أطلق المركز الدولي لمبادرات الحوار، نقاشا حول آفاق الاندماج المغاربي حيث تطرق في ورقة بحثية بعنوان: “من أجل إحياء المشروع المغاربي المشترك”، إلى أبرز التحديات والعراقيل التي واجهت هذا المشروع، والتي حالت دون تحقيق حلم اتحاد مغاربي متكامل وفاعل، رغم مرور أكثر من ثلاثة عقود على تأسيسه.
وحاولت الورقة مقاربة أسباب هذا الإنغلاق ، في مسار بناء الإتحاد المغاربي المتوقف منذ ولادته، من خلال الحديث عن دور الجزائر والمغرب في هذا الأمر، حيث تناولت دور البلدين في ذلك، وتوقفت عند إعلان الجزائر قطع علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب في غشت 2021،” حيث دخلت علاقات البلدين مرحلة غير مسبوقة من التوتر، تجاوزت البرود التقليدي إلى شبه قطيعة شاملة”.
كما اعتبرت الورقة كذلك، أن “توقيع المغرب اتفاقيات أمنية مع إسرائيل، ساهمت في تأجيج الأزمة بشكل غير مسبوق. هذا التصعيد يهدد استقرار المنطقة المغاربية، ويقوض آفاق التعاون والتكامل الإقليمي، في ظل غياب قنوات حوار فعالة ووساطات ناجعة”.
وإذا كان المركز، من خلال هذه الورقة، قد ساوى بين الممارسات الجزائرية، وخاصة قرار قطع جميع العلاقات الديبلوماسية مع المغرب، وقرارات المغرب التي لا تعني الجزائر، في سياق الكشف عن أسباب عرقلة مشروع الإنذماج المغاربي ، فإن المراقبين يرون أن العسكر الجزائري، كان هو المعرقل الدائم بسبب سياساته العدائية للمملكة، وللمشروع المغاربي.
وفي هذا السياق يقول خالد الشيات، أستاذ القانون العام والعلوم السياسية، بجامعة محمد الأول بوجدة، إن” أزمة الاندماج المغاربي، تتمحور بالأساس في رغبة الجزائر في الهيمنة وإخضاع دول الإتحاد لها” مضيفا : “هناك دولة لا زالت تؤمن بمفهوم الهيمنة، وكلمات من قبيل التكامل والإندماج لا تفهمها، إضافة إلى أن بنيتها الاقتصادية، غير متناسبة مع مجال اقتصادي منفتح أو متكامل أو تنافسي”.
وأوضح الشيات في تصريح لموقع “سفيركم”، ” أن البنية السياسية والاقتصادية الجزائرية غير مساعدة، لأنه اقتصاد ريعي، يرتكز على انتاج البترول والغاز وتسويقه، وتستعمل مزاياه المالية، في إضعاف المحيط، حتى يكون خاضعا لها”، لافتا إلى “أن هذه هي الرؤية التي تحكم الجزائر في المنطقة”.
وبالنسبة للدول الأخرى، قال المتحدث، إن تونس “أصبحت خاضعة للمنطق الجزائري، بينما تشهد ليبيا أزمة سياسية خانقة”، معتبرا أن “هذا الوضع يفضي إلى عدم استقرار سياسي، إضافة إلى غياب قاعدة فكرية وتصورية ناضجة للفضاء المغاربي، ووجود توجهات هيمنية لدى الجزائر، كلها عوائق أمام البناء المغاربي”.
وختم الشيات بالقول، إن “الدور الذي يجب أن تقوم به الدول اليوم، هو فهم مدى التحديات الكبيرة التي يعاني منها العالم، والمنطقة المغاربية التي تقع في قلب هذه التحديات، وهو الأمر الذي لا تستوعبه بعض الأنظمة السياسية، كما هو الحال في الجزائر، حيث تستمر في خدمة أجندات لا تخدم تطلعات شعوب المنطقة، بل كل ما تفعله هو محاولة البقاء كدولة والهيمنة على مجالها، والدليل مشاكلها في النيجر ومالي وغيرها من الدول المحيطة”.