فاطمة زكاغ: مشروع قانون الإضراب يضرب عمق المكتسبات الدستورية (حوار)

يمثل إخراج القانون التنظيمي المتعلق بالحق في ممارسة لإضراب تحديا كبيرا لهذه الحكومة، وللحكومات السابقة لحساسية الموضوع، ولبعده الاجتماعي، وعلى اعتبار أن النقابات من المؤسسات الاجتماعية التي تدافع الأجير وتناضل من أجل صيانة حقوقه وهي صلة وصل بين الحكومة والقطاعات المشغلة، على اعتبار أن الأجراء هم الحلقة الأضعف في العلاقات الشغلية، ويعد تكريس الحق في ممارسة الإضراب من الحقوق المهمة التي يمكن أن ترقى بوضعية الأجير، على اعتبار أن لديه حقوقا وواجبات تجاه عمله ومشغله، وينبغي أن تقوم النقابات بالدفاع عن حقوق الأجراء بدل الدفاع عن المشغلين في احترام تام للمبادئ الدستورية والحقوق والواجبات المنصوص عليها في قانون الشغل المغربي.

متابعة للنقاش العمومي حول قانون الإضراب، نطرح مجموعة من الأسئلة على السيدة فاطمة زكاغ، النقابية والمستشارة البرلمانية عن الكونفدرالية الديمقراطية للشغل.

في هذا الحوار مع موقع “سفيركم”، أوضحت المستشارة البرلمانية فاطمة زكاغ أن الحكومة لم تحترم في إحالة لمشروع قانون الإضراب مقتضيات الاتفاق الاجتماعي، على اعتبار أن مشروع القانون ينبغي أن يمر عبر مؤسسات الحوار الاجتماعي قبل إحالته على الغرفة الأولى للبرلمان، وأوضحت أن الكونفدرالية الديمقراطية للشغل لن تصادق على أي مشروع متعلق بالحق في ممارسة الإضراب لم يحترم الاتفاقات الدولية الخاصة بالإضراب أو يعتمد شروط تعجيزية في ممارسة الحق في الإضراب.

1: بداية، فتحت الحكومة النقاش حول مشروع القانون التنظيمي المتعلق بممارسة حق الإضراب، بشكل “مفاجئ ووتيرة متسارعة” وفق تعبير مراقبين، وهي تعد بإخراجه نهاية العام الجاري، لكن هل تواصلت معكم الحكومة آنفا على اعتبار أنكم إحدى النقابات المستقلة في المملكة والمعنيين بهذا النص القانوني في إطار المقاربة التشاركية؟

-مشروع القانون التنظيمي وضع في الغرفة الأولى منذ الحكومة السابقة دون التوافق حوله في مؤسسة الحوار الاجتماعي، باعتباره قانونا ذا بعد اجتماعي وتم تحريك مسطرة التشريع مؤخرا بنفس المسودة التي عبرنا سابقا عن رفضنا لها.

 2: وما هو موقفكم الحالي كنقابة من عودة النقاش حول ذات مشروع القانون التنظيمي الذي اعتبرتموه في وقت سابق جنائيا ورجعيا؟ وهل الظرفية الحالية في المغرب تسمح بمناقشة قانون يؤطر الحق في الإضراب؟

-تم رفض مشروع القانون هذا لأن به بنود تكبل هذا الحق الدستوري ويضرب في العمق أهم المبادئ التي يرتكز عليها العمل النقابي، كما لم يتم التوافق عليه في الحوار الاجتماعي قبل إحالته على مسطرة التشريع؛ ما يعد تراجعا على بنود الاتفاق مع الحكومة الذي يرمي إلى وجوب التفاوض والتوافق حول القوانين ذات البعد الاجتماعي.

3: طيب، هل تواصلت معكم الحكومة بشأن هذا القانون التنظيمي قبيل طرحه للنقاش في لجنة القطاعات بالبرلمان، وهل توجد مفاوضات فعلية في إطار المقاربة التشاركية؟

-الحكومة تتواصل مع النقابة بخصوص مقترحات تعديلات حول المشروع والتفاوض لازال متواصلا إلى الدخول الاجتماعي المقبل.

4: ما هي النقاط التي ناقشتموها مع الحكومة حتى اللحظة، والتي اختلفتم حولها مع الحكومة؟

-أولا، ال(Cdt) تتشبث بنفس الموقف الذي عبرت عنه سابقا في اتفاق 2011 حيث طالبت أن يحترم هذا القانون الاجتماعي الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالعمل النقابي، وأن تكون هناك إجراءات قبلية التي تضمن حق الحريات النقابية والحقوق العمالية وحق المنظمات النقابية للدفاع عن الطبقة العاملة التي تمثلها، وكذا حذف المادة 288 التي يعاقب بها المناضلون حين ممارسة حقهم الدستوري في الإضراب، وضرورة مصادقة الحكومة على الاتفاقية الدولية رقم 87، فلا يعقل ونحن في سنة 2024 لازال التضييق على التنظيم النقابي على سبيل المثال لا الحصر منع تنظيم مؤتمر تأسيسي لنقابة الربابنة بتدخل السلطات المحلية  في خرق سافر لجميع القوانين الدولية والوطنية، وكذا عدم إعطاء وصولات الإيداع لمجموعة من القطاعات من طرف السلطات المعنية .

هناك نقط خلافية كثيرة بدءا بتعريف الإضراب حيث تم تقليص مفهومه، وتكبيل هذا الحق خاصة لما يتعلق الأمر بالإضراب السياسي كإضراب عام حول الزيادات العامة في الأسعار وضرب القدرة الشرائية للمواطنين أو الإضراب التضامني سواء في إطار تضامن نقابي ما بين قطاعات أو تضامن دولي حين يتعلق الأمر بالدفاع على مبادئ وحقوق كونية وخاصة وأن نقابة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل عضو بالاتحاد العربي للنقابات والاتحاد الدولي للنقابات، مرورا بالخلاف حول ملف التقاعد والإضراب.

كما يضم هذا المشروع إجراءات تعجيزية من أجل القيام بالإضراب فلا يعقل أن مقاولة لا تؤدي أجور العمال، ومع ذلك يجب الانتظار شهرا أو شهرين لممارسة هذا الحق من أجل المطالبة بهذه الحقوق.

5: ألا تُلاحظين معي، هذا الاستعجال الحكومي في تقديم مشروع القانون التنظيمي ووعد رئيس الحكومة بإخراج القانون قبيل نهاية السنة، لاسيما وأن هذا التسريع يأتي قبل أيام من اختتام الدورة التشريعية وذلك في عز الاحتقان الاجتماعي بسبب الغلاء وتوالي الاحتجاجات والإضرابات القطاعية؟ ثم ألا يمكن أن تكون هذه جميعها مؤشرات تستدعي التشكيك في نوايا الحكومة؟

-الأولوية ليس هو قانون الإضراب وليس هو من يعرقل الاستثمار كما تدعي الحكومة، بل هناك قضايا أخرى أهمها تحقيق السلم الاجتماعي عبر احترام قوانين الشغيلة والرفع من الأجور لمواكبة الارتفاع الصاروخي للأسعار كما وجب إزالة دواعي اللجوء إلى الإضراب فالنقابة تلجأ إليه اما بسبب عدم احترام الحريات النقابية أو بنود مدونة الشغل أو عدم احترام الالتزامات الموقعة كما وقع بقطاعات عمومية كالتعليم والصحة.

فالحكومة مطالبة بتصفية الأجواء واحترام اتفاقاتها مع الشريك الاجتماعي وتفعيل مبدأ التشارك في جميع القضايا.

6: يسجل بعض الفاعلين النقابيين أيضا على الحكومة، مسألة فتحها النقاش حول قانون الإضراب قبل تنظيم المشهد النقابي وفق قانون خاص على غرار قانون الأحزاب، خصوصا وأن ما يؤطر عملها هو ظهير 1957. ما موقفكم أنتم من هذا النقاش؟

-هناك مجموعة من الملفات وجب مناقشتها ومن أولها قانون الانتخابات المهنية ومحاربة كل أشكال الريع والفساد واستعمال المال التي أصبحت تهدد التمثيلية الحقيقية وتضرب الديمقراطية في العمق، ناهيك عن ملفات أخرى لا تقل أهمية.

7: نعود لقانون الإضراب، بما أنكم ضد القانون التنظيمي الذي طرحه حزب العدالة والتنمية آنفا قبل تجميده وتعتبرون أنه لا يجب أن يكون أرضية للنقاش، ما الحل القانوني المطروح أمام الحكومة في هذه الحالة؟ هل سيسحب ويعوض بقانون تنظيمي جديد، أم ستقوم الحكومة بتعديله بناء على اتفاقها مع النقابات؟

-الكونفدرالية الديمقراطية للشغل رفضت مشروع القانون المطروح لأنه لا يستجيب لتطلعات الشغيلة المغربية ورفضت التوقيع على الاتفاق 2019 لأنه كان يضم بنودا ترمي إلى مبدأ التشاور مع الشركاء الاجتماعيين، في حين أن مؤسسة الحوار الاجتماعي هي ذات دور تفاوضي وتوافقي كما تنص على ذلك المواثيق الدولية والقوانين الوطنية، كما أن الحكومة أحالته على المسطرة التشريعية دون التوافق حوله في مؤسسات الحوار الاجتماعي شأنه شأن إصلاح التقاعد الذي مررته بأغلبيتها الحكومية.

المسطرة التشريعية تم تحريكها بالغرفة الأولى بالمشروع المحال سابقا ولم يتم سحبه ما يبين أن الحكومة ستقوم بإدخال التعديلات عليه.

ونحن ككونفدرالية ديمقراطية للشغل لن نصادق على أي مشروع لا يستجيب لتطلعات الأجراء ويضمن حقوقهم كاملة، كما عبرنا عن موقفنا في مؤتمر منظمة العمل الدولية بحضور النقابات والحكومات وأرباب العمل، وكذا جميع بيانات ال(سيديتي) حول هذا الموضوع كما أننا مستعدين لاتخاذ برامج نضالية دفاعا عن حقوق الطبقة العاملة المغربية.

وجدير بالذكر أن مجموعة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بمجلس المستشارين ستتصدى لأي مشروع قانون ذو بعد اجتماعي لم يتم التوافق حوله في مؤسسات الحوار الاجتماعي.

ياسين حكان (باحث وكاتب)

مقالات ذات صلة

الدريسي: انتخاب مكتب مجلس المستشارين تم بتقديم لائحة واحدة غابت عنها النساء

تقرير أممي: القوات المغربية شنت 14 غارة جوية ضد مليشيات البوليساريو

الشراكة بين بروكسيل والرباط.. المجلس الأوروبي يؤكد “قميتها الكبيرة”

تقرير مجلس الأمن يوصي بتمديد بعثة المينورسو لسنة كاملة

العيون وأرلينغتون يوقعان اتفاقية توأمة إقرارا بالاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء

انتخاب الدريسي رئيسا للجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية بمجلس المستشارين

المغرب يرفض مقترح دي ميستورا “تقسيم” الصحراء مع جبهة البوليساريو

النسخة العاشرة من حوار جليون لحقوق اإلنسان

المغرب يستضيف النسخة الأولى لـ”حوار جليون” خارج سويسرا لتعزيز حقوق الإنسان

إسبانيا تسجل انخفاضا في عدد المهاجرين غير النظاميين بفضل المجهودات المغربية

تعليقات( 0 )