رأت صحيفة” لو موند” الفرنسية أن استضافة المغرب لنهائيات كأس أمم إفريقيا 2025 لا تقتصر على كونه حدثا رياضيا كبيرا، بل تُجسّد أيضا استراتيجية دبلوماسية تعتمد كرة القدم كأداة لتعزيز الحضور المغربي في إفريقيا.
فمنذ إعلان فوز المملكة بشرف تنظيم البطولة، لم يكن التركيز فقط على البنية التحتية المتطورة التي يُوفرها المغرب، بل أيضا على ما تحمله هذه الاستضافة من رسائل سياسية تهدف إلى تعزيز مكانة المغرب كلاعب رئيس في القارة، في الملاعب كما في الدوائر الدبلوماسية، وفق الصحيفة الفرنسية الأشهر.
واعتبرت أن اختيار المغرب نموذج “مخيم إقامة لكل منتخب” في نسخة 2025 يُشكل قفزة نوعية مقارنة بالنهج الذي اعتمدته كوت ديفوار في النسخة السابقة، الذي لم يرُق لبعض المنتخبات، من بينها المغرب والجزائر.
وأضافت أن هذه الاستراتيجية، التي وضعت تحت تصرف المنتخبات بنية تحتية راقية تشمل فنادق فاخرة من فئة خمس نجوم، تعكس رغبة المغرب في فرض معايير جديدة تُرسّخ صورته كوجهة قارية رائدة في تنظيم الأحداث الكبرى.
وأشارت لو موند إلى أن المسار الذي أوصل المغرب إلى هذه المرحلة لم يكن وليد اللحظة، بل نتاج رؤية سياسية بدأت منذ 2009، حين أعادت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم هيكلة استراتيجيتها بعد الفشل في التأهل لكأس العالم 2010.
وأكدت أن هذا التحول بلغ ذروته مع قيادة فوزي لقجع للجامعة، حيث عزّز المغرب نفوذه داخل أجهزة الاتحاد الإفريقي لكرة القدم (CAF)، مُستغلا الفراغ الذي تركه غيابه عن اللجنة التنفيذية للاتحاد لمدة 15 عاما.
ورأت أن المغرب لم يقتصر على تعزيز حضوره في الكواليس الإدارية، بل استخدم كرة القدم كوسيلة لترسيخ تحالفات جديدة داخل القارة، من خلال تقديم الدعم اللوجستي والمالي لبعض الاتحادات الإفريقية، واستضافة مباريات دولية لدول لم تُعتمد ملاعبها من قبل الكاف.
واستطاع المغرب بذلك، حسب ذات المصدر، كسب تأييد مجموعة واسعة من الدول الإفريقية، وهو ما رأت فيه الصحيفة الفرنسية بُعدا سياسيا لا يقل أهمية عن البعد الرياضي.
وفي تحليلها، تعتبر لو موند أن الاستثمار المغربي في كرة القدم يتجاوز الرغبة في استضافة البطولات وتحقيق الألقاب، بل يأتي في سياق استراتيجية أوسع تهدف إلى توظيف الرياضة لتعزيز النفوذ الإقليمي، خصوصا في ظل التنافس الجيوسياسي بين المغرب والجزائر، وأيضا لمواجهة مواقف دول كجنوب إفريقيا التي تساند جبهة البوليساريو.
كما ترى الصحيفة أن احتضان المغرب لكأس أمم إفريقيا 2025 يأتي في سياق متكامل مع استضافته المشتركة لكأس العالم 2030 مع إسبانيا والبرتغال، مما يرسّخ مكانته كقوة إقليمية صاعدة قادرة على المنافسة ليس فقط رياضيا، ولكن أيضا على مستوى الدبلوماسية الناعمة، التي تجعل من كرة القدم أحد أهم أدواتها للتأثير في القارة الإفريقية.