتمدة في مجموعة من الدول الأوروبية، يتيح فرصة لتسليط الضوء على مكامن النقص وتثمين مكامن القوة به، من خلال الاستفادة من تجارب سابقة وتطوير مقترحات من شأنها أن تخدم الشباب المغربي.
ويظهر عند مقارنة المبادرة المغربية بنظيرتها الأوروبية، أن هناك اختلافات جوهرية بينهما، فعلى مستوى النطاق الجغرافي، تغطي البطاقة الأوروبية 38 دولة، ما يتيح لشبابها الاستفادة من مزايا الجواز في دول أخرى خارج وطنهم الأم، بينما يقتصر استخدام الجواز المغربي على حدود المملكة المغربية.
وتهتم المبادرتان بفئات عمرية مختلفة بعض الشيء، فبينما تستهدف بطاقة الشباب الأوروبية الفئة العمرية بين 12 و30 عاما، يركز جواز الشباب المغربي على شريحة أكبر قليلا، تتراوح بين 16 و 30 سنة.
كما أن البرنامجين يوفران باقة من المزايا في مجالات الثقافة والرياضة والتنقل، إلا أن بطاقة الشباب الأوروبية تتفوق بتقديمها لعروض إضافية تشمل الإقامة وخصومات التسوق.
وفيما يتعلق بطريقة الحصول على جواز الشباب المغربي فتعد الأسهل مقارنة ببطاقة الشباب الأوروبية، حيث يُمكن الحصول عليه بشكل سهل عبر ملء استمارة عبر تطبيق “Pass Jeune” الرقمي.
أما بطاقة الشباب الأوروبية، فتتطلب تقديم بعض الوثائق عبر الإنترنيت، إلى جانب الحصول عليها من شركاء مؤسسة بطاقة الشباب الأوروبية المعتمدة في الدول التي تغطيها، وتصدر عادة لمدة عام واحد.
ويمكن للشباب المغاربة الحصول على الجواز بشكل مجاني من خلال التطبيق المذكور، دون الحاجة إلى دفع أي رسوم، بينما تشترط البطاقة الأوروبية دفع رسوم رمزية تقارب 10 يورو بشكل سنوي تختلف قيمتها من دولة إلى أخرى.
وفي هذا الصدد، اعتبر رشيد الحبيب؛ المدير التنفيذي لجمعية التأهيل للشباب، في تصريح لـ”سفيركم” أن جواز الشباب المغربي خطوة مهمة في مسار تمكين الشباب وتعزيز مشاركتهم الثقافية والاجتماعية عبر توفيره لعدة خدمات وأنشطة على المستويين المحلي والوطني.
ولفت إلى أن المقارنة بينه وبين البطاقة الأوروبية للشباب، يكشف أن هذه الأخيرة أكثر تأثيرا وفاعلية، حيث تتمتع بنضج أكبر وتغطي نطاقا أوسع من الخدمات.
وقال: “بطاقة الشباب الأوروبية، على سبيل المثال، توفر للشباب الأوروبي إمكانية الوصول إلى تخفيضات على وسائل النقل العام، الأنشطة الثقافية، الفعاليات الرياضية، وحتى الدورات التدريبية في مختلف الدول الأوروبية”.
وأكد أنه رغم أهمية المبادرة المغربية، إلا أنها تحتاج إلى مزيد من التطوير لتكون أكثر تنافسية وفاعلية، داعيا إلى توسيع نطاقها ليشمل مجالات أخرى تعكس احتياجات الشباب وتلبي تطلعاتهم.
واقترح المدير التنفيذي لجمعية التأهيل للشباب أن يوفر جواز الشباب فرصا للوصول إلى دورات تدريبية وورش عمل تُساهم في تطوير مهاراتهم المهنية والشخصية، بشكل يعزز حظوظهم في سوق الشغل ويبني ثقتهم بأنفسهم.
ودعا أيضا إلى تضمين المبادرة خدمات صحية بأسعار مخفضة أو مجانية من أجل دعم هذه الفئة في مواجهة التحديات النفسية والاجتماعية، إضافة إلى تمويل مبدئي وبرامج تدريبية لحاملي أفكار المشاريع الصغيرة، بشكل يعزز روح الابتكار لديهم.
وأشار المتحدث ذاته إلى أنه يمكن تسخير هذا الجواز لدعم السياحة الداخلية وتعزيز الهوية الوطنية، في حال تم الاشتغال على تقديم تخفيضات على وسائل النقل والإقامة لتشجيع الشباب على اكتشاف مناطق وثقافات مختلفة من المملكة.
وقال المدير التنفيذي لجمعية التأهيل للشباب “AQJ” إن نجاح المبادرة الوطنية يتطلب الاستفادة من التجارب الدولية الناجحة والنموذجية في هذا الإطار، ولا سيما “البطاقة الأوروبية للشباب”.
وفي هذا الصدد، قدم الحبيب مجموعة من المقترحات المستلهمة من التجربة الأوروبية، كتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، لضمان تنوع الخدمات وفعاليتها، لتشمل المؤسسات التعليمية، الشركات الخاصة، والمنظمات غير الحكومية وغيرها.
وفسر نجاح بطاقة الشباب الأوروبية بتوظيف التكنولوجيا، عبر التطبيقات الذكية والمنصات الرقمية، التي تسهل الوصول إلى الخدمات وتفعل البطاقة بشكل سلس، مبرزا أن تبني المغرب لهذا النهج سيسهل على الشباب الوصول إلى الخدمات، ما يعزز مشاركتهم واستفادتهم.
وذكر أنه يمكن الاقتداء ببطاقة الشباب الأوروبية عبر تنظيم حملات في وسائل الإعلام التقليدية والرقمية، لتعريف الشباب بالمزايا المتاحة وكيفية الاستفادة منها، مع التركيز على أهمية الفرص المتوفرة في الجواز.
وأردف أن نجاح أي مبادرة رهين بتقييمها المستمر، مشددا على أهمية اعتماد هذه المنهجية في المغرب، إسوة بأوروبا، لضمان استمرارية تطوير الجواز وتكييفه مع احتياجات الشباب المتغيرة.
وقال: “في التجربة الأوروبية، يتم إجراء دراسات دورية لتقييم فعالية البطاقة وتحديد المجالات التي تحتاج إلى تحسين”.
وخلص إلى الدعوة إلى إبرام شراكات مع دول أخرى، لإتاحة فرص التبادل الثقافي والخدمات للشباب المغربي في الخارج، وذلك على غرار ما توفره “بطاقة الشباب الأوروبية”.