شهدت ميزانية الدفاع في قانون المالية 2025، المصادق عليه الأسبوع الماضي، ارتفاعا بنحو 9 مليارات درهم مقارنة بسنة 2024، لتصل إلى ما قيمته 133.45 مليار درهم، في خطوة تهدف إلى إصلاح وتعزيز قدرات القوات المسلحة الملكية من خلال اقتناء معدات عسكرية حديثة ودعم تطوير منظومة الدفاع وتحديث التجهيزات العسكرية.
المادة 39 من مشروع المالية الجديد، تفيد بالقول، “يحدد بمائة وثلاثة وثلاثين مليارا وأربعمائة وثلاثة وخمسين مليون 133.453.000.000 درهم مبلغ النفقات المأذون للوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بإدارة الدفاع الوطني الالتزام بها مقدما خلال السنة المالية 2025 من الاعتمادات التي سترصد له في السنة المالية 2026؛ فيما يتعلق بحساب النفقات من المخصصات المسمى ‘اقتناء وإصلاح معدات القوات المسلحة الملكية ودعم تطوير صناعة الدفاع'”.
وتعليقا على هذا الرفع في ميزانية الدفاع، اعتبر محمد الطيار، الخبير الأمني والعسكري، أن الزيادة الملحوظة في الميزانية خلال السنوات الأخيرة تعود إلى دخول المملكة مجال التصنيع العسكري.
وأشار إلى أن هذا التوجه يتطلب ميزانية استثنائية تغطي احتياجات مشروع توطين الصناعة العسكرية، بما يشمله من إنشاء بنية تحتية، تجهيزات لوجستية، ومتطلبات أخرى أساسية لتطوير هذا القطاع.
وقال الطيار في تصريح لسفيركم أن التصنيع العسكري يتطلب ميزانية ضخمة، نظرا لكونه مجالا لا يمكن التعامل معه بإمكانيات محدودة.
من جانب آخر، أضاف الطيار أن الرفع في الميزانية العسكرية، “يعزى أيضا إلى تنامي المخاطر والتهديدات في المحيط الإقليمي للمغرب، ما يبرر تعزيز جاهزية القوات المسلحة وزيادة ميزانية الدفاع”.
وأفاد المتحدث أن “المخاطر والتهديدات الإقليمية في تصاعد مستمر، سواء في منطقة الساحل الإفريقي، حيث تفاقمت المعضلة الأمنية وتوسعت بشكل خطير للغاية، خاصة بعد انسحاب الأمم المتحدة من مالي والقوات الفرنسية، وكذلك انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من النيجر وتعويضها بقوات فاغنر الروسية”.
وتابع قائلا، “هذا الوضع أدى إلى تصاعد المواجهات على جبهات متعددة في المنطقة، بالإضافة إلى ارتفاع أنشطة الجريمة المنظمة وزيادة نسبة الضحايا والتهجير القسري واللجوء”.
وأقر الخبير العسكري بأنه وبالإضافة إلى ذلك، لا يزال النظام العسكري الجزائري يلوح بالحرب ضد المغرب، ويواصل إجراء مناورات عسكرية مكثفة على مستوى الحدود الشرقية للمملكة.
وذكر الطيار أن الجزائر قد رفعت بدورها ميزانيتها العسكرية إلى 25 مليار دولار (125 مليار درهم)، مما يضع المنطقة أمام وضع خاص، إذ تتزايد الاحتمالات لعدة سيناريوهات.
وأردف بأن هذا الوضع هو ما يفرض على المغرب بدوره زيادة الميزانية المخصصة لتحصين الحدود البرية والبحرية، وتعزيز الإجراءات الأمنية والعسكرية في منطقة الصحراء المغربية بشكل خاص، “خاصة وأن هذه المنطقة مقبلة على مرحلة حاسمة تتطلب رفع الجاهزية والاستعداد الدائم”، وفق قوله.
وختم محمد الطيار حديثه موضحا أن زيادة ميزانية التسلح ترتبط بشكل وثيق بالحصول على أسلحة نوعية، خصوصا من دول مثل الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل والصين وتركيا والبرازيل وفرنسا وغيرها، مذكرا بكون المغرب قد أبرم صفقات لاقتناء أسلحة تعتمد على تكنولوجيا دقيقة ومتطورة، تواكب أحدث التحولات في المجال العسكري.
ومن ناحية أخرى قال محمد عطيف، الباحث في القانون الدولي لسفيركم، أن المملكة المغربية تواجه مجموعة من التحديات الإقليمية في محيطها الجغرافي، تشمل التهديدات الأمنية القادمة من الدول المجاورة، بالإضافة إلى المخاطر الأخرى مثل الإرهاب.
وأوضح أن المملكة اعتمدت استراتيجية دفاعية متقدمة لمواجهة هذه التهديدات، حيث تهدف هذه الاستراتيجية إلى تعزيز القوة العسكرية للمغرب على المستوى الإقليمي، من خلال تطوير الترسانة العسكرية وتعزيز الصناعة الدفاعية المحلية.
وتابع قائلا، “شهدنا في الآونة الأخيرة تطورا ملحوظا في قدرة المغرب على تصنيع المعدات الدفاعية، مما يساهم في تعزيز منظومته الدفاعية في منطقة شمال إفريقيا وعلى المستوى القاري أيضا”.
وأشار الباحث إلى أن المملكة المغربية اتجهت نحو تبني استراتيجية عسكرية تهدف إلى مواجهة التحديات الإقليمية، خاصة من الدول التي تسعى إلى تهديد أمن أراضيها، وعلى رأسها الجزائر.
وواصل الباحث، “هذا يشير إلى دخول البلدين في سباق تسلح، وهو ما يحمل دلالات استراتيجية وعسكرية هامة في وقت أصبحت المملكة المغربية تمتلك فيه حلفاء استراتيجيين بارزين، خصوصا القوى الكبرى، التي تربطها بها علاقات قوية واتفاقيات مشتركة في المجالات العسكرية والأمنية، مما يتيح للمغرب الاستفادة من خبراتها الواسعة في هذا المجال”.
تعليقات( 0 )