كشف عمر هلال، السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، اليوم الإثنين 14 أبريل الجاري، أن الإدارة الأمريكية عازمة على حل نزاع الصحراء في إطار الحكم الذاتي المغربي، معبرا عن أمله في أن تكون ذكرى المسيرة الخضراء المقبلة هي المناسبة السعيدة للاحتفال مع “جيراننا الجزائريين” بحل هذا المشكل تحت السيادة المغربية.
وقدم عمر هلال، في مداخلة مباشرة مع قناة “ميدي 1 تي في“، توضيحات حول فحوى الاجتماع المغلق الأخير لمجلس الأمن، المخصص لقضية الصحراء المغربية، مؤكدا أن الاجتماع كان مجرد جلسة تقنية عادية، مغلقة، ومخصصة للمشاورات، ولا تحمل أي طابع استثنائي، حيث تم خلاله تقديم تقرير شفوي من قبل المبعوث الشخصي للأمين العام، وكذلك من رئيس بعثة “المينورسو”.
وأضاف هلال إن ما يضفي أهمية على السياق ليس الاجتماع بحد ذاته، ما وقع الأسبوع الماضي في واشنطن، حيث أن الجديد في الموقف الأمريكي هذه المرة، لا يقتصر فقط على التأكيد على الاعتراف، بل يتجلى أيضا في الالتزام الصريح من الولايات المتحدة بدعم جهود التوصل إلى حل نهائي للنزاع، مؤكدا أن هذا الالتزام يتماشى مع رؤية الملك محمد السادس، والمتمثلة في أن “الحكم الذاتي ولا شيء غير الحكم الذاتي” هو الإطار الواقعي والعملي لإنهاء هذا النزاع.
وأشار الديبلوماسي المغربي إلى أن مبادرة الحكم الذاتي المغربية تحظى بدعم متزايد على المستوى الدولي، حيث عب ت أكثر من 110 دولة عن تأييدها لهذا المقترح، مما يجعل هذا الملف أمام دينامية إيجابية، قائلا: “نحن اليوم في دينامية جديدة، والولايات المتحدة ستعمل على تعزيزيها، بهدف إنهاء النزاع الإقليمي المستمر منذ نصف قرن. ونأمل أن يكون الاحتفال بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء هو اللحظة المناسبة لحل هذا النزاع بشكل نهائي، خاصة مع جيراننا الجزائريين”.
وفي معرض حديثه عن تأثير الموقف الأمريكي على مسار الملف، أوضح هلال أن الدعم الأمريكي والفرنسي، باعتبار البلدين عضوين دائمين في مجلس الأمن، يشكل عاملا حاسما في منح الملف دفعة قوية وتسوية هذا النزاع، مذكرا بأن فرنسا، باعتبارها القوة الاستعمارية السابقة في المنطقة، تعرف جيدا تاريخ الصحراء وساكنتها، وأن تأييدها للمبادرة المغربية يعكس إدراكا عميقا لعدالة الموقف المغربي.
وأردف عمر هلال، قائلا: “نحن أمام فاعلين رئيسيين في صنع القرار داخل مجلس الأمن، أحدهما يعرف المنطقة جيدا وسكانها وتاريخها، ويدعم الآن هذا الحل من خلال الاعتراف الرسمي بقضيتنا… وكان الأمر بمثابة نقطة تحول حقيقية في مسار هذا الملف، في الوقت الذي تستمر فيه الجزائر، للأسف، في رفض العودة إلى طاولة المفاوضات، متمسكة بخطاب متجاوز يعود لحقب الحرب العالمية الثانية والحرب الباردة”.
وشدد على أن المغرب تمكن، بفضل رؤية الملك، من فرض مقترحه لحل النزاع، مستندا إلى مصداقيته، واستقراره، وتنميته، والتزامه الدولي المسؤول، سواء على مستوى السلم في المنطقة، أو في الشرق الأوسط، أو إفريقيا، موضخا أن المملكة دائما ما كانت حاضرة للمساهمة في جهود السلام، والتنمية، ومعالجة القضايا المطروحة داخل منظومة الأمم المتحدة، فهي “شريك موثوق، ملتزم ومتماسك، سواء تعلق الأمر بالسلم أو التنمية أو القضايا الأممية الكبرى”.
وفي معرض جوابه عن شرعية جبهة “البوليساريو” لتمثيل ساكنة الصحراء، شدد هلال على أن هذه الجبهة لا تملك أي شرعية قانونية أو شعبية، مؤكدا أن التمثيلية لا تُمنح، بل تُكتسب عبر الانتخابات والمشروعية الديمقراطية، وهو ما يغيب تماما عن مخيمات تندوف.
وقال: “ما قامت به الجزائر والبوليساريو هو عملية استحواذ مزدوجة: الجزائر استحوذت على مصير سكان مخيمات تندوف، والبوليساريو استحوذت على مفهوم “التمثيلية المزعومة”، وأضاف أن نفس الوجوه تتكرر على رأس الجبهة منذ عقود، دون انتخابات، دون تداول، في مقابل وجود نخب مغربية منتخبة تمثل مختلف الأجيال والقبائل والمجتمع المدني، ما يعكس حيوية سياسية حقيقية في الأقاليم الجنوبية.
وأكد هلال أن لا الأمم المتحدة ولا الاتحاد الإفريقي يعترفان بـ”البوليساريو” كممثل شرعي ووحيد لساكنة الصحراء، مضيفا أن تقارير مراكز أبحاث أمريكية تعزز هذا الطرح، وتكشف عن الصلات المشبوهة بين الجبهة وجماعات إرهابية، كما ورد مؤخرا في تقرير لصحيفة واشنطن بوست.