ألقى الملك محمد السادس أول خطاب له بعد توليه رسميا عرش المملكة المغربية، خلفا لوالده الراحل، الحسن الثاني، في 30 يوليوز 1999، وقد مر اليوم على خطابه الأول 25 سنة بالتمام والكمال، شهد فيها المغرب خلال هذه المدة، تطورا كبيرا على مختلف الأصعدة.
ووفق ما أكدته العديد من تقارير الجرد لإنجازات الملك محمد السادس، خلال ربع قرن من حكمه، فإنه بالفعل كان وفيا لما قاله في أول خطاب للعرش توجه به إلى الشعب المغربي، عندما تعهد قائلا: ” نحن بحول الله مصممون العزم على مواصلة مسيرة التطور والنماء لصالحك شعبي العزيز. ولفائدة جميع فئات الشعب. ولاسيما الفئات المحرومة التي يستأثر مصيرها باهتمامنا، والتي نوليها عطفنا وحنونا”.
وتؤكد المؤشرات الاجتماعية اليوم، المجهودات الكبيرة التي قام بها الملك محمد السادس للرفع من المستوى المعيشي للمغاربة، بالرغم من الظروف الاقتصادية التي تتأثر بالعديد من العوامل الخارجية، كالحروب والأوبئة وغيرها.
في هذا التقرير، يُسلط موقع “سفيركم” الضوء على أبرز ما جاء في جميع خطابات الملك محمد السادس، من أول خطاب للعرش سن1999 إلى غاية خطابه الأخير لسنة 2023.
خطاب العرش الأول لسنة 1999
هذا الخطاب كان ذات طبيعة “خاصة”، فهو أول خطاب رسمي للعرش يُوجهه محمد السادس بصفته كملك، للشعب المغربي، وقد كان استثنائيا بالنسبة للملك أيضا، حيث قال في الفقرات الأولى من الخطاب: “يخالجنا في هذه اللحظة التاريخية شعور مزيج من السعادة بالتوجه إليك في أول خطاب لنا نلقيه عليك، ومن الألم لفقد والدنا الملهم في وقت كنا في أمس الحاجة إلى المزيد من عطائه”.
وأبرز ما ركز عليه الملك محمد السادس في هذا الخطاب، هو تأكيده على إدراكه بـ”الأمانة” التي على عاتقه، وتأكيد على أنه سيمضي قدما في مسيرة النماء والتطور للمملكة، بالتركيز على المجالات التي تحظى بأهمية كبيرة، في مقدمتها التعليم، ومحاربة الفقر، والالتزام بإكمال الوحدة الترابية للمملكة، في إشارة إلى قضية الصحراء.
وشدد الملك على “إننا نطمح إلى أن يسير المغرب في عهدنا قدماً على طريق التطور والحداثة، وينغمر في خضم الألفية الثالثة مسلحاً بنظرة تتطلع لآفاق المستقبل في تعايش مع الغير، وتفاهم مع الآخر، محافظاً على خصوصيته وهويته دون انكماش على الذات، في كنف أصالة متجددة، وفي ظل معاصرة ملتزمة بقيمنا المقدسة”.
خطاب العرش لسنة 2000
هذا الخطاب، كان هو خطاب الذكرى الأولى لتولي الملك محمد السادس لعرش المملكة المغربية، وقد أشار الملك إلى ذلك في بداية خطابه، حيث قال:” يغمرنا شعور مفعم بالغبطة والتأثر ونحن نخاطبك في هذا اليوم الذي نحتفي فيه جميعا بالذكرى الأولى لاعتلائنا عرش أسلافنا الميامين مستخلفين لأداء الرسالة وحمل الأمانة سائرين على نهجهم القويم في قيادتك وإعلاء شانك والارتقاء بك”.
ويعتبر هذا الخطاب من بين أبرز خطابات العرش المطولة للملك محمد السادس، والتي كانت فرصة للإشارة إلى المشاريع والقرارات والإجراءات التي أعطى انطلاقاتها في أول سنة من حكمه، حيث قال: “هكذا انطلقنا في لقاء مباشر معك ومعاينة ميدانية لأحوال كل فئاتك وجهاتك خاصة المحرومة منها في بناء مجتمع حداثي قوامه ترسيخ دولة الحق والقانون وتجديد وعقلنة وتحديث أساليب إدارتها وإعادة الاعتبار للتضامن الاجتماعي والمجالي وتفعيل دور المجتمع المدني وإنعاش النمو الاقتصادي وحفز الاستثمار العام و الخاص وانطلاق تنمية شمولية وإقلاع اقتصادي يضع في صلب أولوياته تشغيل الشباب والنهوض بالعالم القروي والشرائح الاجتماعية والمناطق المعوزة وتأهيل الموارد البشرية والذود عن وحدة التراب واستثمار الرصيد الثمين للإشعاع الدولي للمغرب بنفس واليات جديدة”.
وأعطى الملك محمد السادس في هذا الخطاب تفاصيل كل المشاريع والأهداف المتوخاة، والأفق الذي تطمح إليه المملكة المغربية، سواء في المشاريع الداخلية، أو المشاريع الخارجية والشراكات الدولية، مثل الشراكة مع الاتحاد الأوروبي التي كانت قد انطلقت في مارس من سنة 2000.
خطاب العرش لسنة 2001
ركز الملك محمد السادس في خطاب العرش لسنة 2001، على قضايا عديدة، ذات الطابع الحقوقي والسياسي والثقافي، حيث قال “لقد بادرنا خلال السنة الماضیة إلى ترسیخ ما تحقق لبلادنا من مكتسبات في مجال الدیمقراطیة السیاسیة معتزمین مواصلة هذا النهج في تعزیز الحریات العامة وحقوق الإنسان وفصل السلط واستقلالها وتوازنها، وكذا توطید المؤسسات التمثیلیة، واللامركزیة والجهویة”.
ووجه الملك في هذا الخطاب العديد من التعليمات والتوجيهات المتعلقة بالانتخابات، حيث كان المغرب مقبل على الانتخابات التشريعية بعد سنة، حيث دعا إلى الالتزام بالقوانين الدستورية الموجهة للانتخابات وسهر جميع الفاعلين في إنجاح الاستحقاقات بناء على مكتس بالاستقرار الذي تنعم به المملكة.
كما تحدث الملك في هذا الخطاب على تعدد الهوية المغربية، مشيرا على أنها هوية أمازيغية عربية صحراوية إفريقية أندلسية، وتحدث لأول مرة عن إدراج الأمازيغية في التعليم بالمملكة.
خطاب العرش لسنة 2002
خطاب العرش لسنة 2002، جاء قبل أقل أسابيع من انطلاقات الانتخابات التشريعية، وقد قال الملك محمد السادس بهذه المناسبة في بداية خطابه:”إذا كان خطاب العرش يكتسي كل سنة أهمية بالغة لكونه يرصد أحوال الأمة ويرسم معالم العمل المستقبلي فإن خطاب العرش لهذا العام يتميز بكونه يحل قبل أسابيع معدودة/ من انتخاب مجلس جديد للنواب . كما أنه يعتبر مطلعا لسنة حافلة بالاستحقاقات الانتخابية فلن يحل مثل هذا اليوم الأغر من السنة المقبلة، بحول االله، إلا وقد تم تجديد انتخاب سائر المؤسسات التمثيلية”.
وكان هذا الخطاب أيضا فرصة أخرى للملك محمد السادس، لتذكير الناخبين والمنتخبين بأهمية الالتزام بالقوانين الدستورية وإنجاح الاستحقاقات بما يؤدي إلى مصحلة البلدن حيث قال في هذا السياق “إذا كانت المنافسة الديمقراطية ضرورية فإن لها حدا هو المصلحة العليا للبلاد”.
كما أعلن الملك في هذا الخطاب قائلا:” سنقوم، في الأسابيع المقبلة، بحول االله، بتنصيب كل من المجلس الاستشاري الجديد لحقوق الإنسان وديوان المظالم”.
خطاب العرش لسنة 2003
خطاب العرش لسنة 2003، جاء في ظروف استثنائية كانت تعيشها المملكة المغربية، عقب الأحداث الإرهابية في ماي 2003 التي هزت مدينة الدار البيضاء وخلفت عددا من القتلى، كما خلفت صدمة كبيرة لدى الشعب المغربي.
وطغى هذا الحدث المؤلم على خطاب الملك محمد السادس في هذه السنة حيث قال:” لقد جرت العادة بان يتضمن خطاب العرش حصيلة وافاق عمل الدولة. لكن حرصي على مصارحتك بالوضعية التي تمر بها البلاد دفعني لجعل هذا الخطاب يشكل وقفة وطنية جماعية تتجاوز التذكير الموءلم للاحداث الارهابية للدارالبيضاء إلى استخلاص الدروس والتدبر في تصحيح مسار الأمة. ومهما تكن فظاعة هذه الجرائم الارهابية فاننا نحمد الله تعالىعلى ما أحاطنا به من ألطاف. ربانية مكنتنا من السيطرة على شبكتها الإجرامية”.
واغتنم الملك محمد السادس فرصة هذا الخطاب للتأكيد على ثوابت المملكة المغربية المرتبطة بالإسلام منذذ 14 قرنا، مشيرا إلى أن المغاربة لا حاجة لهم اليوم في “استيراد” مذاهب دينية من جهات أخرى، داعيا المغاربة إلى التضامن لمحاربة كافة أشكال الإرهاب التي قد تُهدد استقرار البلاد.
خطاب العرش 2004
ركز الملك محمد السادس في خطاب 2004 أكثر على النظرة الاستشرافية للمشاريع المستقبلية بالمغرب، بدل جرد أبرج الانجازات التي تحققت في عام 2003، مثل مشروع المركب المينائي طنجة المتوسط الذي كان قد أعطى انطلاقته في الشهور الماضية.
كما تحدث الملك في ذات الخطاب عن المشاريع والأوراش الكبرى التي تم إطلاقها، من بينها أيضا الطريق السيار بين طنجة وأكادير عبر مراكش.
كما تحدث الملك أيضا على قضية الصحراء، حيث قال: “ستظل أسبقية الأسبقيات بالنسبة للمغرب، إيجاد حل سياسي نهائي ومتفق عليه، بالنسبة للخلاف المفتعل حول صحرائنا. ولن ندخر جهدا مع الأمم المتحدة والدول المجاورة، وغيرها من شركاء المملكة، من أجل بلوغ ذلك، عبر تمكين أقاليمنا الصحراوية، من اختصاصات واسعة للتدبير الديمقراطي لشؤونها الجهوية، في إطار احترام سيادة المملكة، ووحدتها الترابية والوطنية، ومقدساتها وثوابتها”.
خطاب العرش لسنة 2005
تزامن خطاب العرش لسنة 2005، مع الذكرى الخمسين لاستقلال المغرب من الاستعمار، وقد قال الملك محمد السادس في بداية خطابه “يكتسي احتفالنا بعيد العرش لهذه السنة، طابعاً متميزاً، لتزامنه مع الذكرى الخمسين للاستقلال. لذلك، ارتأيت أن أجعل من خطابي لك اليوم، في الذكرى السادسة لتقلدي أمانة قيادتك، وقفة جماعية، لاستلهام روح الوطنية العالية، التي بفضلها استرجع المغرب سيادته، ولترسيخ قيم المواطنة المسؤولة، باعتبارها الغاية والوسيلة للنهوض بالأوراش الكبرى، للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي تعاهدنا على إنجازها، ضمن إجماع شامل حول ثوابت الأمة وخياراتها الكبرى”.
كما كان الخطاب مناسبة لتأكيد الملك محمد السادس على عزم المملكة في المضي قدما في الدفاع عن الوحدة الترابية، حيث قال الملك “نجدد الإعراب عن استعداده الدائم للتفاوض الجاد، لإيجاد الحل السياسي التوافقي النهائي، للنزاع المفتعل حول مغربية صحرائه، والذي يحظى بدعم المنتظم الدولي، بما يخول أقاليمنا الجنوبية حكما ذاتيا، في ظل سيادة المملكة ووحدتها الوطنية والترابية”.
وتحدث الملك بأسف عن الأوضاع المأساوية للصحراويين المعتقلين في تندوف.
خطاب العرش لسنة 2006
وفي خطابه بمناسبة الذكرى السابعة لاعتلائه عرش أسلافه المنعمين، أكد الملك محمد السادس على أهمية تعزيز الثقة في الذات والهوية، مشيرا إلى الإنجازات التي حققها المغرب في مساره التنموي والإصلاحات التي أطلقها، وقال جلالته، “بما راكمته بلادنا من مكاسب ومنجزات، وبما فتحناه من أوراش كبرى، وما أطلقناه من إصلاحات ومبادرات.”
كما تناول جلالته قضية الصحراء المغربية، مشيرا إلى مقترح الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية ضمن سيادة المغرب، وقيامه بتنصيب المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، وأوضح جلالته: “قررنا تقديم اقتراح بشأن تخويل أقاليمنا الجنوبية حكما ذاتيا، ضمن سيادة المملكة المغربية ووحدتها الوطنية والترابية.”
وأكد الملك محمد السادس على التزام المغرب بالسلام والتعاون الدولي، مشيدا بالجهود المبذولة لتحقيق التنمية البشرية والاقتصادية، وداعيا إلى تعزيز الثقة بين الفاعلين السياسيين والمواطنين، وقال جلالته، “”لذا، شعبي العزيز، كان حرصنا ولا يزال شديدا، على أن يعم الإحساس بالثقة كل مناحي الحياة الوطنية، ثقة بين الفاعلين السياسيين، تنظمها المؤسسات، وتضمنها القوانين، ثقة في البلاد وفي إمكاناتها، من شأنها أن تحرر الطاقات، وتحفز على المبادرة والانخراط الفاعل في العملية التنموية، وثقة في بعضنا البعض.”
خطاب العرش لسنة 2007
وفي الذكرى الثامنة لتوليه العرش، أكد جلالة الملك محمد السادس على استعداد المغرب الدائم للتفاوض على الحكم الذاتي للصحراء، بشرط أن يكون ضمن سيادة المملكة المغربية الكاملة والدائمة، وشدد على أن “المغرب مستعد للتفاوض بشأن الحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية”، داعيا كافة الأطراف المعنية بالتسوية السياسية للنزاع المفتعل إلى اغتنام الفرصة التاريخية التي تتيحها هذه المبادرة.
كما أعرب جلالة الملك عن ارتياحه لدعم مجلس الأمن والأمم المتحدة لمبادرة المغرب، واصفا إياها بأنها “جدية وذات مصداقية”، وأشاد بالدول الشقيقة والصديقة التي ساندتها، كما أكد على أهمية مواصلة مسار الإصلاحات الديمقراطية والتنموية لتعزيز التحول الإيجابي الذي أفرزته المبادرة، مع التأكيد على ضرورة تعبئة جميع القوى الوطنية ودعم الجبهة الداخلية لتحقيق الأهداف المرجوة.
وفي خطابه، دعا جلالته إلى تعزيز التنمية في مختلف المجالات بما فيها الفلاحة والطاقة والتنمية البشرية، مشددا على أهمية “ترسيخ الديمقراطية وتعزيز المشاركة الفعالة للمواطنين في تدبير الشأن العام من خلال الانتخابات المقبلة”، وأكد أن المغرب سيواصل مسيرته التنموية والسياسية بتصميم وإرادة قوية، معتمدا على رصيده الديمقراطي النموذجي في المنطقة.
خطاب العرش لسنة 2008
وفي الخطاب الملكي السامي بمناسبة الذكرى التاسعة لتربع جلالة الملك محمد السادس على العرش، أكد جلالته إصرار المغرب على استمرار سياسة اليد الممدودة في حل نزاع الصحراء، مع السعي لتحسين العلاقات مع الجزائر، “بهدف إصلاح ذات البين وترسيخ الثقة”، كما شدد جلالته على ضرورة الحوار والمصالحة الشاملة مع الأطراف المعنية، “بالحوار والمصالحة الشاملة، مع الأطراف المعنية بقضية الصحراء”، وأكد تعهد المغرب بمواصلة مبادراته الصادقة لتحقيق تطبيع العلاقات مع الجزائر وتعزيز التعاون الإقليمي.ذ
كما نوه جلالته بالجهود التي بذلتها الدبلوماسية المغربية، والتي أثمرت اعتراف الأمم المتحدة بمصداقية مبادرة الحكم الذاتي المغربية ودعم المجتمع الدولي لسيادة المملكة على صحرائها، وجدد المغرب استعداده للتفاوض الجاد لتحقيق حل سياسي توافقي لنزاع الصحراء، مشددا على رفض أي محاولة لفرض الأمر الواقع أو المس بتراب الوطن، حيث أشار إلى، “مصداقية مبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب والدعم الدولي المتنامي لأحقية المملكة في سيادتها على صحرائها.”
وفي السياق الداخلي، سلط جلالته الضوء على التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها المغرب، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية، وركز على أهمية الإصلاحات الهيكلية في التعليم والفلاحة والطاقة، ودعا إلى تحسين ظروف المعيشة وتوفير فرص العمل للشباب، مع التأكيد على ضرورة تعزيز الثقة في المؤسسات القضائية وتعميق الديمقراطية ومواصلة التنمية المستدامة، قائلا، “نؤكد عزمنا على جعل الفئات الوسطى، مرتكز المجتمع المتوازن، والتأكيد على ضرورة الإصلاحات الهيكلية في التعليم والفلاحة والطاقة.”
خطاب العرش لسنة 2009
وفي خطاب جلالته بمناسبة الذكرى العاشرة، تطرق إلى ثلاثة محاور رئيسية: التقدم الديمقراطي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والتحديات والفرص الاقتصادية، وأهمية الجهوية المتقدمة والإصلاح القضائي.
وفي المحور الأول، أكد جلالته، أن المغرب قطع أشواطا كبيرة في بناء الديمقراطية والتنمية، مشيرا إلى ضرورة معالجة العوائق والاختلالات لتكملة مسار بناء مغرب الوحدة والديمقراطية والتنمية، وقال جلالته: “إن المغرب قد قطع أشواطا كبرى، في البناء الديمقراطي التنموي، شكلت منعطفا هاما في تاريخه.”
كما تطرق في المحور الثاني، إلى التحديات الاقتصادية التي تواجه البلاد وأهمية مواجهة الأزمة المالية العالمية من خلال استراتيجيات فعالة ومبادرات اقتصادية مبتكرة، قائلا، “الاقتصاد المغربي استطاع أن يواجه نسبيا التداعيات الاقتصادية والاجتماعية لأزمة مالية عالمية عصيبة.”
وفي المحور الثالث، شدد الملك على أهمية الجهوية المتقدمة والإصلاح القضائي لضمان الحكامة الجيدة والتنمية المتوازنة، وأعلن عن تنصيب اللجنة الاستشارية للجهوية، قائلا، “قررنا فتح ورش إصلاحي أساسي، بإقامة جهوية متقدمة، نريدها نقلة نوعية في مسار الديمقراطية المحلية.”
خطاب العرش لسنة 2010
وفي خطاب جلالة الملك محمد السادس السامي إلى الأمة، بمناسبة الذكرى الحادية عشرة لتربعه على عرش أسلافه، أكد جلالته، على أهمية تجديد أواصر البيعة المتبادلة والإجماع على ثوابت الوطن ووحدته، وركز جلالته على أربع دعامات أساسية لتحقيق التنمية الشاملة، تشمل الدور الاستراتيجي للدولة في تحديد الاختيارات الأساسية، وتعزيز الصرح الديمقراطي، وجعل المواطن محور التنمية، وتمكين الاقتصاد الوطني من مقومات التأهيل كما أكد جلالته بقوله، “قيام الدولة، تحت قيادتنا، بدورها الاستراتيجي في تحديد الاختيارات الأساسية، والنهوض بالأوراش الكبرى والتحفيز والتنظيم وتشجيع المبادرة الحرة والانفتاح الاقتصادي المضبوط.”
كما أكد جلالته أيضا، على أن التنمية المستدامة تتطلب تنمية متناسقة تعتمد على نمو اقتصادي متسارع يعزز التضامن الاجتماعي، مع مراعاة الحفاظ على البيئة وتطبيق منهج الحكامة الجيدة، وأشار جلالته إلى ضرورة مواصلة الجهود لتحقيق المشاريع الكبرى في مجالات النقل والمواصلات والصناعة والسكن، بالإضافة إلى تطوير القطاعات الحيوية مثل الفلاحة والصيد البحري والسياحة، كما قال جلالته، “جسدناه في المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي حققت على مدى خمس سنوات، نتائج ملموسة في محاربة الفقر والإقصاء والتهميش.”
وشدد جلالة الملك، على أهمية مواجهة ثلاثة عوائق رئيسية لتحسين فعالية المخططات القطاعية وهي: ضعف التنافسية، اختلال حكامة المخططات، وتأهيل الموارد البشرية، مؤكدا على ضرورة الاستمرار في الإصلاحات، وتشجيع البحث العلمي والابتكار، والانخراط في الاقتصاد العصري لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، بما يعزز مكانة المغرب إقليميا ودوليا، وقال جلالته أيضا، “من مسؤولية الجميع، الإقدام على اتخاذ قرارات شجاعة، لتحقيق الملاءمة بين التكوين العلمي والمهني والتقني، وبين مستلزمات الاقتصاد العصري، وتشجيع البحث العلمي والابتكار، والانخراط في اقتصاد ومجتمع المعرفة والاتصال.”
خطاب العرش لسنة 2011
وفي خطاب جلالته بمناسبة الذكرى 12 لتربعه على عرش أسلافه الميامين، أكد جلالته في خطابه السامي على أن “المغرب ماض في الدفاع عن سيادته ووحدته الترابية التي لا مجال فيها للمساومة،” وأوضح جلالته أن “قضية وحدتنا الترابية ستظل أسبقية الأسبقيات، في سياستنا الداخلية والخارجية”، مشيرا إلى أن “القانون الأسمى الجديد للمملكة، بما يكرسه من تشبث بالمرجعيات والقيم الكونية المثلى، ومن سمو للمواثيق الدولية، كما صادقت عليها المملكة، على التشريعات الوطنية، يشكل رافعة قوية لعمل الدبلوماسية الوطنية، في خدمة المصالح العليا والقضايا العادلة للمغرب” وأضاف جلالته، “الالتزام بسمو الدستور روحا ومنطوقا، كنهج قويم ووحيد لتطبيقه.”
وفي سياق التأكيد على احترام القيم الدستورية، شدد جلالة الملك على أن “أي ممارسة أو تأويل، مناف لجوهره الديمقراطي يعد خرقا مرفوضا مخالفا لإرادتنا، ملكا وشعبا” كما أشار إلى أهمية “إيجاد مناخ سياسي سليم، جدير بما أفرزه هذا الدستور من مغرب جديد” وأكد أن “تعزيز انخراط المغرب في المنظومة الحقوقية الدولية، طبقا لما كرسه الدستور الجديد” هو من الأولويات الأساسية، مشددا على ضرورة العمل على تعزيز التزام المغرب بالمعايير الحقوقية الدولية.
كما أوضح جلالة الملك ضرورة “بناء الاتحاد المغاربي وتعزيز العلاقات الثنائية مع الدول العربية والإسلامية والإفريقية” وأكد جلالته أنه “لن يدخر جهدا لتنمية علاقاته الثنائية مع دول المنطقة”، مشيرا إلى أن “الوتيرة الإيجابية للقاءات الوزارية والقطاعية الجارية، المتفق عليها مع الجزائر الشقيقة” تمثل خطوة هامة في هذا الاتجاه، ومعربا جلالته عن التزامه “وفاء لأواصر الأخوة العريقة بين شعبينا الشقيقين، ولتطلعات الأجيال الصاعدة، بإعطاء دينامية جديدة، منفتحة على تسوية كل المشاكل العالقة، من أجل تطبيع كامل للعلاقات الثنائية بين بلدينا الشقيقين، بما فيها فتح الحدود البرية.”
خطاب العرش لسنة 2012
وفي ذكرى خطابه بمناسبة الذكرى الـ13 لتربعه على العرش، أكد جلالة الملك محمد السادس، على أن المغرب “منكب على تحقيق الجهوية المتقدمة في الصحراء المغربية”، مشيرا إلى أن هذه الجهوية المتقدمة هي جزء من استراتيجية تهدف إلى إحداث تغيير جوهري في تنظيم الدولة والعلاقات بين المركز والجماعات الترابية، وذكر جلالته، أن “الجهوية المتقدمة التي أطلقناها، وكرسها الدستور الجديد، ورشا كبيرا يتعين تدبيره بكامل التأني والتبصر”، مما يعكس التزام المملكة بتحقيق التنمية الشاملة في المناطق الجنوبية.
ومن جانب العدالة الاجتماعية، شدد جلالة سموه، على أهمية الإصلاحات في تحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية البشرية، قائلا، “ستظل الدبلوماسية المغربية وفية لثوابتها العريقة في التعامل مع العالم الخارجي”، وهو ما يعكس الالتزام بتعزيز المساواة والتطوير الاجتماعي على مستوى الوطن، كما أكد الملك أن “الركود الاقتصادي الذي يعيشه العالم منذ 2008، وما نتج عنه من تغيرات على صعيد العلاقات الدولية، يحثنا على مواصلة الإصلاحات”، وهو ما يعكس استعداد المغرب لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية.
وفي ذات الخطاب، أعرب جلالة الملك عن التزام المغرب بتعزيز علاقاته الدولية والبحث عن حلول لمشاكل الإقليم، حيث أشار إلى أن “المملكة المغربية تظل منخرطة في المشاريع الفعالة للتعاون معها”، وأكد جلالته كذلك على أن المغرب “منكب على تحقيق الجهوية المتقدمة في الصحراء المغربية، ومواصلة إنجاز أوراش التنمية الاجتماعية والاقتصادية في هذه المنطقة”، كما أكد سموه، على أهمية “إعادة النظر في طريقة تعامل المجتمع الدولي مع القضية الفلسطينية”، مشيرا إلى ضرورة تعزيز التعاون الدولي لتحقيق السلام والاستقرار.
خطاب العرش لسنة 2013
في الذكرى الـ14 من اعتلاء الملك محمد السادس الحكم، تقدم للشعب المغربي بخطاب استحضر فيه ما تم إنجازه من إصلاحات منذ تولي العرش، إذ أكد فيه على التزامه بالأوراش الاصلاحية التي أخذها على عاتقه مشيرا إلى أهمية كرامة المواطن المغربي لديه في كل هذه الاصلاحات بشتى المجالات قائلا ” لقد عملنا منذ اعتلائنا العرش، على إطلاق العديد من الأوراش الاقتصادية والاجتماعية في موازاة مع الإصلاحات السياسية والمؤسساتية، في تجاوب مع تطلعاتك، وقد جعلنا كرامة المواطن المغربي وازدهاره في صلب اهتماماتنا، إنها مسيرة متواصلة، قوامها مبادرات جريئة، وأعمال حازمة، ومقاربات تشاركية، مع الاستغلال الأنجع لكل الأمكانات المتاحة”.
وأشار إلى أن المغرب حقق تقدما مهما في بنياته الأساسية “تم تزويد مختلف مدننا وقرانا بالماء الصالح للشرب والكهرباء وغيرهما. كما تم تحقيق تكور ملموس، على مستوى التجهيزات الكبرى، كالموانئ والمطارات وتعزيز الشبكة الطرقية والتدبير الأمثل للموارد المائية، وإطلاق مشاريع تطوير النقل السككي والنقل الحضري. كل ذلك غير ملامح مختلف الأقاليم وأعطى المغرب وجها جديدا ووفر الظروف الملائمة لتطوير الاستراتيجيات المعتمدة في شتى القطاعات”.
وأضاف أن التنفيذ التدريجي للاستراتيجيات القطاعية مكن المغرب من جلب الاستثمار الأجنبي رغم الوضعية الاقتصادية والمالية العالمية الصعبة، موضحا في خطابه الالتزام بتشجيع الاستثمار.
ولم يفت الملك محمد السادس في هذه المناسبة أن يذكر بأن إصلاح القضاء كان من أولوياته حيث قال في خطابه” ما فتئنا منذ تولينا قيادتك، نضع إصلاح القضاء وتخليقه وعصرنته وترسيخ استقلاليته في صلب اهتماماتنا ليس فقط لإحقاق القانون ورفع المظالم وإنما أيضا لتوفير مناخ الثقة كمحفز على التنمية والاستثمار”.
خطاب العرش لسنة 2014
الذكرى الـ15 للملك محمد السادس لتولي الملك العرش وككل سنة يخاطب فيها الشعب المغربي، واعتبره وقفة تأمل وتساؤل مع الذات حول الايجابيات والسلبيات التي طبعت مسيرته حيث قال” إننا لا نريد أن نجعل منها مناسبة لاستعراض حصيلة المنجزات لأنها مهما بلغت ستظل دون ما نرتضيه لك شعبي الوفي، وإنما نريدها وقفة تأمل وتساؤل مع الذات بكل صراحة وصدق وموضوعية حول ما طبع مسيرتنا من إيجابيات وسلبيات للتوجه نحو المستقبل بكل ثقة وعزم ونفاؤل” مضيفا “..إن إجراء هذه الوقفة مع الذات تعد ضرورية بالنسبة لخديمك الأول، الذي يتحمل أمانة أكثر من 35 مليون مغربي”.
وخلال هذا الخطاب طرح الملك عدة تساؤلات حول المنجزات وهل حققت شيئا للمواطن المغربي وهل لمس تحسنا من خلال الأوراش الإصلاحية التي أطلقها طيلة فترة حكمه، مؤكدا بعد ذلك على انه لا يمكن لأحد أن ينكر ما أقدم عليه المغرب من تحولات ومحطات إصلاحية مهمة
وفي هذا الخطاب بعض التذكير بتصنيف المغرب في الرتب الأولى لقياس الثروة الشاملة، جاء أهم سؤال الذي اعتبره المغاربة أهم ما يمكن أن يطرح كل مغربي ومواطن وهو “..أتساءل باستغراب مع المغاربة: أين هي هذه الثروة؟ هل استفاد منها جميع المغاربة أم أنها همت بعض الفئات فقط؟” مؤكدا على أن هذه الثروة يظهر في الواقع “لا يستفيد منها جميع المواطنين ذلك أنني ألاحظ خلال جولاتي التفقدية بعض مظاهر الفقر والهشاشة وحدة الفوارق الاجتماعية بين المغاربة”.
ليقرر بذلك توكيل كلا من المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي وبنك المغرب ومؤسسات وطنية ودولية، بالقيام بدراسة لقياس القيمة الاجمالية للمغرب ما بين 1999 الى 2013.
خطاب العرش لسنة 2015
هو خطاب الذكرى ال16 لتولي العرش، ذكر فيه الملك محمد السادس على أنه رغم ما أنجز ورغم الارقام والحصيلة يبقى غير كاف “مادامت هناك فئة تعاني ظروف الحياة القاسية وتشعر بأنها مهمشة رغم كل الجهود المبذولة”. مشيرا إلى حرصه على أن يستفيد جميع المواطنين من خيرات البلاد
وبقوة الكلمات سجل خطاب الملك أهم ما تم تداوله المغاربة من خلال كلامه الذي لمسهم حيق قال ” فكل ما تعيشونه يهمني، مايصيبكم يمسني وما يسركم يسعدني وما يشغبكم أضعه دائما في مقدمة انشغالاتي”.
خطاب الذكرى ال16 لم يكن عاديا حيث ركز فيه الملك عبىء المواطن المغربي الضعيف والمحدود القدرة موضحا تلك اللحمة التي تجمع الملك بالشعب معبرا عن ذلك” إن ما يحز في نفسي تلك الأوضاع الصعبة التي يعيشها بعض المواطنين في المناطق البعيدة والمعزول. وخاصة بقمم الأطلس والريف والمناطق الصحراوية والجافة والواحات وببعض القرى والسهول والسواحل” .
وأشار ضمن خطابه للمهاجرين المغاربة الذين يعانون من بعض المشاكل عند عودتهم للمغرب داعيا إلى “ضرورة التعامل بكل حزم وصرامة مع كل من يحاول التلاعب بمصالحهم أو استغلال ظروفهم”.
خطاب العرش لسنة 2016
جاء خطاب الذكرى 17 من الحكم تزامنا مع اقتراب الانتخابات التشريعية بالمغرب والتي اعتبرها الملك مرحلة جديدة، مشيرا أنه لا يشارك “في أي انتخاب ولا أنتمي لأي حزب فأنا ملك لجميع المغاربة مرشحين وناخبين وكذلك الذين لا يصوتون”..” وكما قلت في خطاب سابق فالحزب الوحيد الذي أعتز بالانتماء إليه هو المغرب”.
وفي ذات السياق دعا الملك محمد السادس إلى عدم استخدامه في أي الانتخابات وصراعاتها “فشخص الملك يحظى بمكانة خاصة في نظامنا السياسي وعلى جميع الفاعلين مرشحين وأحزابا تفادي استخدامه في أي صراعات انتخابية أو حزبية”.
وخصص الملك خطابه هذا لمرحلة الانتخابات وما يمكن يحدث بها من اختيارات المرشحين. ما يمكن أن يقدم عليه الاحزاب، مؤكدا على ان المواطن أهم من الاحزب وانه مصدر السلطة التي يفوضها لهم كما له “سلطة محاسبتهم أو تغييرهم بناء على ماقدموه خلال مدة انتدابهم”. داعيا في ذات السياق الناخبين إلى تحطيم ضمائرهم والاحزاب إلى تقديم مرشحين أكفاء.
كما نبه الملك في خطابه لبعض ” التصرفات والتجاوزات الخطيرة التي تعرفها فترة الانتخابات والتي يتعين محاربتها ومعاقبة مرتكبيها”.
وبخطاب آمر قال ” كفى من الركوب على الوطن لتصفية حسابات شخصية او تحقيق أغراض حزبية ضيقة”. مشيرا في خطابه “المفهوم الجديد للسلطة يعني المساءلة والمحاسبة….والفساد ليس قدرا محتوما ولم يكن يوما من طبع المغاربة”.
خطاب العرش لسنة 2017
في الذكرى ال18 من الحكم توجه الملك محمد السادس للشعب المغربي بخطاب كرس فيه مرة أخرى الحديث عن الاصلاحات التي اقدم عليها المغرب وعن المفارقة التي يعيشها البلد من خلال ما يحظى به من مصداقية قارية ودولية وبين الانجازات المتواضعة في الجانب الاجتماعي “حتى أصبح من المخجل أن يقال أنها تقع في مغرب اليوم”. معبرا على عدم اقتناعه بما تم تحقيقه على مستوى برامج التنمية البشرية والترابية.
وأشار أيضا إلى غياب حس المسؤولية وضعف العمل المشترك في عدة ميادين، في مقاربة بين القطاع الخاص والقطاع العمومي اعتبر الملك أن القطاع الخاص يجلبون “أفضل الأطر المكونة في بلادنا والتي تساهم اليوم في تسيير أكبر الشركات الدولية بالمغرب والمقاولات الصغرى والمتوسطة والوطنية، أما الموظفون العمومميون فالعديد منهم لا يتوفرون على مايكفي من الكفاءة ولا على الطموح اللازم ولا تحركهم دائما روح المسؤولية”. مؤكدا على أن ضعف الادارة العمومية يعيق تقدم المغرب
وركز في هذا الخطاب عن الادارة العمومية التي لا تقوم بعملها بشكل مسؤول ولا تخدم المواطن مما يدفعه الى الشكوى للملك، وقال الملك بقوة وحزم ” لكل هؤلاء أقول كفى واتقوا الله في وطنكم إما أن تقوموا بمهامكن كاملة وإما أن تنسحبوا” .
وفي نوع من الساؤل الاستنكاري والتوبيخ للمسؤولين قال الملك ” أنا لا أفهم كيف يستطيع أي مسؤول لا يقوم بواجبه أن يخرج من بيته ويستقيل سيارته ويقف في الضوء الأحمر وينظر إلى الناس دون خجل ولا حياء وهو يعلم بأنهم يعرفون بأنه ليس له ضمير. ألا يخجل هؤلاء من أنفسهم رغم أنهم يؤدون القسم أما الله والوطن والملك، ولا يقومون بواجبهم، ألا يجدر أن تتم محاسبة أو إقالة أي مسؤول إذا ثبت في حقه تقصير أو إخلال في النهوض بمهامه” مشدا بعد ذلك بتطبيق “ربط المسؤولية بالمحاسبة”.
خطاب العرش لسنة 2018
حمل خطاب الملك بمناسبة الذكرى 19 لتربعه على العرش، رسائل قوية إلى الشعب المغربي للتشبث بوحدته وتلاحمه والافتخار بهويته، كما دعى الأحزاب السياسية إلى الابتعاد عن التواصل السياسي الهدام، في الفترة الحساسة والتاريخية التي مرت منها البلاد، داعيا إلى تحقيق عدالة اجتماعية ومجالية في المجتمع المغربي من خلال دعم المقاولات الصغرى والمتوسطة.
ففي البداية عرج الملك على أهمية الوحدة، والتلاحم في تلك المرحلة الحساسة من تاريخ البلاد، والتي لها مخاطر كبيرة على أمنها الداخلي والخارجي، ولا سيما من أعداء وحدة المغرب الترابية، مؤكدا على ضرورة عدم الانسياق وراء بائعي الوهم الذين يبخسون إنجازاته.
وجاء في خطاب الملك لسنة 2018، بمناسبة عيد العرش، ما يلي: “المغرب هو وطننا، وهو بيتنا المشترك. ويجب علينا جميعا، أن نحافظ عليه، ونساهم في تنميته وتقدمه. إن الوطنية الحقة تعزز الوحدة والتضامن، وخاصة في المراحل الصعبة. والمغاربة الأحرار لا تؤثر فيهم تقلبات الظروف، رغم قساوتها أحيانا. بل تزيدهم إيمانا على إيمانهم، وتقوي عزمهم على مواجهة الصعاب، ورفع التحديات. وإني واثق أنهم لن يسمحوا لدعاة السلبية والعدمية، وبائعي الأوهام، باستغلال بعض الاختلالات، للتطاول على أمن المغرب واستقراره، أو لتبخيس مكاسبه ومنجزاته. لأنهم يدركون أن الخاسر الأكبر، من إشاعة الفوضى والفتنة، هو الوطن والمواطن، على حد سواء”.
وشدد جلالته في خطابه كذلك على ضرورة التحلي بالاعتزاز والافتخار بالهوية المغربية، لا سيما وأنها تتميز بتعدد الروافد وبتصدر الدين الإسلامي المركز الأول فيها، حيث قال جلالته: “المملكة المغربية دولة إسلامية ذات سيادة كاملة، متشبثة بوحدتها الوطنية والترابية، وبصيانة تلاحم مقومات هويتها الوطنية، الموحدة بانصهار كل مكوناتها، العربية-الإسلامية والأمازيغية، والصحراوية الحسانية، والغنية بروافدها الإفريقية والأندلسية والعبرية والمتوسطية. كما أن الهوية المغربية تتميز بتبوء الدين الإسلامي مكانة الصدارة فيها”.
ولم يقتصر خطاب جلالته على هذا فقط، بل أشار فيه أيضا إلى العدالة الاجتماعية والمجالية، مبرزا أن الحماية الاجتماعية ترتبط بشكل مباشر بالتشغيل، عبر دعم وتشجيع المقاولات الصغرى والمتوسطة، التي من شأنها أن تساهم في الانتعاش الاقتصادي وتوفير فرص الشغل. كما دعا إلى إعادة النظر في المنظومة الصحية وتنزيل برنامج التغطية الصحية “الراميد”.
وفي هذا الصدد، قال الملك محمد السادس: “حجم الخصاص الاجتماعي، وسبل تحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية، من أهم الأسباب التي دفعتنا للدعوة، في خطاب افتتاح البرلمان، إلى تجديد النموذج التنموي الوطني. فليس من المنطق أن نجد أكثر من مائة برنامج للدعم والحماية الاجتماعية من مختلف الأحجام، وترصد لها عشرات المليارات من الدراهم، مشتتة بين العديد من القطاعات الوزارية، والمتدخلين العموميين. وبالإضافة إلى ذلك، فهي تعاني من التداخل، ومن ضعف التناسق فيما بينها،
وعدم قدرتها على استهداف الفئات التي تستحقها. فكيف لهذه البرامج، في ظل هذا الوضع، أن تستجيب بفعالية، لحاجيات المواطنين وأن يلمسوا أثرها؟”.
خطاب العرش لسنة 2019
وكان خطاب عيد العرش العشرين لسنة 2019، خطابا تحليليا، أبدى فيه جلالته تقييمه للإنجازات المؤسساتية والمشاريع الكبرى، من قبيل: الطرق السيارة، ميناء طنجة المتوسط..، وكذا البنيات التحتية الأساسية وبنيات تحتية، معتبرا أن هذه تبقى غير كافية، خاصة وأن المواطن لا يلمس ننائجها ولم يستفد منها، حيث جاء في هذا الخطاب ما يلي: “لقد أنجزنا نقلة نوعية على مستوى البنيات التحتية، سواء تعلق الأمر بالطرق السيارة والقطار فائق السرعة والموانئ الكبرى، أو في مجال الطاقات المتجددة وتأهيل المدن والمجال الحضري. كما قطعنا خطوات مشهودة في مسار ترسيخ الحقوق والحريات، وتوطيد الممارسة الديمقراطية السليمة. إلا أننا ندرك بأن البنيات التحتية، والإصلاحات المؤسساتية، على أهميتها، لا تكفي وحدها. ومن منطلق الوضوح والموضوعية، فإن ما يؤثر على هذه الحصيلة الإيجابية هو أن آثار هذا التقدم وهذه المنجزات لم تشمل، بما يكفي، مع الأسف، جميع فئات المجتمع المغربي. ذلك أن بعض المواطنين قد لا يلمسون مباشرة تأثيرها في تحسين ظروف عيشهم، وتلبية حاجياتهم اليومية، خاصة في مجال الخدمات الاجتماعية الأساسية، والحد من الفوارق الاجتماعية، وتعزيز الطبقة الوسطى”.
وحمل الخطاب كءلك دعوة لإعادة النظر في النموذج التنموي الوطني وتحيينه، بعدما كشف عن “عدم قدرته على تلبية الحاجيات المتزايدة لفئة من المواطنين، وعلى الحد من الفوارق الاجتماعية، ومن التفاوتات المجالية. وهو ما دفعنا للدعوة لمراجعته وتحيينه”، مع الغستمرار في مسار الإصلاح بصيغة تنهج أسلوب القرب من المواطن.
وأبرز الملك محمد السادس أن تحيين النموذج التنموي الوطني وتحقيق العدالة الاجتماعية في حاجة ماسة إلى كفاءات وطاقات جديدة، وإلى انخراط المواطن المغربي في هذه العملية، قائلا: “فالمرحلة الجديدة ستعرف إن شاء الله، جيلا جديدا من المشاريع. ولكنها ستتطلب أيضا نخبة جديدة من الكفاءات في مختلف المناصب والمسؤوليات، وضخ دماء جديدة على مستوى المؤسسات والهيآت السياسية والاقتصادية والإدارية، بما فيها الحكومة. وفي هذا الإطار، نكلف رئيس الحكومة بأن يرفع لنظرنا، في أفق الدخول المقبل، مقترحات لإغناء وتجديد مناصب المسؤولية، الحكومية والإدارية، بكفاءات وطنية عالية المستوى، وذلك على أساس الكفاءة والاستحقاق… أريد هنا، أن أؤكد على ضرورة انخراط المواطن المغربي، باعتباره من أهم الفاعلين في إنجاح هذه المرحلة”.
خطاب العرش 2020
أما خطاب جلالته بمناسبة الذكرى الـ21 لعيد العرش، الذي جاء في فترة صعبة كانت تواجه فيها البلاد جائحة كورونا وتداعياتها، التي أبانت عن المعدن الثمين للمغاربة وحسهم التصامني وقيم تآزرهم المتجذرة، وعن حزمهم في التعامل مع أزمة كوفيد 19 العالمية، فقد ركز على العدالة الاجتماعية وضرورة محاربة الفوارق الاجتماعية من خلال إطلاق عملية تعميم التغطية الاجتماعية لجميع المغاربة، إلى جانب التركيز على تحقيق انتعاش اقتصادي كبير.
وركز الملك في خطابه على أهمية تحقيق التنمية من خلال محاربة الفوارق الاجتماعية لجميع الشرائح المغربية، عبر تعميم الحماية الاجتماعية، حيث قال في خطابه: “إن الهدف من كل المشاريع والمبادرات والإصلاحات التي نقوم بها، هو النهوض بالتنمية، وتحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية….ويأتي في مقدمة ذلك، توفير الحماية الاجتماعية لكل المغاربة، التي ستبقى شغلنا الشاغل، حتى نتمكن من تعميمها على جميع الفئات الاجتماعية”.
وواصل الملك في خطابه قائلا : “لذا، نعتبر أن الوقت قد حان، لإطلاق عملية حازمة، لتعميم التغطية الاجتماعية لجميع المغاربة، خلال الخمس سنوات المقبلة….وندعو للشروع في ذلك تدريجيا، ابتداء من يناير 2021، وفق برنامج عمل مضبوط، بدءا بتعميم التغطية الصحية الإجبارية، والتعويضات العائلية، قبل توسيعه، ليشمل التقاعد والتعويض عن فقدان العمل…وينبغي أن يشكل تعميم التغطية الاجتماعية، رافعة لإدماج القطاع غير المهيكل، في النسيج الاقتصادي الوطني”.
ودعى الملك “الحكومة، بتشاور مع الشركاء الاجتماعيين لاستكمال بلورة منظور عملي شامل ، يتضمن البرنامج الزمني، والإطار القانوني، وخيارات التمويل، بما يحقق التعميم الفعلي للتغطية الاجتماعية.”.
وكان لتحقيق الانتعاش الاقتصادي حيز كبير في خطاب جلالته، حيث أمر بإنشاء صندوق الاستثمار الاستراتيجي لدعم الأنشطة الإنتاجية ومواكبة وتمويل المشاريع الاستثمارية الكبرى سواء في القطاع العام أو الخاص، إلى جانب إصلاح القطاع العام عبر خلق إدارة عمومية حديثة مواطنة.
خطاب العرش لسنة 2021
وشكل خطاب الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى الـ22 لعيد العرش المجيد، فرصة للوقوف على التحديات التي تواجه المغرب، المتعلقة أساسا بالتنزيل الأمثل لميثاق التنمية الوطني، وتحديات علاقاته مع محيطه الإفريقي والأورو-متوسطي.
وفيما يتعلق بالتنزيل الأمثل للميثاق الوطني للتنمية، فقد اعتبره جلالته ميثاقا يشمل شحنة من المبادئ ، لثلة من المبادئ التنموية، وخطوة جديدة تعكس بحق ثورة جديدة للملك والشعب.
ولم يغفل الملك محمد السادس عن أهمية تقوية علاقات المغرب مع الدول الإفريقية والأورو-متوسطية، ولا سيما المغاربية مع الحفاظ على سيادته، متوجها بدعوة إلى الجزائر من أجل إقامة علاقات ثنائية يطبعها الحوار وحسن الجوار.
وجاء في خطاب عيد العرش الـ22 ما يلي: “بموازاة مع مبادراته التنموية، على المستوى الداخلي، فإن المغرب يحرص، بنفس العزم، على مواصلة جهوده الصادقة، من أجل توطيد الأمن والاستقرار، في محيطه الإفريقي والأورو-متوسطي، وخاصة في جواره المغاربي.
وإيمانا بهذا التوجه، فإننا نجدد الدعوة الصادقة لأشقائنا في الجزائر، للعمل سويا، دون شروط، من أجل بناء علاقات ثنائية، أساسها الثقة والحوار وحسن الجوار.
ذلك، لأن الوضع الحالي لهذه العلاقات لا يرضينا، وليس في مصلحة شعبينا، وغير مقبول من طرف العديد من الدول”.
خطاب العرش لسنة 2022
وفيما يتعلق بالذكرى الـ23 لتربع الملك محمد السادس على عرش أسلافع المتهمين، فقد كانت فرصة لتوجيه أوامر بمراجعة مدونة الأسرة، والنهوض بأوضاع المرأة، بالإضافة إلى التحلي بقيم حسن الجوار، وكذا استقطاب الاستثمارات الأجنبية في البلاد.
ودعا جلالته خلال هذا الخطاب إلى تمكين النساء من حقوقهن لا سيما وأن الملك قد حرص منذ اعتلائه العرش، على النهوض بوضعية المرأة، كما شدد على ضرورة مراجعة مدونة الأسرة، بصيغة تمنح للمرأة حقوقها، وللرجل حقوقه، وتراعي مصلحة الأطفال، وذلك في احترام تام للتشريعات القانونية والنصوص الدينية.
وفي هذا السياق، قال أمير المؤمنين في خطابه بمناسبة الذكرى الـ23 لعيد العرش المجيد، أن مدونة الأسرة ”صارت غير كافية للوصول إلى الأهداف المرجوة منها من تمكين النساء ومنحهن حقوقهن”، مضيفا ” حرصنا منذ اعتلائنا العرش، على النهوض بوضعية المرأة، وفسح آفاق الارتقاء أمامها، وإعطائها المكانة التي تستحقها. ومن أهم الإصلاحات التي قمنا بها، إصدار مدونة الأسرة، واعتماد دستور 2011، الذي يكرس المساواة بين المرأة والرجل، في الحقوق والواجبات، وينص على مبدأ المناصفة،كهدف تسعى الدولة إلى تحقيقه”.
ووجه جلالته للشعب المغربي رسالة من أجل التحلي بقيم حسن الجوار والأخوة، مؤكدا أن المغرب ينهج سياسة اليد الممدودة تجاه الجارة الجزائر من خلال دعوته إلى إقامة علاقات ثنائية طبيعية، قائلا: “وفي هذا الإطار، أشدد مرة أخرى، بأن الحدود، التي تفرق بين الشعبين الشقيقين، المغربي والجزائري، لن تكون أبدا، حدودا تغلق أجواء التواصل والتفاهم بينهما… بل نريدها أن تكون جسورا، تحمل بين يديها مستقبل المغرب والجزائر، وأن تعطي المثال للشعوب المغاربية الأخرى.
وأشار الملك إلى الأهمية البالغة التي ينطوي عليها استقطاب الاستثمارات الأجنبية، قائلا: “ولا بد أن نعمل على الاستفادة من الفرص والآفاق، التي تفتحها هذه التحولات، لاسيما في مجال جلب الاستثمارات، وتحفيز الصادرات، والنهوض بالمنتوج الوطني. وهنا، ندعو الحكومة والأوساط السياسية والاقتصادية، للعمل على تسهيل جلب الاستثمارات الأجنبية، التي تختار بلادنا في هذه الظروف العالمية، وإزالة العراقيل أمامها”.
خطاب العرش لسنة 2023
وفي ثنايا الخطاب الملكي الذي وجهه جلالته للشعب المغربي بمناسبة الذكرى الـ 24 لعيد العرش المجيد، وجه الملك ضربة قاسية لمروجي الإشاعات بخصوص موقف المغرب من القضية الفلسطينية، مؤكدا على احتضان المؤسسة الملكية للابتكارات المغربية، مفتخرا بإنجاز مونديال قطر، ومشددا على قيمة الجدية التي يجب أن تكون حاضرة في جميع مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في المغرب، إلى جانب التشبث بالقيم الدينية والوطنية والوحدة الترابية.
وعن موقف المغرب من القضية الفلسطينية،في ظل الترويج لمجموعة من الشائعات، قال جلالته في الخطاب “نؤكد موقف المغرب الراسخ، بخصوص عدالة القضية الفلسطينية، والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق، في إقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية؛ بما يضمن الأمن والاستقرار لجميع شعوب المنطقة”.
وفيما يخص التحلي بالقيم الفضلى “الجدية” و”التفاني” للنهوض بمجموعة من القطاعات في المغرب من صحة وتعليم وسكن وشغل بصيغة تضمن كرامة المغاربة، وتمنح للشباب فرصة تحقيق إنجازات كبيرة، أكد الملك في خطابه: “إن ما ندعو إليه، ليس شعارا فارغا، أو مجرد قيمة صورية. وإنما هو مفهوم متكامل، يشمل مجموعة من المبادئ العملية والقيم الإنسانية.فكلما كانت الجدية حافزنا، كلما نجحنا في تجاوز الصعوبات، ورفع التحديات.
فالشباب المغربي، متى توفرت له الظروف، وتسلح بالجد وبروح الوطنية، دائما ما يبهر العالم، بإنجازات كبيرة، وغير مسبوقة، كتلك التي حققها المنتخب الوطني في كأس العالم…نفس الروح التي كانت وراء قرارنا، بتقديم ملف ترشيح مشترك، مع أصدقائنا في إسبانيا والبرتغال، لاحتضان نهائيات كأس العالم لكرة القدم 2030…وتتجلى الجدية كذلك، في مجال الإبداع والابتكار، الذي يتميز به الشباب المغربي، في مختلف المجالات. وأخص بالإشادة هنا، إنتاج أول سيارة مغربية محلية الصنع، بكفاءات وطنية وتمويل مغربي”.
تعليقات( 0 )