تتواصل تداعيات القرار التي أحدثتها محكمة العدل الأوروبية (CJUE) بشأن اتفاقيات الصيد البحري بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، الذي أثارته ثلاثة أحكام صادرة في 4 أكتوبر.
وذكرت صحيفة ” Le point “ الفرنسية، بأن مسؤولا كبيرا في الاتحاد الأوروبي، وصف قرار محكمة العدل الأوروبية بأنه “تجاوز للسلطة” قائلا، “إن ما تفعله المحكمة من خلال هذا الحكم الفردي، هو محاولة، في الواقع، لتغيير الموقف الرسمي للاتحاد الأوروبي بشأن قضية من قضايا السياسة الخارجية”.
وأشار المسؤول الأوروبي الذي رفض ذكر إسمه، حسب “لوبوان” إلى “أن معاهدة لشبونة لا تمنح المحكمة الحق في تحديد سياسة الاتحاد الخارجية؛ فهذا الدور هو من اختصاص المجلس الأوروبي”.
وقالت الصحيفة إن النائب الاشتراكي الإسباني نيكولاس غونزاليس كاساريس، وصف الوضع بأنه “اعتراف بالفشل”، داعياً المفوضية الأوروبية إلى “التحرك سريعاً” في إشارة إلى الأهمية الاقتصادية والاجتماعية للاتفاق بالنسبة لأسطول الصيد الإسباني والقطاع بشكل عام.
ووفق الصحيفة الفرنسية، فإن الأرقام تشير بوضوح إلى أن الاتفاق كان يتيح لـ 128 سفينة من 11 دولة عضو في الاتحاد الأوروبي الصيد في المياه المغربية، وكانت إسبانيا أكبر المستفيدين منه، حيث تمتلك 93 سفينة.
وشدد غونزاليس كاساريس على خطورة الوضع في منطقة قادش، التي تُعد الأكثر تأثرا بقرار المحكمة، إذ أن 20٪ من الإنتاج الإجمالي للصيد البحري في إسبانيا من المياه المغربية، يأتي من المنطقة الإسبانية، ما يجعل الوضع حرجًا بالنسبة للبلاد.
وفي سياق متصل بدأت تظهر إلى جانب التأثيرات الاقتصادية المباشرة، المخاوف الجيوسياسية، فقد أشار غونزاليس كاساريس إلى احتمال تقارب بين المغرب وروسيا إذا ما تأخر الاتحاد الأوروبي في الرد، وهي مخاوف لها ما يبررها، حسب البرلماني الإسباني، تضيف الصحيفة الفرنسية.
وقالت Le Point، إنه تم تمديد اتفاق الصيد البحري بين المغرب وروسيا، الذي انتهى في شتنبر، حتى نهاية العام، مباشرة بعد صدور قرار المحكمة الأوروبية، وفقا لوكالة الأنباء الإسبانية “يوروبا برس”.
واستطردت الصحيفة المذكورة، أن هذا التوتر يعكس اضطرابا عميقا داخل السلطة التنفيذية الأوروبية، فخلال اجتماع لجنة الصيد البحري في البرلمان الأوروبي في 17 أكتوبر، تبنّى ممثل المفوضية الأوروبية موقفا حذرا ومترقباً، مشيرا إلى أن “المفوضية لا تزال تدرس الأمر لتحديد تبعاته”، محذرا من خلط السرعة بالتسرع وهو حذر يتناقض بشكل صارخ مع الشعور الملحّ لدى النواب من المناطق المتضررة مباشرةً من قرار محكمة العدل الأوروبية.
وأوضحت الصحيفة ذاتها، بأن التمديد الروسي للاتفاق يمنح السفن الروسية حصة سنوية للصيد تصل إلى 140 ألف طن، معظمها من الأسماك الصغيرة في المنطقة الاقتصادية الأطلسية للمغرب، مشيرة إلى أن الأمر الأكثر إثارة للقلق هو اجتماع اللجنة المشتركة بين المغرب وروسيا، الذي بحث إمكانية توسيع التعاون ليشمل الواجهة الأطلسية بأكملها، من طنجة إلى الكويرة، وهو ما يثير مخاوف بروكسل ومدريد.
وأمام هذه الرجة الدبلوماسية والقانونية، تسعى فرنسا إلى لعب دور الوسيط، ففي بيان مقتضب، أعلن “قصر كاي دورسيه” (الخارجية الفرنسية) عن “أخذها العلم” بالأحكام الصادرة عن محكمة العدل الأوروبية، مع التأكيد على “التمسك العميق” بالشراكة “الاستثنائية” مع المغرب.
وستكون هذه السياسة المتوازنة موضع اختبار خلال زيارة الرئيس إيمانويل ماكرون إلى الرباط بين 28 و30 أكتوبر، والتي من المرجح أن تكون مناسبة لتوضيح بعض النقاط الدبلوماسية الحساسة.
تعليقات( 0 )