نستحضر حرب “ستة أيام”، في خضم التصعيد الفلسطيني الإسرائيلي، ووسط إعلان الولايات المتحدة، عن تقديم دعمها العسكري واللوجيستي لإسرائيل، ودعمها في حربها ضد “كتائب القسام”، ويعود بنا التاريخ إلى 8 يونيو 1967، حين أزهقت إسرائيل أرواح أمريكيين بالخطأ، وهاجمت سفينة تابعة لدولة تعد من أخلص حلفائها.
وترجع أحداث هذه الواقعة، إلى الفترة ما بين 5 و10 يونيو 1967، حين هاجمت القوات الإسرائيلية، بشكل مفاجئ، مواقع القوات العسكرية المصرية، فأسقطت العديد من طائرات سلاحها الجوي، ومنذ اليوم الأول من الحرب على الدول العربية، دمر سلاح الجو الإسرائيلي، أكثر من 90 في المئة، من سلاح الجو المصري، وهو ما يزال على الأرض، وكانت حرب “ستة أيام”، التي هزمت فيها إسرائيل كل من مصر، وسوريا، والعراق والأردن، كفيلة بتغيير وجه الشرق الأوسط إلى الأبد.
وأسفرت الغارات، التي شنتها إسرائيل آنذاك على مصر، عن احتلالها لمناطق الجولان السوري وأراضي سيناء المصرية، وفي خضم هذه الحرب التي دامت “ستة أيام”، شهدت المنطقة توترات قوية بين الدول العربية الأربعة وإسرائيل، إضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، التي تمت مهاجمة سفينة تابعة لها، تدعى “يو أس أس ليبرتي USS Liberty”، في البحر الأبيض المتوسط، ما خلف موت العديد من الأمريكيين، الذين كانوا على متنها.
وكانت الولايات المتحدة، قد أعلنت قبل أسبوع من اندلاع حرب “ستة أيام”، أنها ستلتزم بموقف الحياد، في التوترات المندلعة آنذاك، بين إسرائيل والدول العربية المجاورة لها، وأرسلت سفينة “يو أس أس ليبرتي”، إلى المياه الإقليمية المصرية، وأسندت إليها مهمة رصد إشارات إلكترومغناطيسية في المنطقة، وكذا مراقبة جميع التحركات هناك، للتصدي لأي هجوم محتمل عليها.
وكان يوم 8 يونيو 1967، يوما أسودا على أمريكا، حين تعرضت السفينة، لهجمات مفاجئة وجهتها لها إسرائيل، استعملت فيها طائرات من نوع “ميراج 3” و”ميستار 4″، إلى جانب قنابل وقذائف “النابالم”، كما تعذر عليها الاتصال بالقيادة الأمريكية، لأن الطائرات الإسرائيلية شوشت على أجهزة اتصالها.
وبعد محاولات متكررة، تمكنت من الاتصال بحاملة الطائرات “سارغوتا، التي أرسلت 12 طائرة حربية من أجل حماية السفينة، لكن أمرا من وزير الدفاع الأمريكي آنذاك، روبرت ماكنامارا، دفع هذه الطائرات إلى التراجع، فبقيت السفينة وحيدة، تواجه براثن الموت التي نشبتها إسرائيل.
وحين وجد الطاقم نفسه وحيدا في مواجهة إسرائيل، قرر إخلاء السفينة، واللجوء إلى قوارب النجاة، على الرغم من أن هذا القرار، كان فيه خرق لقوانين البحرية الدولية، فعمدت إسرائيل إلى استهداف قوارب النجاة كذلك، لتسفر هذه الحادثة في النهاية، عن مقتل 34 أمريكي وإصابة 171 آخرين.
وعبرت إسرائيل بعدها، عن أسفها واعتذارها لما حصل للطاقم الذي كان متواجدا في السفينة، لافتة إلى أن استهدافها لسفينة “يو أس أس ليبرتي”، كان عن طريق الخطأ، مؤكدة أنها ستفتح تحقيقا في الحادثة، بالتعاون مع أمريكا.
وبعد الحادثة بسنة، أي في ماي 1968، منحت إسرائيل تعويضات قدرها 3.32 مليون دولار، لأسر ضحايا الحادثة، لتقرر بعدها بسنة أن تقدم تعويضات إضافية، بلغت 3.57 مليون دولار للمصابين، وقدمت 6 ملايين دولار للأميركيين، كتعويض آخر في بداية الثمانينات.
تعليقات( 0 )