في تطور مفاجئ أثار جدلاً واسعاً، كشف تقرير تدقيق حديث صادر عن المجلس الجهوي للحسابات لجهة الرباط-سلا-القنيطرة عن وجود خروقات مالية وإدارية غير مسبوقة بمدينة الرباط خلال فترة تولي الرئيسة السابقة أسماء أغلالو. التقرير تضمن تفاصيل مثيرة للقلق، دفعت الرأي العام إلى التساؤل عن مدى جدية الرقابة على المال العام.
وأبرز ما جاء في التقرير هو استمرارية صرف رواتب غير مستحقة لعدد من المتقاعدين والمتوفين، وهو ما يشير إلى خلل واضح في النظام الإداري. إذ تبين أن ستة موظفين استمروا في تلقي رواتبهم حتى نهاية فبراير 2023، رغم تقاعدهم أو وفاتهم. هذه الفضيحة المالية ليست الوحيدة، حيث كشف التقرير أيضاً عن وجود 77 موظفاً شبحاً يتلقون رواتب دون إدراجهم في اللوائح الرسمية، مما يفتح الباب على مصراعيه أمام التساؤلات حول معايير التوظيف ومراقبة الحضور.
التقرير أظهر أيضاً أن نسبة كبيرة من الموظفين تغيبوا عن العمل بشكل متكرر، ما أثر سلباً على جودة الخدمات المقدمة للمواطنين. إلى جانب ذلك، تم الكشف عن تلاعب في منح الرخص الطبية، حيث لوحظ أن عدداً كبيراً منها صدر دون التحقق من صحتها، وهو ما يفتح المجال أمام استغلال النظام لتحقيق مصالح شخصية على حساب المصلحة العامة.
واستكمالاً لسلسلة الفضائح، تبين أن بعض المسؤولين استغلوا السيارات الإدارية لأغراض شخصية، رغم أنهم يحصلون على تعويضات لاستخدام سياراتهم الخاصة. هذه الممارسات، وفق العديد من المتتبعين، تعكس غياب الرقابة والمساءلة، وتدفع إلى التساؤل عن كيفية تسيير الأمور داخل الإدارة العامة.
ومن بين النقاط التي أثارت الجدل أيضاً، وجود خروقات في عمليات انتقاء الموظفين، حيث تم تعيين بعض الأشخاص دون استيفائهم للشروط القانونية المطلوبة، ما يعكس استغلالاً واضحاً للنفوذ وتجاوزاً للقوانين التي تكفل تكافؤ الفرص.
الخروقات المالية والإدارية الخطيرة التي كشف عنها التقرير لها تداعيات كارثية على مستوى التنمية والخدمات في مدينة الرباط. حيث يؤدي إهدار المال العام في رواتب غير مستحقة واستغلال الموارد العامة إلى حرمان المدينة من ميزانية كانت يمكن أن تخصص لتحسين البنية التحتية أو الخدمات الاجتماعية.
كما أن تغيب الموظفين وضعف أداء الإدارة يزيدان من معاناة المواطنين، ويؤديان إلى تدهور جودة الخدمات العامة. هذه الفضيحة كشفت عن مدى هشاشة النظام الإداري، وأدت إلى تآكل الثقة في المؤسسات العامة.
أمام هذا الكم الهائل من الخروقات، يطالب الرأي العام بفتح تحقيق شامل وفوري في هذه الفضائح، وتقديم المتورطين إلى العدالة. كما يطالب المواطنون بتعزيز آليات الشفافية والمحاسبة في الإدارات العمومية، وضمان توجيه المال العام لخدمة الصالح العام، وليس لتحقيق مصالح ضيقة.
من الواضح أن هذه الفضيحة ستظل محور نقاش طويل الأمد في الأوساط السياسية والشعبية، حتى يتم اتخاذ إجراءات جادة لحماية المال العام وإصلاح النظام الإداري في البلاد.
تعليقات( 0 )