سلط الخبير التربوي، عبد الرزاق بن شريج، الضوء على الإشكالات التي تعرقل عملية التوجيه المدرسي بالمغرب، مبرزا التفاوت بين الوثائق الرسمية والممارسة الفعلية داخل المؤسسات التعليمية، ومؤكدا أن نفص الإمكانيات البشرية واللوجستيكية يشكل أحد أبرز العوائق التي تحول دون تحقيق أهداف هذه العملية الحيوية في المسار الدراسي للتلاميذ.
وقال الخبير التربوي عبد الرزاق بن شريج، في تصريح خص به موقع سفيركم الإلكتروني، إن التوجيه والإعلام المدرسي، ينطلق نظريا وفق الوثائق الرسمية لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، من السنوات الأولى للتعليم الابتدائي، مضيفا أن الوزارة وضعت مجموعة من البرامج لدعم هذه المرحلة، من بينها ما يُعرف بـ”مشروع المتعلم”، وهو عبارة عن وثيقة أو بحوث ينجزها التلميذ، تساهم في بناء شخصيته بالاعتماد على النفس وتحقيق الرغبات، وتمكين الأستاذ من التعرف على ميولات المتعلمين وتوجهاتهم.

وأشار إلى أن هذا المشروع يُفعل تدريجيا مع تقدم التلميذ في المستويات الدراسية، بدءا من السنة الأولى ابتدائي، حيث يتم اعتماد صور بسيطة بحكم عدم تمكن المتعلم من الكتابة، ويستمر المشروع خلال السنوات الدراسية اللاحقة، كجزء من عملية التوجيه المبكر، لافتا إلى أن هناك صعوبات عديدة لتنزيله على أرض الواقع.
وأضاف أن الوزارة اعتمدت أيضا برامج للتوجيه في مرحلة التعليم الإعدادي، من خلال ما يُعرف بـ”الأستاذ الكفيل”، الذي يفترض أن يتولى مهمة توجيه التلاميذ ومواكبتهم في بعض الحصص، مضيفا أنه على الرغم من تكوين عدد من الأساتذة للقيام بهذه المهمة، إلا أنها لم تنجح ولم تحقق النتائج المرجوة منها.
وأوضح الخبير أن العملية التوجيهية المستمرة تكمن في العمل الذي يمارسه مستشارو التوجيه ابتداء من مرحلة التعليم الإعدادي، إلا أن تركيزهم ينصب غالبا على السنة الأخيرة من سلك الباكالوريا، لافتا إلى الفرق بين “التوجيه المدرسي” و”الإعلام المدرسي”، معتبرا أنهما مجالان مختلفان رغم اشتراكهما في نفس الهدف.
وأكد على أن التوجيه بحسب وثائق الوزارة يبدأ من المستوى الابتدائي، لكنه يبقى على المستوى العملي “غير مفعل” و”غير ناجح”، رغم وجود مجموعة من الاجتهادات.
وذكر الخبير التربوي في تصريحه أن التوجيه المدرسي في المغرب يواجه عددا من التحديات الكبرى، على رأسها النقص الحاصل في عدد مستشاري التوجيه، إلى جانب غياب الحجرات المخصصة لحصص التوجيه داخل المؤسسات التعليمية.
وتابع أن التوجيه المدرسي يواجه تحدي الزمن المدرسي، حيث إن جداول الحصص الخاصة بالتلاميذ ممتلئة بالكامل، داعيا إلى تخصيص حصص توجيه رسمية، ضمن حصص الدراسة، بدل اعتبارها مجرد أنشطة هامشية أو ثانوية.
وواصل أن ضعف الوسائل اللوجستيكية، وغياب التحفيزات وأدوات الاشتغال بالنسبة للمستشارين والمفتشين العاملين في مجال التوجيه، يؤثر بشكل مباشر على جودة هذا العمل وعلى إمكانيات التفاعل الفردي مع التلاميذ، مؤكدا أن الاكتظاظ داخل المؤسسات التعليمية يصعب على الموجه إجراء لقاءات فردية مع جميع التلاميذ، كما يحد من قدرته على تقييم ميولاتهم بدقة.
وبين أن مهمة الموجه لا تقتصر فقط على تقديم النصح، بل تشمل أيضا دراسة نتائج التلاميذ وتحليلها، لتحديد المواد التي يواجهون فيها صعوبات، وتوجيههم نحو المسارات الدراسية التي تتناسب مع كفاءاتهم.
واستطرد أن عملية التوجيه تتم تحت إشراف وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، غير أن المختص في هذه العملية هو مفتش التوجيه، الذي يؤطر ويراقب المستشارين في التوجيه الذين يتواصلون بشكل مباشر مع التلاميذ من أجل إرشادهم وتوجيههم وإطلاعهم على مختلف المسارات المتاحة.
وختم الخبير التربوي تصريحه بالتأكيد على أن البرامج المعتمدة في التوجيه تبدو قوية على مستوى التنظير، لكنها تظل غير قابلة للتطبيق العملي في غياب الوسائل الأساسية، ما يضعف فعاليتها ويؤثر على مستقبل التلاميذ واختياراتهم الدراسية والمهنية.