أكد مصطفى بنرامل، الخبير البيئي ورئيس جمعية المنارات الإيكولوجية من أجل التنمية والمناخ، أن من أبرز العوامل التي تجعل مراكش عرضة للفيضانات المتكررة خلال السنة هي ضعف القدرة الاستيعابية للأمطار الغزيرة لشبكة الصرف في المدينة، والتوسع العمراني غير المهيكل.
وأضاف بنرامل في حوار خاص مع جريدة “سفيركم” الإلكترونية، أن الأسباب الرئيسة وراء ضعف البنية التحتية لمراكش في مواجهة الفيضانات راجعة لنقص الاستثمارات، والتركيز على مشاريع قصيرة الأجل، واستغلال الأموال المخصصة لمشاريع البنية التحتية لـ”أغراض شخصية”.
وهذا نص الحوار:
ما هي أبرز العوامل البيئية والبنيوية التي تجعل مراكش عرضة للفيضانات المتكررة خلال فترات التساقطات الغزيرة؟
تتعرض مدينة مراكش لعدة تيارات هوائية متنوعة محملة برطوبة عالية سواء القادمة من جبال الأطلس أو من المحيط الأطلسي خلال السنة، مما يجعلها عرضة لتساقطات مطرية غزيرة بسبب مجموعة من العوامل البيئية والبنيوية مما يطرح التساؤل حول قدرة المدينة على استيعاب المياه بشكل نشط. و من بين هذه العوامل:
الموقع الجغرافي: تقع مراكش في منطقة شبه قاحلة قريبة من جبال الأطلس الكبير حيث تعمل المنطقة المتطرفة في توجيه المياه بسرعة نحو المدينة الكبيرة عند حدوث أمطار غزيرة. وهذا الهواء البارد المتجه إلى المناطق المنخفضة يفاقم من الفيضانات.
ضعف القدرة الاستيعابية لشبكة الصرف في مراكش للأمطار الغزيرة: شبكة تصريف مياه الأمطار في مراكش تعاني من عيوب في السعة والفعالية. قنوات تصريف صغيرة و مسدودة، مما يؤدي إلى وجود مياه في الخارج جزئيا.
التوسع العمراني غير المهيكل: سجلت مراكش توسعا عمرانيا بدرجة متزايدة في العقود الأخيرة، مع بناء عشوائي في الهوامش، و ضعف شبكة الصرف الصحي لبعض المناطق وعدم التسجيل الاستيعاب الكافي لصرف المياه حيث يؤدي توسيع البناء والمباني إلى تقليل المساحات الخضراء والأراضي المفتوحة التي تسمح بنفاذ المياه و تدفقها نحو المناطق الرئيسة. وعدم أخذ بعين الاعتبار التغير المناخي في التخطيط الحضري للمدني.
ما هو السبب الرئيس وراء ضعف البنية التحتية لمراكش في مواجهة الفيضانات؟
يعتبر ضعف البنية التحتية مشكلة عالمية تواجه العديد من المدن، خاصة في الدول النامية. هذه المشكلة تؤثر سلبا على الحياة اليومية للمواطنين وتعيق التنمية الاقتصادية. و منها أسباب اقتصادية كعدم تخصيص ميزانيات كافية لصيانة وتطوير البنية التحتية، خاصة في الدول التي تعاني من قلة الموارد. و تفضيل المشاريع التي تحقق نتائج سريعة على حساب المشاريع الاستراتيجية طويلة الأمد التي تهدف إلى تطوير البنية التحتية بشكل شامل. واستغلال الأموال المخصصة لمشاريع البنية التحتية لأغراض شخصية، مما يؤدي إلى تدهور جودة المشاريع وزيادة التكاليف.
و يؤدي النمو السكاني غير المتوقع إلى زيادة الضغط على البنية التحتية القائمة، مما يجعلها غير قادرة على تلبية الاحتياجات المتزايدة.
كما أن استخدام تقنيات قديمة في إنشاء وصيانة البنية التحتية يؤدي إلى تدهورها بشكل أسرع وتقليل كفاءتها.مع غياب خطط صيانة شاملة للبنية التحتية يؤدي إلى تراكم المشاكل وتفاقمها.
كما أن المدينة تعرضت لزلزال وفياضانات وعواصف أدت إلى تضرر بنيتها التحتية وتعطيل الخدمات الأساسية.
هل ترى أن هناك حلولا بيئية مستدامة يمكن تطبيقها لتعزيز قدرة المدينة على مواجهة الفيضانات وتقليل آثارها؟
نعم، هناك العديد من الحلول البيئية المستدامة التي يمكن تطبيقها لتعزيز قدرة المدن على مواجهة الفيضانات وتقليل آثارها. هذه الحلول لا تقتصر على حماية المدينة من الفيضانات فحسب، بل تساهم أيضا في تحسين جودة البيئة والحياة فيها.
إدارة مياه الأمطار بشكل طبيعي في محيط المدينة :
الأحواض الحيوية: هي مناطق منخفضة مصممة لجمع مياه الأمطار وتصفيتها بشكل طبيعي، مما يقلل من تدفق المياه السطحية ويساعد على تغذية المياه الجوفية.
الأسطح الخضراء: هي أسطح مغطاة بالنباتات والتربة، والتي تعمل على امتصاص مياه الأمطار وتقليل الجريان السطحي.
الأرصفة المسامية: هي أرصفة مصنوعة من مواد تسمح بتسرب مياه الأمطار إلى التربة، مما يقلل من الضغط على أنظمة الصرف الصحي.
استعادة الأراضي الرطبة الحضرية للواحات :الأراضي الرطبة تعمل كإسفنج طبيعي يمتص مياه الفيضانات ويخفف من آثارها.و تساهم في تنقية المياه وتحسين جودة الهواء.
زراعة الأشجار والنباتات في المساحات الخضرا وجزر الشوارع الحضرية: تساعد الأشجار والنباتات على تثبيت التربة ومنع انجرافها، وتقلل من سرعة جريان مياه الأمطار.
التخطيط العمراني المستدام آخذا بعد تغير المناخ :تجنب البناء في المناطق المعرضة للفيضانات و تصميم المباني والمرافق العامة لتكون مقاومة للفيضانات.إنشاء مساحات خضراء ومسطحات مائية داخل المدن لتقليل تأثير الحرارة وتوفير بيئة أكثر استدامة.
نظم الإنذار المبكر :تساعد هذه الأنظمة على تحذير السكان من خطر الفيضانات قبل وقوعها، مما يتيح لهم الوقت الكافي للإخلاء.
التعاون المجتمعي :تشجيع المجتمع المدني والساكنة على المشاركة في جهود الوقاية من الفيضانات والتخفيف من آثارها. ورفع مستوى الوعي بأهمية الحفاظ على البيئة.
ما هي الإجراءات التي ينبغي اتخاذها للتكيف مع هذه الظروف؟
التخطيط العمراني المستدام و رسم خرائط دقيقة للمناطق المعرضة للفيضانات وتجنب البناء فيها ووضع قوانين بناء صارمة تضمن أن المباني والمنشآت مقاومة للفيضانات. وزيادة المساحات الخضراء في المدن لامتصاص مياه الأمطار وتقليل الجريان السطحي، يجب بناء أنظمة تصريف مياه الأمطار قادرة على استيعاب كميات كبيرة من المياه. و إنشاء السدود والحواجز لحماية المناطق السكنية من الفيضانات. و زيادة سعة تخزين المياه الجوفية لامتصاص مياه الأمطار الزائدة.
من الضروري أيضا نشر أجهزة استشعار لقياس منسوب المياه وهطول الأمطار. وتطوير أنظمة إنذار مبكر لإبلاغ السكان بقدوم الفيضانات. وتشجيع السكان على التأمين على ممتلكاتهم ضد أضرار الفيضانات.
هل تعتبر الإجراءات الحالية لتحسين البنية التحتية لمواجهة الفيضانات كافية، أم أن هناك حاجة إلى استثمارات أو مشاريع جديدة لضمان حماية؟
الإجراءات الحالية لتحسين البنية التحتية لمواجهة الفيضانات في مدينة مراكش ليست كافية.
تظهر الفيضانات المتكررة في مراكش مدى الحاجة إلى استثمارات ومشاريع جديدة لضمان حماية المدينة بشكل أفضل. فبالرغم من بعض الجهود المبذولة، إلا أن البنية التحتية الحالية لا تزال تعاني من العديد من الثغرات التي تجعلها عاجزة عن مواجهة كميات الأمطار الغزيرة والمتساقطة في وقت قصير.
تعليقات( 0 )