مع تزايد التنوع الثقافي والهجرة حول العالم، أصبح أبناء المهاجرين المغاربة يلعبون دورا كبيرا في مختلف المجالات. واحدة من هذه المجالات هي رياضة كة القدم، حيث يثبت مغاربة العالم أنهم ليسوا فقط سفراء لبلدهم الأصلي، ولكنهم أيضا لاعبون موهوبون يحققون النجاحات في عالم الساحرة المستديرة.
في عدة بلدان حول الكرة الأرضية، يبرز أبناء المهاجرين المغاربة بمهاراتهم وإسهاماتهم في مجال كرة القدم. يلعبون أدوارا حاسمة في أندية مشهورة ويمثلون بلدهم الأصلي بفخر في المنافسات الدولية. ورغم أن الكثيرون منهم نشأوا خارج المغرب وعاشوا في بلدان أخرى، إلا أنهم يحملون قلوبا وأرواحا مليئة بالولاء للمغرب.
حكيمي.. الابن البار الذي يفتخر بأصوله
من بين النجوم البارزين في رقعة الملعب، ويحققون النجاح، بل ويمتلكون قاعدة جماهيرية في عالم المستديرة، نجد اللاعب أشرف حكيمي، من مواليد 4 نونبر 1998، بالعاصمة الإسبانية مدريد، في أسرة من أصول مغربية، يتحدر والده من وادي زم ووالدته من مدينة القصر الكبير. واستطاع هذا الشاب أن ينتقل من “الهامش” ليبزغ نجمه في سماء كرة القدم العالمية، رغم الصعاب والتحديات التي واجهتها وأسرته قبل أن يصبح أحد أشهر نجوم كرة القدم في العالم.
أشرف حكيمي الذي لا يتقن اللهجة المغربية والذي لا يتردد في محاولة الحديث بها، صرح في مناسبات عديدة، بأن والده كان بائعا متجولا، استطاع هو وزوجته تحقيق حلم ابنهما في أن يكون لاعب كرة قدم عالمي، مضحّيان بكل ما يملكانه في سبيل تحقيق الحلم الذي راوده منذ طفولته.
لعب حكيمي كظهير أيمن ووسط دفاع في بدايته الكروية، وانضمَّ بعدها إلى نادي ريال مدريد الإسباني، واختار قميص المنتخب الوطني المغربي رغم تكوينه في مدرسة الملكي ريال مدريد.
ويعتبر حكيمي، لاعب نادي باريس سان جيرمان الفرنسي، أول عربي تُوج بلقب دوري أبطال أوروبا في تاريخ الكرة العربية، كما استطاع تحقيق العديد من الألقاب مع ريال مدريد، إلى جانب مشاركته المتميزة مع “أسود الأطلس” في كأس العالم 2018 و2023.
ولفتت صور أشرف حكيمي مع والدته، في نهاية مباراة المغرب مع بلجيكا، ضمن منافسات كأس العالم قطر 2022، أنظار رواد مواقع التواصل الاجتماعي، الذين عبروا عن تقديرهم وإعجابهم بسلوك هذا اللاعب.
بونو .. حامي عرين “أسود الأطلس”
بداية ياسين بونو كانت في كندا، حيث هاجرت أسرته إلى هناك لتحسين مستوى عيشها، ليُولد ياسين في مدينة مونتريال يوم 5 أبريل 1991 ويحصل على الجنسية الكندية. غير أن أسرته عادت إلى المغربِ بعد ذلك، لتبدأ قصته مع كُرة القدم من مدينة الدارِ البيضاء.
بدأ بونو مسيرته مع فريق الوداد عام 1999، تم صعوده إلى الفريق الأول بعد بلوغه سن 19عاما، وشارك في نهائي دوري أبطال إفريقيا مع الوداد عام 2011، وبدأ اللعب بشكل منتظم مع فريق الحمر، قبل أن ينتقل إلى الفريقِ الثاني في أتلتيكو مدريد، والذي يلعب في الدرجة الثالثة للدوري الإسباني في مفاجأة لجميع المتابعين. حيث اختار ياسين الرجوع إلى نقطة الصفر طمعا في شيء أكبر، غير أن البداية كانت معقدة جدا.
ورغم تألقه مع صفوف أتلتيكو مدريد، إلا أن الالتحاق بالفريق الأول لم يكن متاحا، ليضطر بونو للانتقال إلى سرقسطة في دوري الدرجة الثانية، ما أتاح له اللعب أخيرا في الدرجة الأولى بعد انتقاله إلى جيرونا.
وبعد انتقاله إلى إشبيلية فاتشليك، قدمَ بونو مستوى مميزا قاد به فريقه للفوز بلقب الدوري الأوروبي مع نهاية الموسم، وحصل بعدها على جائزةِ “زامورا” كأفضل حارسٍ في الدوري الإسباني في موسم 2021/2022، وهو الإنجاز الذي لم يسبق لأي عربي أو إفريقي أن حققه.
وفي قطر، حقق ياسين بونو إلى جانب “أسود الأطلس” ما لم يكن في الحسبان، إذ أظهر تميزه في حصة ركلات الترجيح أمام إسبانيا، حينما أحبط محاولات ثلة من أمهر المسددين في العالم، وقبل ذلك بأدائه المميز أمام بلجيكا ثم بعد ذلك أمام البرتغال.
ويلعب بونو اليوم، مع نادي الهلال السعودي بعد انتقاله من نادي إشبيلية الإسباني، بعقد يمتد لثلاثة مواسم رياضية، وذلك حتى عام 2026.
الزلزولي .. ابن بني ملال الذي أهدى المغرب التتويج القاري
مثال آخر لأبناء المهاجرين المغاربة، من نجوم الساحرة المستديرة، هو اللاعب عبد الصمد الزلزولي، بمدينة بني ملال، يوم 17 دجنبر 2001. وفي سن الثلاث سنوات، قرر والداه الهجرة نحو إسبانيا والاستقرار بمدينة إلتشي، بحثا عن مورد عيش لأسرتهم الصغيرة، التي كان ابنها مهووسا بكرة القدم.
جرب عبد الصمد الالتحاق بأكاديمية “إلتشي” فرسب في الإختبار، غير أنه عاد ولم يستسلم، لينتقل بعد ذلك لرديف فريق “هيركوليس” الإسباني سنة 2016، حيث قضى ثلاث سنوات.
وتلقى فريق برشلونة الإسباني إشارة بوجود لاعب جيد في “هيركوليس”، واستقطبه في آخر يوم من الانتقالات الصيفية على أساس لعبه مع “الرديف”، غير أن إمكانيات الزلزولي الكبيرة سرعت من وتيرة التحاقه بالفريق الأول، مستفيدا من عدد الإصابات الكبيرة في صفوف اللاعبين الأساسيين.
وإلى جانب مشاركته في مونديال قطر 2023، لفت الزلزولي الأنظار خلال مشاركته في مباريات كأس إفريقيا لأقل من 23 سنة، ليودع البطل المغربي المنافسات القارية متوجا باللقب الإفريقي، الذي أهداه للجماهير المغربية، بعدما شكرها على تشجيعها له بعد نهاية البطولة القارية.
وقد ودع النجم المغربي عبد الصمد الزلزولي نادي برشلونة الإسباني، بعد انضمامه إلى صفوف “ريال بيتيس” بعقد احترافي إلى غاية 2028.
ارتباط أبناء الجالية بوطنهم الأم، لعب دورا في تفانيهم واهتمامهم بتمثيل المنتخب المغربي، وغالبا ما يحملون القميص الوطني بفخر الانتماء والاعتزاز بوطن سكنهم رغم أنهم لم يسكنوه، وهذا ساهم في تطور الكرة المغربية بعد تألقهم في الدوريات الأجنبية،بنقل خبراتهم التكتيكية والفنية إلى المنتخب، وتسخير مهاراتهم الاحترافية التي اكتسبوها في بلدان المهجر، كل هذه النماذج الناجحة تلهم الشباب المغربي لمتابعة أحلامهم في مجال الساحرة المستديرة.
تعليقات( 0 )