في تطور مقلق يسلط الضوء على أزمة المياه العالمية، كشفت دراسة حديثة أن حوالي 4.4 مليار شخص حول العالم يستهلكون مياها غير صالحة للشرب، وهو عدد يتجاوز ضعف التقديرات السابقة التي قدرت بأن حوالي 2.2 مليار شخص يعانون من نفس المشكلة، ما يؤكد أن الوصول إلى المياه النظيفة لا يزال تحديا كبيرا في القرن الـ21.
وأوضحت هذه الدراسة، التي نشرت نتائجها في مجلة “Nature“، والتي أشرف عليها فريق بحثي بقيادة إستير غرينوود من المعهد الفيدرالي السويسري لعلوم وتكنولوجيا المياه، أن ما مجموعه 4.4 مليار شخص في العالم لا يشربون مياها نظيفة وصالحة لللشرب.
واعتمدت هذه الدراسة، التي تعد واحدة من أكثر الدراسات شمولية وتفصيلا في تقييم جودة مياه الشرب، على تحليل بيانات حوالي 64,723 أسرة من ما مجموعه 27 دولة ذات دخل منخفض ومتوسط، خلال الفترة الممتدة من 2016 إلى 2020، كما تم استخدام تقنيات متقدمة مثل تعلم الآلة والبيانات الجغرافية من أجل تحديد مدى وصول نصف سكان العالم إلى المياه النظيفة والصالحة للشرب.
وذكرت نتائج هذه الدراسة، أن حوالي 4.4 مليار شخص يستهلكون مياها غير آمنة، مشيرة إلى أن الدول التي لا يصل أغلب سكانها إلى المياه الصالحة للشرب تتركز في مناطق جنوب آسيا وإفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وأضافت أن ما يزيد من خطورة هذا الوضع، هو أن حوالي نصف هذا العدد يعتمدون على مصادر مياه ملوثة بالبكتيريا الإشريكية القولونية، وهي نوع من البكتيريا التي تتسبب في أمراض خطيرة.
ولفتت الورقة البحثية إلى أنه على الرغم من أن الأمم المتحدة وضعت في سنة 2015 أهداف التنمية المستدامة، التي من بينها توفير مياه شرب آمنة وميسورة التكلفة للجميع بحلول عام 2030، إلا أن هذه الدراسة تكشف عن فجوات كبيرة في تحقيق هذه الأهداف، فقد كانت التقديرات السابقة التي اعتمدت على بيانات من إحصائيات وطنية وتقارير الهيئات التنظيمية واستطلاعات الأسر، تجزم بأن عدد من يفتقرون إلى مياه شرب آمنة يبلغ حوالي 2.2 مليار شخص فقط.
وكان قد اعتمد برنامج الرصد المشترك لإمدادات المياه والصرف الصحي والنظافة، وهو تعاون بحثي بين منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف”، في تقديراته لعام 2020 على بيانات تم جمعها من الإحصائيات الوطنية وتقارير الهيئات التنظيمية ومقدمي الخدمات واستطلاعات الأسر، فخلص البرنامج إلى أن 2.2 مليار شخص من حول العالم يفتقرون إلى مياه شرب نظيفة.
وأكدت الدراسة أن فريق غرينوود قد استخدم نهجا دقيقا وأكثر شمولية، ما أسفر عن الوصول إلى ضعف العدد المسجل سابقا، حيث أوضحت غرينوود أن البيانات الحالية حول جودة مياه الشرب لا تغطي سوى نصف سكان العالم، ما يجعل من الصعب تحديد حجم المشكلة بشكل دقيق، قائلة: “إن الوضع الحالي غير مقبول ويستدعي تدخلا عاجلا”.
وقال تشينغتشينغ زاي، عالِم البيانات في جامعة نوتردام في إنديانا، في تعليق له على الدراسة، بأنها تسلط الضوء على “الحاجة الملحة إلى إيلاء المزيد من الاهتمام إلى جودة المياه”، مشيرا إلى أن جودة المياه قد تتغير بمرور الوقت بسبب عوامل بيئية مختلفة، ما يجعل من الضروري تحديث البيانات بشكل دوري لضمان دقتها، مستطردا: “أيا كان الرقم الذي تم الخلوص إليه، سواء كان مليارين أو أربعة مليارات، فإن العالم لا يزال أمامه طريق طويل لتلبية حقوق الناس الأساسية”.