تعتزم فرق المعارضة بمجلس النواب التقدم بملتمس الرقابة لإسقاط حكومة عزيز أخنوش، بعد الشد والجذب بين المعارضة والأغلبية في المجلس بسبب قضايا عدة، من أهمها قضية الدعم على استيراد المواشي، والتي كانت موضوع سجال كبير بين الحكومة والمعارضة، ومن أبرز تجلياته سعي المعارضة حينها لتشكيل لجنة تقصي حقائق بخصوصها، قبل أن تقطع الأغلبية الطريق عليها وتعلن تشكيل لجنة استطلاعية في الموضوع.
وبعد هذا الجدال والصراع السياسي بين المعارضة والأغلبية في البرلمان، اتفقت فرق ومجموعات المعارضة مؤخرا على خطوة أخرى أكثر أهمية، وهي إثارة ملتمس الرقابة أو سحب الثقة من الحكومة، بعدما تعثرت مبادراتها السابقة، فما هو ملتمس الرقابة، ولماذا يعد من أهم أسلحة البرلمان ضد الحكومات، ومؤشرا على التوازن بين السلط في الأنظمة البرلمانية.
ملتمس في السياق السياسي المغربي
يثار ملتمس الرقابة أو سحب الثقة من الحكومة، حينما يرفض البرلمان استمرار الحكومة في مهامها، وهو من أبرز الآليات التي تدعم مبدأ فصل توازن السلط خاصة التنفيذية (الحكومة) والتشريعية (البرلمان)، فإذا كانت الحكومة تستطيع حل مجلس النواب، فإن للبرلمان الحق في إسقاط الحكومة عبر تقديم ملتمس الرقابة.
وفي السياق السياسي المغربي أثار البرلمان المغربي ملتمس الرقابة مرتين فقط، كانت الأولى خلال سنة 1964 بعدما قدم الملتمس ضد حكومة باحنيني، والثانية سنة 1990 عندما تقدمت المعارضة بالملتمس ضد حكومة عز الدين العراقي، ولم يؤد أي من الملتمسين إلى إسقاط الحكومة، ولم ينجح لعدم توفر الشروط القانونية المنصوص عليها في الدستور، ولعدم التصويت عليه من لدن الأغلبية المطلقة.
والملاحظ من خلال التجربة البرلمانية، مع ملتمس الرقابة، أنه وإن سبقت إثارته مرتين، فإنه لم يصل إلى لحظة إسقاط الحكومة، مما يظهر عجزا برلمانيا على تفعيل هذا الفصل الدستوري، لأسباب متعددة تعود في أبرزها إلى الشروط التعجيزية لتفعيله، وللبنية السياسية للأغلبية داخل البرلمان، مما حدا بالمشرع الدستوري، إلى التخفيف من هذه الشروط، في ظل السعي نحو بناء نظام برلماني متوازن.
التنصيص الدستوري على ملتمس الرقابة
نص الفصل 105 من دستور 2011، على إمكانية أن يعارض مجلس النواب في مواصلة الحكومة تحمل مسؤوليتها، بالتصويت على ملتمس للرقابة، ولا يقبل هذا الملتمس إلا إذا وقعه على الأقل خمس الأعضاء، من الذين يتألف منهم المجلس، بينما كان النصاب في الدساتير السابقة لا يقل عن ربع الأعضاء الذين يتألف منه المجلس.
ولا تصح الموافقة على ملتمس الرقابة من قبل مجلس النواب، إلا بتصويت الأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم، ما يفرض انضمام نواب من الأغلبية لمقترح المعارضة، ولا يقع التصويت إلا بعد مضي ثلاثة أيام كاملة على إيداع الملتمس، وتؤدي الموافقة على ملتمس الرقابة إلى استقالة الحكومة استقالة جماعية.
وفي حالة وقعت موافقة مجلس النواب على ملتمس الرقابة، فلا يقبل بعد ذلك تقديم أي ملتمس رقابة أمامه طيلة سنة، كما أن سقوط ملتمس الرقابة سواء برفضه أو بعدم اكتمال نصاب تمريره، يؤدي إلى استمرار الحكومة في عملها، كما لا يجوز إعادة طرحه إلا بعد مضي مدة معينة.