خبير لـسفيركم: مقياس “النجاح” يدفع بالشباب المغربي للمغامرة والهجرة

يختار عدد من الشباب المغربي الهجرة إلى الضفة الأخرى، التي يرونها تلك الجنة والحلم الذي تتحقق فيه جميع الطموحات والوصول إلى حرية مالية ، وهي أحلام بدأت تبنى لدى الشباب المغربي، بعد ضغوطات اقتصادية واجتماعية، من بطالة وارتفاع تكلفة العيش.

وتشمل رغبة الهجرة حتى الذين درسوا وتخرجوا ولم يجدوا وظيفة، فيدفعهم الإحباط إلى الهجرة بأمل أنها الحل الوحيد نحو تحقيق الذات والوصول إلى أهداف كانوا قد رسموها ببلدهم فلم تر النور.

وفي هذا الإطار صرح ل”سفيركم” أستاذ علم الاجتماع بجامعة محمد الخامس بالرباط الدكتور عبد الرحيم عنبي أن “هناك عوامل كثيرة دفعت الشباب للهجرة منها عوامل اقتصادية وعامل البطالة، ولكن هناك عامل ربما هو الأكبر، تشكل لدى الشباب المغربي و هو مقياس النجاح. حيث لم تعد الوظيفة العمومية أو مشروع  في المغرب هو مقياس النجاح لديهم، ولكن أصبح هو الوصول إلى الضفة الأخرى”.

ولم يقتصر الشباب المهاجر في مقارنته بين بلده وأوروبا على الجانب المادي فقط، ولكن بدأ أيضا يرى جانب الحريات حيث قال عنبي “بدأت هنا المقارنة ليس فقط من الناحية المالية ولكن المقارنة من حيث الاستمتاع بالحريات الفردية، من حيث كذلك بروز توجهات وميولات.. وأن العيش الرغد في الضفة الأخرى. وأنه يمكن أن تمارس الحياة بدون أي رقابة قانونية مغربية سواء بالشريعة أو العرف أو القانون الجنائي أو مراقبة الأسرة والمجتمع. إذن هنا بدأ التحرر من هذا الضمير الجمعي”.

إلا أن تعطش الشباب المغامر من أجل تحقيق كل هذه التوقعات والوصول للضفة الأخرى يجعلهم غافلين عما ينتظرهم أحيانا، من معاناة، حيث لا يدركون الأشياء الخفية التي تنتظرهم ربما “هؤلاء الشباب الذين يقارنون بين أوروبا والمغرب بمقياس النجاح وأن النجاح لا يوجد إلا في أوروبا، يغيب عنهم الكثير، أو ربما لا يبحثون في نسبة المهاجرين الذين يعيشون مشردين في أوروبا سواء بإيطاليا أو أسبانيا أو فرنسا وهولاندا وبلجيكا. فتغيب عنهم نسبة المهاجرين المغاربة الذين يتواجدون بالسجون الأوروبية إما لتورطهم في تجارة المخدرات أو القتل أو السرقات. وأيضا إصابة عدد من المهاجرين بأمراض عقلية ونفسية لأنهم اصطدموا بواقع مخالف لما حلموا به، فمنهم من عاد ومنهم من بقي متشردا هناك ويعاني”، يضيف عنبي.

ونبه عنبي إلى أن “هناك حقيقة أخرى هو عدد المفقودين الذين توفوا في البحر سواء في المحيط الأطلسي أو البحر الأبيض المتوسط أو كذلك الذين اختاروا طريق تركيا للهجرة واليونان والدخول في طريق طويل، يتعرضون فيه للعنف والاغتصاب وللسرقات وللقتل فهي طريق محفوف بالمخاطر ولكنهم رغم ذلك يغامرون بكل شيء للوصول إلى أوروبا”.

وختم أستاذ علم الاجتماع قوله ل”سفيركم” أن “الذي يتحكم هنا هو مقياس النجاح، فبالنسبة لهم هو، الوصول إلى هناك والعودة إلى المغرب بالسيارات وبالهدايا وبناء المنازل وشراء العقارات وغيرها . ولكن هذا في الواقع لو أجرينا دراسات ميدانية سنطرح السؤال من هم اللذين استطاعوا أن يحققوا هذه الثروات؟”.

فالمهاجر الذي يشتغل ب”شكل عادي وبطرق شرعية أو معترف بها قانونيا أو مع الدولة فعلا حققوا نجاحا لكن ليس بالشكل الذي يتصوره الشباب المغربي أو ليس بالشكل الذي يرونه ربما عند بعض المهاجرين”، وفق عنبي.

وأشار المختص في علم الاجتماع أن الهجرة بالمغرب عموما مرت من مرحلة قصرية فكانت هجرة مفروضة حيث كانت أوروبا في حاجة ليد عاملة بعد أن خرجت من حربين عالميتين مدمرة وكانت تأتي باليد العاملة من المستعمرات. ومرحلة أخرى من الهجرة التي عرفها المغرب في الثمانينيات من القرن الماضي والتي كانت بهدف استكمال الدراسة بأوروبا حيث بعد التخرج من الجامعة كانت الدراسات العليا والتخصصات آنذاك متوفرة بأوروبا.

ومن هنا يتضح أن الهجرة بالمغرب تحولت من قصرية مفروضة إلى هجرة من أجل التعليم والمعرفة لتنتقل منذ التسعينيات إلى الآن إلى هجرة مرغوب فيها بشتى الوسائل التي يختارها الشباب المغربي، مغامرا بحياته عبر قوارب الموت أو عبر اجتياز الحدود، رغم إدراكه للمخاطر التي تنتظره وهو في طريقه للحلم الذي يمكن أن يكون وهما بمجرد الوصول أو موتا في أعماق البحار.

مقالات ذات صلة

المتقاعدون يعودون للإحتجاج أمام البرلمان

التلقيح ضد الإنفلوانزا الموسمية.. حمضي ل"سفيركم": قد تكون مميتة وحان وقت التطعيم

الإنفلونزا الموسمية: بين الوقاية بالتطعيم وخطر المضاعفات القاتلة

الحنصالي: التعليم الخصوصي استثمار في الإنسان وفي الرأسمال البشري وليس في الأموال

الشافعي: أثمنة اللحوم لن تنخفض مباشرة بعد الاستيراد وعلى الحكومة تسقيف الأسعار

جدل تدريس الأساتذة بالقطاع الخاص.. السحيمي لـ”سفيركم”: الأمر ليس مستجدا

الشامي: 86 في المائة من المغاربة مدمجون في التأمين الإجباري عن المرض

المغرب يحقق تقدما في مؤشر الأداء المناخي ويواصل ريادته في مجال الحياد الكربوني

فرض ضريبة 30% على “المؤثرين”: محامي يكشف التحديات الجديدة في القطاع

المجلس الاقتصادي: الطفل المغربي ضحية لمنصات التواصل بسبب ضعف آليات الرقابة

تعليقات( 0 )