أعلن الدفاع المدني في غزة مقتل 80 فلسطينيا على الأقل، بينهم 25 في جباليا شمالي القطاع، جراء غارات جوية إسرائيلية منذ فجر الأربعاء، بينما دعا الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش الى وقف إطلاق النار والسماح بدخول المساعدات الى القطاع حيث تتزايد الأزمة الانسانية الحادة.
من جهته، التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف وبحثا إطلاق سراح الرهائن، مع وجود وفد إسرائيلي في الدوحة لاستكمال المفاوضات بشأن التوقف الى اتفاق لوقف إطلاق النار.
والأربعاء، وصل الرئيس الأميركي دونالد ترامب الى العاصمة القطرية، في ثاني محطة له ضمن الجولة الخارجية الرسمية التي يجريها في الخليج، وهي الأولى له خلال ولايته الثانية.
ومن برلين، قال غوتيريش عقب لقائه المستشار الألماني فريدريش ميرتس “في ما يتعلق بغزة، أكرر دعوتي للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن، وإتاحة وصول المساعدات الإنسانية من دون عوائق، والوقف الفوري للأعمال العدائية، ما يتيح إطلاق مسار لا رجعة فيه نحو حل الدولتين”.
وتمنع إسرائيل دخول المساعدات الى القطاع المدمّر منذ مطلع آذار/مارس، وقد استأنفت في 18 من ذاك الشهر ضرباتها بعد هدنة هشة استمرت شهرين. كما أكدت الدولة العبرية أنها تعتزم توسيع عملياتها العسكرية.
وأعلن مكتب نتانياهو أنه بحث مع ويتكوف وفريقه التفاوضي “قضية الرهائن والمفقودين”، وذلك بعد ثلاثة أيام من إفراج حماس عن الجندي الإسرائيلي الحامل الجنسية الأميركية عيدان ألكسندر إثر مفاوضات مباشرة بين الحركة وواشنطن عقدت في الدوحة
وأكد المبعوث الأميركي أن ترامب “أجرى محادثة بنّاءة حقا” مع أمير قطر بشأن اتفاق بشأن غزة، مضيفا “نحن نتحرك قدما ولدينا خطة جيدة معا”.
ميدانيا، قال محمد المغير مدير الإمداد الطبي في الدفاع المدني لوكالة فرانس برس “وصل عدد الشهداء اثر القصف الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة مُنذ فجر اليوم (الأربعاء)… إلى 80 شهيداً بينهم 59 في شمال القطاع”.
وكان الدفاع المدني أعلن صباح الأربعاء “نقل 25 شهيدا على الأقل وعشرات الجرحى جراء الغارات الجوية الإسرائيلية الدامية فجر اليوم في مخيم جباليا وبلدة جباليا” في شمال القطاع.
وفي هذه البلدة، أظهرت لقطات فرانس برس عددا من النساء يبكين بجانب جثث لفت بأكفان بيضاء ملطخة بالدماء.
وصرخت إحداهن “إنه رضيع عمره تسعة أشهر. ماذا فعل؟”.
وقال حسن مقبل الذي فقد بعضا من أقاربه في القصف “لا توجد بيوت صالحة للعيش. لا أكل ولا شرب. من لا يموت من الصواريخ يموت من الجوع، ومن لا يموت من الجوع يموت من قلة الأدوية”.
– “جثث الشهداء على الأرض” –
وقال الطبيب محمد عوض الذي يعمل في قسم الطوارئ في المستشفى الأندونيسي في بيت لاهيا لفرانس برس إن “المستشفى لم يتسع للمصابين، لا توجد أسرة كافية ولا أدوية ولا إمكانيات لعمليات جراحية أو علاجية ما يجعل الأطباء عاجزين عن إنقاذ العديد من المصابين الذين يموتون بسبب عدم تلقي العلاج”.
وأضاف “جثث الشهداء على الأرض في الممرات في المستشفى بعدما امتلأت ثلاجة الموتى… الوضع كارثي بكل معنى الكلمة”.
ومساء الأربعاء، أصدر الجيش الإسرائيلي إنذار إخلاء “فوري” لسكان في منطقة حي الرمال الجنوبي في مدينة غزة، مؤكدا أنه “سيهاجم… المنطقة بقوة شديدة”.
بالموازاة، دعا عشرات الرهائن السابقين لدى حركة حماس رئيس الوزراء والرئيس الأميركي للتوصل إلى “صفقة شاملة” لإعادة كل المحتجزين.
وفي رسالة مشتركة نشرها منتدى عائلات الرهائن والمفقودين، قال 67 من المفرج عنهم لنتانياهو وترامب “وحدها عودة جميع الرهائن فورا من خلال اتفاق يتم إبرامه من خلال التفاوض، ستؤسس للأمل والوحدة وتجدد أمتنا”.
ووسط الحرب المستعرة في غزة، أحيا الفلسطينيون في القطاع والضفة الغربية، الذكرى 77 للنكبة.
وأقيمت في وسط مدينة رام الله فعالية مركزية حمل خلالها المشاركون العلم الفلسطيني ورايات سوداء كتبت فيها “العودة” بالعربية والإنكليزية مع رسم لمفتاح، ولافتات خطّوا عليها أسماء القرى والمدن التي يتحدرون منها.
وتفرض إسرائيل منذ الثاني من آذار/مارس، حصارا مطبقا على القطاع المدمّر وتمنع دخول المساعدات الإنسانية، الأمر الذي فاقم النقص في الغذاء والدواء ومصادر الطاقة وغيرها من الاحتياجات الأساسية بالنسبة لسكانه الذين يناهز عددهم 2,4 مليون نسمة.
– “قضاء على حياة الفلسطينيين” –
على خطّ موازٍ، حذرت منظمات غير حكومية من بينها أطباء العالم وأطباء بلا حدود وأوكسفام، من حدوث “مجاعة جماعية” في غزة في حال واصلت إسرائيل منع المساعدات الغذائية من دخول القطاع.
وقال محمود إسليم، منسق منظمة أطباء العالم الفرنسية في الأراضي الفلسطينية، خلال مؤتمر صحافي عبر الفيديو “في ما يتعلق بسوء التغذية، نحن نعلم أن الفترة المقبلة ستكون حرجة، قد نواجه مجاعة جماعية في حال لم يتم فتح الحدود بسرعة”.
كذلك، اتهمت منظمة أطباء بلا حدود إسرائيل بالتسبب بـ”كارثة إنسانية متعمدة” وربط المساعدات بالتهجير القسري للفلسطينيين.
وقالت المنظمة في بيان “نشهد في الوقت الراهن، تهيئة الظروف للقضاء على حياة الفلسطينيين في غزة”.
من جانبها، قالت المسؤولة في منظمة “أوكسفام” في الأراضي الفلسطينية بشرى الخالدي، “نحن، في أوكسفام، لدينا مساعدات إنسانية بقيمة 2,5 مليون دولار تنتظر على حدود غزة (…) هذه المساعدات تتيح إطعام نحو مليون شخص”.
وبعدما علّقت إسرائيل غاراتها على قطاع غزة موقتا الإثنين تزامنا مع الإفراج عن ألكسندر، استأنفت الدولة العبرية ضرباتها الثلاثاء، ما أسفر عن مقتل 28 شخصا، بحسب الدفاع المدني.
وتركّز القصف الإسرائيلي في محيط المستشفى الأوروبي في خان يونس في جنوب القطاع. وقال الجيش الإسرائيلي إنه استهدف “مركز قيادة وسيطرة” لحماس، وهو تعبير مماثل لما استخدمه فجر الثلاثاء في تبرير القصف الذي طال مستشفى ناصر في خان يونس، وأسفر عن مقتل شخصين بينهم الصحافي حسن اصليح، وفق ما أكدت مصادر عدة في قطاع غزة.
وأكد الجيش الإسرائيلي “القضاء” على اصليح، متهما إياه بأن “شارك في اقتحام الحدود والمجازر في السابع من تشرين الأول/أكتوبر”.
وأسفر هجوم حماس على جنوب الدولة العبرية، عن مقتل 1218 شخصا، معظمهم مدنيون، وفق حصيلة لوكالة فرانس برس تستند إلى أرقام إسرائيلية رسمية.
وخطف خلال الهجوم 251 شخصا واقتيدوا الى غزة، لا يزال 57 رهينة محتجزين في القطاع الفلسطيني بينهم 34 يؤكد الجيش الإسرائيلي أنهم فارقوا الحياة.
في المقابل، أسفرت الحرب عن مقتل 52928 فلسطينيا في قطاع غزة، بحسب وزارة الصحة التي تديرها حماس، بينهم 2799 قتلوا منذ استئناف الدولة العبرية ضرباتها وعملياتها العسكرية اعتبارا من 18 آذار/مارس بعد هدنة هشة استمرت شهرين.
المصدر: أ ف ب