كشفت تقارير دولية أن فريقا دوليا من العلماء، منهم مغاربة، رصد في قعر البحر الأبيض المتوسط، جسم “نيوترينو”، بطاقة “هائلة” و “غير مسبوقة” في مجال الفيزياء الفلكية للطاقات العالية.
وأوضح تقرير نشرته شبكة “سي إن إن” (CNN)، أن تلسكوب (KM3NeT)، هو من رصد هذا الجسم، الذي يتميز بقدرته على المرور عبر الأجسام والمواد دون أن يتأثر بها، ما يجعله من أكبر الاكتشافات في علم الفيزياء الفلكية.
وذكرت أن مثل هذه الأجسام تحمل معلومات قيمة حول الأحداث الكونية العنيفة، مثل الانفجارات النجمية والثقوب السوداء العملاقة.
ولفتت الشبكة إلى أن هذا الجسم، الذي اختار له العلماء اسم “KM3-230213A”، يحمل طاقة استثنائية تصل إلى 220 مليون مليار إلكترون فولت، أي ما يعادل 30,000 ضعف الطاقة التي يمكن توليدها في مصادم الهدرونات الكبير (CERN)، وهي أقوى مسرّع جسيمات في العالم.
وأشارت في التفاصيل، إلى أن التلسكوب كان قد سجل جسم النيوترينو في الـ13 فبراير 2023، حيث تحرك عبر شبكة مستشعرات متواجدة في أعماق البحر الأبيض المتوسط، ما تسبب في تنشيط أكثر من ثلث أجهزة الكشف العاملة وقتها.
وعلى الرغم من أن هذا المشروع ما يزال قيد التطوير، إلا أن عدد المستشعرات التي كانت تعمل وقت الاكتشاف كان كافيا لالتقاط هذه الإشارة النادرة.
ولم يتمكن العلماء إلى حدود اللحظة، من تحديد مصدر هذا الجسم المكتشف، مبرزين أنه نشأ خارج مجرتنا، نتيجة لظاهرة كونية عنيفة، ورجحوا أن يكون ناتجا عن انفجار أشعة غاما، أو اصطدام الأشعة الكونية ببقايا الإشعاع الكوني الناتج عن الانفجار العظيم، أو نشاط فائق في نواة مجرة بعيدة تضم ثقبا أسود عملاق.
كما حدد الباحثون ما مجموعه 12 بليزارا؛ وهي مجرات نشطة ذات إشعاع قوي، كمصادر محتملة لهذا الجسم، لكنهم أكدوا أن تأكيد هذه الفرضيات يتطلب دراسات وأبحاث عميقة.
ويعد هذا الاكتشاف، بحسب شبكة “سي إن إن”، محطة جديدة في علم الفلك “النيوترينو”، وهو فرع من فروع علم الفلك، يدرس الأجرام الفلكية بواسطة أجهزة الكشف عن النيوترينو في المراصد الخاصة.
وتوقع العلماء أن يتيح هذا الجسم إمكانية فهم مصادر الأشعة الكونية، التي تُعتبر من أكثر الظواهر طاقة في الكون، فمن خلال تتبع هذه الجسيمات، يمكن للعلماء الحصول على رؤى أعمق حول طبيعة الأجسام الفلكية الغامضة، التي لا يمكن دراستها باستخدام التلسكوبات التقليدية.
وأكد باسكال كويل، المتحدث باسم مشروع (KM3NeT)، أن هذا الاكتشاف ليس سوى البداية، مشيرا إلى أن التلسكوب سيواصل توسعه ليصبح قادرا على التقاط المزيد من هذه الرسائل الكونية الفريدة.
وبدورها، نقلت وكالة المغرب العربي للأنباء تصريح البروفيسور يحيى التايلاتي؛ المنسق الوطني لمشروع (KM3NeT) بالمغرب، الذي وصف هذا الاكتشاف المنشور في مجلة (Nature) بـ”الاستثنائي”، مبرزا أنه “تحقق بفضل هذا التلسكوب الدولي؛ الكاشف العملاق الناتج عن تعاون دولي يعد المغرب عضوا فاعلا فيه”.
وأضاف التايلاتي، الذي يعمل أيضا كأستاذ بجامعة محمد الخامس بالرباط، وكأستاذ منتسب لجامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية في بابن جرير، أن “تلسكوب (KM3NeT) عبارة عن بنية تحتية بحثية كبيرة متعددة التخصصات تتكون من شبكة كواشف تحت الماء مثبتة في قاع البحر الأبيض المتوسط على عمق 3000 متر”.
وتجدر الإشارة إلى أن تلسكوب (KM3NeT)، الذي رصد هذا الجسم يتكون من وحدتين رئيسيتين، أولهما وحدة “ARCA” المخصصة لاكتشاف النيوترينوات عالية الطاقة، وتقع على عمق 3,450 مترا بالقرب من سواحل صقلية في إيطاليا.
ويشار أيضا إلى أن الوحدة الثانية هي وحدة “ORCA”، التي تركز على دراسة النيوترينوات منخفضة الطاقة، وتوجد على عمق 2,450 مترا بالقرب من مدينة تولون الفرنسية.