شهدت مدينة لوس أنجلوس، أول أمس الجمعة، سلسلة من العمليات الأمنية التي نفذتها وكالات فيدرالية، وأسفرت عن اعتقال أكثر من 100 شخص في إطار مداهمات استهدفت مواقع يُشتبه في تشغيلها لعمال مهاجرين غير نظاميين.
وأوضحت تقارير إعلامية نشرتها كل من صحيفة “The New York Times” الأمريكية، والموقع الإلكتروني لقناة الجزيرة في نسختها الإنجليزية، أن عمليات المداهمة التي نفذتها القوات الفدرالية، والتي جاءت متزامنة مع استهداف المهاجرين غير النظاميين، تحولت إلى مواجهات عنيفة مع متظاهرين في مناطق متفرقة من المدينة، أبرزها حي “فاشن ديستريكت”.
وشاركت في العملية قوات تابعة لعدة وكالات، من بينها مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)، ومكتب التحقيقات الأمنية التابع لوزارة الأمن الداخلي، ومكتب الكحول والتبغ والأسلحة النارية والمتفجرات.
وأضافت أن وحدات فدرالية مدججة بالسلاح ومزودة بمعدات تكتيكية، شملت دروعا واقية وبنادق وعربات مدرعة، اقتحمت في تمام الساعة التاسعة والربع صباحا من يوم الجمعة، مستودع “أمبيانس أباريل” للملابس بالجملة، الواقع وسط حي الأزياء الشهير في لوس أنجلوس “فاشن ديستريكت”.
وذكرت التقارير ذاتها بأن القوات أوقفت عددا من العمال داخل المنشأة، وبدأت في استجوابهم بشكل فردي بشأن أماكن ولادتهم ووثائقهم الشخصية، وقد أُطلق سراح بعض العاملين في وقت لاحق، في حين نُقل آخرون إلى مركز احتجاز فدرالي.
وأثناء انسحاب القوات من الموقع، تجمع عدد من المتظاهرين المؤيدين لحقوق المهاجرين في محيط المنطقة، وتطور الموقف إلى اشتباك، حيث ألقى بعض المحتجين أشياء على المركبات الفدرالية، وردت القوات بإلقاء قنابل صوتية لتفريقهم.
بينما رد المتظاهرون برشق العربات بالبيض وبعض الأغراض، ووضعوا سكوترات كهربائية في طريق العربات، كما أظهرت صور بثتها وسائل إعلام أمريكية سقوط عدد من الجرحى، من بينهم شاب أُصيب بشظايا قنبلة وتم إسعافه ميدانيا.
وبحسب ما أفادت به سلطات الهجرة والجمارك الأمريكية، فقد تم اعتقال أكثر من 100 شخص في ثلاث مداهمات متزامنة داخل المدينة، من بينهم 44 شخصا وُضعوا قيد الاحتجاز الإداري بانتظار البت في ملفات ترحيلهم، إلى جانب اعتقال الناشط النقابي ديفيد هويرتا، رئيس نقابة موظفي الخدمات العامة بكاليفورنيا، بتهمة “عرقلة عمل القوات”، ما أثار غضبا سياسيا واسعا.
وواصلت المصادر ذاتها، أنه اندلعت في وقت لاحق من اليوم، صدامات جديدة أمام مركز احتجاز فدرالي بوسط المدينة، حيث نُقل المعتقلون، كما استخدمت قوات الأمن رذاذ الفلفل والرصاص المطاطي لتفريق المحتجين، بينما ألقى المتظاهرون الكراسي وطلوا جدران المركز بشعارات مناهضة لسياسات الهجرة.
وأوردت التقارير ذاتها قصة الشاب عمر دياز، البالغ من العمر 26 عاما، الذي سرد كيف اقتحمت القوات المكان واصطف الجميع على الحائط، قائلا: “سألونا عن مكان الولادة وبطاقات الهوية”، مبرزا أنه تم إطلاق سراحه لاحقا لأنه مواطن أمريكي، في حين ما يزال زملاؤه من المكسيك وكوريا الجنوبية قيد الاعتقال، كما أن النشطاء حاولوا عبر مكبرات الصوت إيصال رسائل قانونية للمعتقلين لتعريفهم بحقوقهم.
ونددت عمدة لوس أنجلوس، كارين باس، في بيان لها بهذه العمليات، قائلة: “لن نقبل بمثل هذه الممارسات في مدينة تفتخر بتنوعها وأصولها المهاجرة”، مؤكدة تواصل مكتبها مع منظمات المجتمع المدني المهتمة بحقوق المهاجرين.
وفي المقابل، أكد رئيس شرطة لوس أنجلوس، جيم ماكدونيل، أن الجهاز لم يشارك في مثل هذه العمليات منذ سنة 1979، وأن سياسته تمنع التعاون في ما يتعلق بإنفاذ قوانين الهجرة الفدرالية، تماشيا مع القوانين المحلية المعمول بها في الولاية.
يُشار إلى أن هذه العمليات تندرج ضمن حملة واسعة أطلقتها سلطات الهجرة في عدد من المدن الأمريكية، تحت إدارة الرئيس دونالد ترامب، الرامية إلى تنفيذ ما لا يقل عن 3000 اعتقال يومي، مستهدفة المدن التي تنهج سياسات أكثر مرونة مع المهاجرين، مثل لوس أنجلوس وسان دييغو، التي شهدت قبل أسبوع، عملية مماثلة تخللتها أيضا مواجهات بين محتجين وقوات أمنية.