سميرة سيطايل، هي قصة واحدة من آلاف النساء، اللواتي جرفتهن الأقدار إلى ضفاف أخرى، وبقين مع ذلك متمسكات بعروة الوطن، من خلال حبهن الأبدي، وعزيمتهن الحديدية، وإرادتهن القوية وطموحهن الجامح، نقشت اسمها على صفحات التاريخ، ليحق القول أنها فعلا “مغربية حرة”.
لم تكن تعلم سميرة سيطايل، التي اختارت درب صاحبة الجلالة، وسبرت أغواره وكانت أدرى بشعابه ودواخله، أن الأقدار ستسوقها يوما ما، إلى عالم الديبلوماسية، وأنها ستنال شرف تعيينها، كسفيرة الملك لدى الجمهورية الفرنسية.
وسميرة سيطايل، هي من مواليد 16 ماي 1964، نشأت في العاصمة الفرنسية باريس، وحصلت هناك على الإجازة في الدراسات الإنجليزية.
وسلكت خطواتها الأولى في درب صاحبة الجلالة، حين قامت بدورات تدريبية، في مجموعة من المنابر الإعلامية الفرنسية، من قبيل قناة “تي إف 1″ العمومية، وقناة ” كانال بلوس”، لتقرر بعدها طلب تدريب في الإذاعة والتلفزة المغربية، فعادت إلى المغرب وبدأت كمتدربة، لكنها بدأت في سنة 1987، وظيفتها الأولى في قناة “صورياد دوزيم”.
وبفضل عملها الدؤوب، واجتهادها المتواصل ومهنيتها العالية، تمكنت سميرة سيطايل، التي بدأت كمتدربة في القناة الثانية، ثم مقدمة برامج تلفزيونية، أن تتسلق سلم المناصب بهذه القناة، وتصبح مديرة الأخبار، وكذلك نائبة المدير العام.
وشغلت سيطايل لمدة 30 سنة، منصب مديرة الأخبار بالقناة الثانية، لكنها بصمت على مجموعة من التجارب المميزة في مسارها المهني، ومن بين هذه التجارب، اشتغالها كمقدمة تلفزيونية، لمجموعة من البرامج والوثائقيات، التي كانت تبث باللغة الفرنسية.
وتألقت سميرة التي كانت قد أعلنت “دوزيم”، عن مغادرتها القناة مطلع سنة 2020، في تقديم عدد من البرامج الحوارية، من قبيل “لوم أو كيستيون” و”بور تو فو دير” و”ملف خاص”.
بالإضافة إلى برنامجها الشهير “ضيف خاص”، الذي حاورت من خلاله مجموعة من الشخصيات الشهيرة، ويتعلق الأمر بنيلسون مانيدلا، وبان كي مون، وهيلاري كلينتون، ةشيمون بيريز وخوسي ماريا أزنار، وكذلك ماكي سال، وفرانسوا متيراند وأيضاً ابراهيم بوبكار كيتا.
ولم يقتصر إبداع الإعلامية المغربية، على جانب الصحافة والإعلام فقط، بل كان للسينما أيضا نصيب منه، حين اشتغلت في السينما التسجيلية، وأخرجت شريطا تاريخيا غير مسبوق، تحت عنوان “مذكرات المنفى”، حيث استرجعت فيه حادثة نفي فرنسا للملك الراحل محمد الخامس والأسرة الملكية، في سنة 1953 إلى مدغشقر.
وبالرغم من نجاحاتها إلا أن مواقفها السياسية لم تكن محببة لدى الكثيرين، خاصة مناصري التيار الإسلامي بالمغرب، حيث أنها في أكثر من مناسبة، كانت تبدي عداءها له، وتحمله المسؤولية المعنوية لأحداث 16 ماي 2003 الإرهابية، بمدينة الدار البيضاء.
كما كانت رافضة كل الرفض لقضية “دفاتر تحملات القطب العمومي”، رفقة كل من فيصل العرايشي وسليم الشيخ، المعروفين بتوجههما العلماني الفرنكوفوني، معتبرين هذه القضية بمثابة محاولة مبيتة، لقتل القناة الثانية ومسحها عن الوجود، ما جعل سميرة تدخل في صراعات مباشرة مع عبد الإله بنكيران، الذي كان رئيس الحكومة آنذاك، ومصطفى الخلفي، وزير الاتصال في نفس الحكومة.
وحين عين زوجها سنة 2008، سفيرا للمغرب بالمملكة البلجيكية ودوقية لوكسمبورغ الكبرى، ومن سنة 2016 إلى 2018، سفيرا للمغرب لدى جمهورية اليونان وجمهورية قبرص، خالفت سميرة سيطايل ما تقتضيه الأعراف الدبلوماسية، فلم تلتحق بزوجها، بل فضلت البقاء في المغرب، والاستمرار في عملها كمديرة للنشرة الإخبارية بالقناة الثانية.
وخلال أزمة الزلزال الذي ضرب منطقة الحوز بالمغرب، يوم 8 شتنبر الماضي، نالت سميرة إشادة واسعة بعد مرورها في أحد البرامج الحوارية الفرنسية، التي كانت تناقش الأزمة بين فرنسا والمغرب، حين ردت بقوة على المغالطات التي حاول الإعلام الفرنسي تمريرها.
كل هذه التجارب المهنية والحياتية، التي راكمتها سميرة سيطايل، والتي جعلت منها امرأة ذات رأي حكيم، وعقل رجيج وحنكة إعلامية، أهلتها لأن تخط صفحة أخرى من سيرتها، في مجلد التاريخ المغربي، ليس كإعلامية بل كسفيرة عينها الملك محمد السادس.
تعليقات( 0 )