أحداث أمستردام.. اليمين المتطرف يستغل الفرصة لخلق بيئة عدائية تجاه مغاربة هولندا

تتعرض الجالية العربية والمغربية بصفة خاصة لموجة غضب كبيرة بسبب تداعيات أحداث أمستردام، حيث حمل مجموعة من أعضاء الأحزاب اليمينية والشخصيات السياسية الأوروبية والهولندية اليمينية خصوصا، مسؤولية هذه الواقعة إلى المغاربة، في الوقت الذي غضوا فيه النظر عن أعمال الشغب والتصرفات الاستفزازية التي قام بها مشجعو فريق مكابي تل أبيب الإسرائيلي.

المتصفح لوسائل الإعلام الهولندية والأوروبية، يتبين له أن الإعلام قد عمد إلى نشر نصف الحقيقة، مركزا على الأخبار التي تدين الجالية المسلمة في هولندا، دون الإشارة إلى مسؤولية مشجعي فريق مكابي في الحادثة، الذين عمدوا إلى ترديد عبارات مسيئة للعرب وفلسطين، بل إن منهم من تجرأ على إزالة العلم الفلسطيني من منزل فرد من أفراد الجالية المغربية.

من جهته، وحسب ما نقلت تقارير إعلامية هولندية، قال ملك هولندا فيليب ألكسندر، “يجب ألا نتجاهل السلوك المعادي للسامية في شوارعنا. التاريخ علمنا كيف أن الترهيب قد يتحول إلى الأسوأ بعواقب وخيمة. يجب أن يشعر اليهود بالأمان في هولندا، في كل مكان وفي جميع الأوقات. نحن نحتضنهم ونقف إلى جانبهم”.

وكان الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ قد أصدر بيانا حول المحادثة التي جمعت بينه وبين الملك الهولندي، أشار فيه إلى أن الملك قد قارن مباشرة بين ما وقع في أمستردام والاضطهاد الذي عانى منه اليهود في هولندا خلال الحرب العالمية الثانية، مضيفا أن الملك قال إن هولندا تركت اليهود دون حماية في تلك الفترة، في الوقت الذي لم يتضمن بيان القصر الملكي الهولندي أي إشارة مباشرة إلى مثل هذه المقارنة.

أما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فقد أشار إلى أن “العنف ضد الإسرائيليين في أمستردام يعيد إلى الأذهان أكثر اللحظات ظلمة في التاريخ” في إشارة لممارسات النازية الألمانية مع اليهود. وأضاف: “أدين بشدة هذا الاعتداء، وأعبر عن تعاطفي مع المصابين، ستواصل فرنسا بلا كلل محاربة معاداة السامية”.

بينما وصف رئيس الوزراء الهولندي ديك شوف، أحداث أمستردام بأنها “هجمات مشينة ومثيرة للاشمئزاز استهدفت المواطنين الإسرائيليين”.

ومن جانبه، كتب خيرت فيلدرز، زعيم حزب الحرية اليميني بهولندا، على منصة “إكس” تدوينة قال فيها: “يبدو أن هناك مطاردة لليهود في شوارع أمستردام”، مضيفا: “يجب على عمدة المدينة الاستقالة فورا”، مشيرا إلى أن الشرطة لم توفر الحماية الكافية لمنع العنف وضمان سلامة المشجعين.

وأكد فيلدرز على ضرورة ترحيل المهاجرين من البلاد، مستنكرا تزايد ما أسماه بـ “كراهية اليهود في هولندا بسبب الهجرة الجماعية المستمرة وأسلمة البلاد”.

فيما ذهب ساندر ساسن، الذي يعرف نفسه على أنه صانع رأي، وهو من مؤيدي اليمين في هولندا إلى اتهام المغاربة بالتسبب في فوضى ليلة الخميس، موضحا أن مقاطع الفيديو توثق لشبان مغاربة “يصطادون اليهود بوحشية في شوارع أمستردام”، مبديا شعوره بالقلق من هذه الأحداث، ومنتقدا في ذات الوقت عمدة المدينة على عدم تشديد سياساتها ضد الجالية المسلمة، ومستنكرا ما حدث بعبارات تنم عن “إسلاموفوبيا”، حيث قال: “المسلمون يهتفون بصوت عالٍ ‘الله أكبر’ خلال بحثهم عن يهود بدون دفاع”.

ووصفت ديلان يشيلغوز من حزب الشعب من أجل الحرية والديمقراطية، مشاهد الاعتداء على اليهود الإسرائيليين، بـ”الهمجية البحتة والكراهية الخالصة للسامية”، أما بيتر فروونهوفن؛ زعيم حزب العقد الاجتماعي الجديد “NSC” فقد علق على أحداث أمستردام موضحا أن هذه “الأحداث البشعة” تذكره بحوادث حرق اليهود من قبل النازيين.

وصرح فرانس تيمرمانس، زعيم حزب اليسار الخضر “GroenLinks-PvdA” بأنه من غير المقبول أن يشعر الإسرائيليون اليهود بعدم الأمان في أمستردام وأن يكونوا عرضة للمطاردة والهجوم، واصفا الأمر بـ”المخيف” والمثير للغضب، كما أدان روب جتين زعيم الحزب الديمقراطي “D66” ما حدث، واصفا إياه بأنه “عار”، حيث قال: “الهجوم على مشجعي كرة القدم عار، بغض النظر عن آرائنا حول الحرب”.

كما عبر البرلماني بوسفايك عن حزب النداء الديمقراطي المسيحي “CDA” عن استنكاره أحداث أمستردام، مؤكدا أن هذا الهجوم على المشجعين الإسرائيليين لا يمكن اعتباره سوى “معاداة للسامية”. قائلا: “بعد 80 عاما من الحرب العالمية الثانية، ها نحن نرى مرة أخرى مطاردة وحشية لليهود”.

وكان موقف حزب “Denk” من واقعة ليلة الخميس مخالفا لموقف أغلب السياسيين، حيث قال زعيم الحزب ستيفان فان بارلي “إن السياسيين المنافقين كانوا صامتين عندما هتف مشجعو مكابي بهتافات عنصرية وإبادة جماعية ضد غزة، ودمروا الأعلام الفلسطينية واعتدوا على سائق تاكسي”.

وتجدر الإشارة إلى أنه مع انتشار المزيد من التقارير والأخبار المتعلقة باشتباكات يوم الخميس والتي أدانت الجالية المغربية والمسلمة بأمستردام، تواجه الجالية المغربية هناك اتهامات بمعاداة السامية وذلك في ظل استمرار تداول الخطاب الإسلاموفوبي في الأوساط الإعلامية والسياسية الهولندية والأوروبية.

وجدير بالذكر أيضا أن مجموعة من السياسيين الهولنديين الذين ينتمون إلى الأحزاب اليمينية، يشنون حملات ضد المهاجرين، ومنهم من يركز بشكل خاص على المغاربة، كما هو الشأن بالنسبة لفيلدرز المعروف بمواقفه المعادية لمغاربة هولندا، البالغ عددهم حوالي 419,272 شخصا.

تعليقات( 0 )