بقلم: عمر لبشيريت (كندا)
انتهى المؤتمر التاسع لحزب العدالة والتنمية بتجديد الثقة في عبد الإله بنكيران لولاية أخرى. وهو أمر لم يكن مفاجئا ولا يبدو أنه كان حدث المؤتمر.
الحدث ، لم يكن داخل المؤتمر، ولم يخلقه المؤتمرون، حتى أن “المحاولات الخجولة جدا” لطرح قضية التجديد لبنكيران للنقاش، ظلت محتشمة ولم تعبر عن نفسها كتيار. لم تقع ثورة في الخطاب والأطروحة السياسية والمذهبية للحزب، ولا في هيكله التنظيمي. داخل المؤتمر، لم يكن هناك حدث سياسي او اعلامي.
الحدث، جاء من خارج المؤتمر، الحدث وقع خارج المؤتمر. من خلال التغطية والمواكبة والمتابعة الكبيرة لانعقاده ولأشغاله. حظي المؤتمر بتغطية واسعة، ونال اهتماما كبيرا من طرف الصحافة والمراقبين والخصوم والمنافسين والاعداء الايديولوجيين.
كيف لحزب لا يتوفر على فريق برلماني ولا على ميزانية او دعم لتغذية وإيواء المؤتمرين، أن ينال كل هذا الاهتمام وكل هذه التغطية؟
الاهتمام والانشغال بحزب العدالة والتنمية لم يكن وليد عقده لمؤتمره التاسع، بل طيلة السنوات الأخيرة وهو يستقطب الاهتمام والمتابعة، ويتعرض للهجوم والاستعداء والتحريض والتخوين.
بل إن الاهتمام والتركيز على العدالة والتنمية، وهو في المعارضة، يجعل المراقب الخارجي في حيرة من أمره. كيف لحزب بثمانية نواب ولا يسير اي مدينة كبيرة أن تسلط عليه الأضواء وينال هذه المتابعة والاهتمام أكثر من الأحزاب التي تدبر الشأن العام وتسير كبريات مدن وجهات المملكة ؟
المفروض، أن تسلط الأضواء على من يتحمل تدبير الشأن العام، وعلى المعارضة الأولى أو الثانية ( الاتحاد الاشتراكي ثم الحركة الشعبية). لكن أن يكون حزب خرج مهزوماً ومكسورا ومقسوما من الانتخابات الاخيرة يثير النقاش واهتمام الجميع، فذلك يطرح أكثر من سؤال.
لا أعتقد أن ينال مؤتمر حزب أخنوش نفس التغطية ونفس الاهتمام الذي يحظى به حزب العدالة والتنمية. ذلك أن حزب التجمع الوطني للأحرار لا يخلق الحدث لا داخل المؤتمر ولا خارجه.
هل هناك من يخاف من حزب العدالة والتنمية؟ وهل هناك من يخاف من عودة بنكيران؟
الاهتمام الذي يحظى به هذا الحزب، والانشغال به، و الحملات التحريضية التي يتعرض لها، والتي لا يختلف اثنان في أنها موجهة ومنسقة، تضعنا أمام أمرين :
هناك إحساس وتوقع بإمكانية عودة العدالة والتنمية إلى استعادة قواه السابقة.
ومن يخاف من عودة العدالة والتنمية، ويذكي هذا التخوف وينشره ويغذيه، يشكك بالضرورة في نتائج الانتخابات الأخيرة.
التخويف والاهتمام بالعدالة والتنمية بهذا الشكل، يوحي وكأنه سيحكم بعد غد.
والتخويف من عودة العدالة والتنمية ليس نابعا، بالضرورة، من كونه سيقلب مائدة السياسة في المغرب. لقد جرب تدبير الشأن العام لمدة عشر سنوات وظلت نفس المائدة على حالها، ماعدا رتوشات خفيفة.
بل إن المراقبين الموضوعيين، لا يرون أي فرق بين أخنوش وبنكيران، ذلك أن التغول والهشاشة التي تميز ولاية أخنوش مهد لها وأعد لها بنكيران.
ثم إن بنكيران ليس ثوريا ولا انقلابيا ولا حتى إصلاحيا، هو رجل يريد أن يرضي ويرضى عنه المخزن.
التخويف من بنكيران، نابع من عامل نفسي، سواء من طرف خصومه الأيديولوجيين او منافسيه او اعدائه، وليس من برنامجه. بنكيران شخصن صراعه مع الجميع وخلق حواجز نفسية لدى الجميع.. ولعل أبرز حاجز نفسي اتجاه تحمل بنكيران هو أنه تسبب، في فترة ما، في فرملة صعود قوي لخلطة تجريبية سياسية، وأفشلها. هذه الفرملة ستخلق نفورا وخصومة نفسية مع بنكيران. وهو يعرف ذلك، وهو يتغدى منه ويصر عليه. لأنه هو البرنامج الذي يتقنه.
لذلك لم يكن الحدث هو نتائج المؤتمر، بل الحدث هو خصومه ومنافسوه وحتى أعدائه، كل هؤلاء مازال بنكيران “يسكنهم”.