كشف كاتب السيناريو والمدير الفني للمهرجان السينمائي “سينما الجبل”بأزيلال، عثمان أشقرا، أنه لا توجد صناعة سينمائية في المغرب بمفهومها المؤسساتي مؤكدا على أن السينما الحقيقية تتعدى جانبها الفرجوي إلى صناعة المخيال الوطني عبر استثمارات مهمة.
وأوضح أستاذ علم الاجتماع، والباحث في المجال السوسيولوجي، عثمان أشقرا، الذي صدرت له مجموعة من المؤلفات والروايات، إلى جانب اشتغاله ككاتب سيناريو، وشغله منصب المدير الفني للمهرجان السينمائي “سينما الجبل”بأزيلال، في حوار أجراه مع موقع “سفيركم” في إطار برنامج “حكامة”، الذي يقدمه الإعلامي جمال بندحماد، بصريح العبارة أنه لا توجد صناعة سينمائية في المغرب.
وقال أشقرا “لا توجد صناعة سينمائية بالمفهوم المؤسساتي للكلمة، بل هناك من يذهب إلى حد القول بأنه لا توجد حتى سينما مغربية متميزة ولها إطارها وملامحها ومرجعيتها وخصوصيتها وتراكمها إلى آخره، هناك أفلام مغربية تنتج لا أقل ولا أكثر، وتبحث لنفسها عن تحول إلى سينما ذات ملامح مغربية، على غير المثل عندما نتكلم عن السينما المصرية، والسينما الإيرانية، حتى أقتصر قولي على هتين الدولتين القريبتين منا”.
وأكد أشقرا أن الصناعة السينمائية الحقيقية تتطلب تظافر مجموعة من العناصر، قائلا: “فالحديث هنا يحتاج إلى نوع من التدقيق في المصطلحات، فعندما نتكلم عن الصناعة السينمائية فنحن نتكلم عن بنيات تحتية، عن تمويلات خاصة وعامة، عن شركات لصناعة النجوم، والترويج والتسويق، وهذا كله ينبغي أن يتوفر على شكل مشروع ناجز، تتدخل فيه الدولة بكل تقة معتبرة أن السينما ليست فقط “فراجة”.
وأشار المتحدث ذاته إلى أنه في “المرجعية الشعبية في الدارجة لا نقول السينما، بل “السوليما” كتعبير فرجوي تهكمي، ما يعني أن مشاهدة فيلم ليس أمرا ضروريا بل كما نقول “خضرة فوق طعام”.
واستطرد أشقرا أن المغرب لا يتوفر على تصور حقيقي سوسيولوجي يعتبر أن السينما ليست فقط استهلاكا ثانويا زائدا، مشيرا إلى أنه يجب أن يتم اعتبارها من الروافد الكبرى التي يمكن أن تبنى عليها تنمية البلاد بصفة عامة قبل تنمية الجهات.
وشدد صاحب كتاب “الجثة المكوفرة” أن المخيال الوطني عنصر أساسي في بناء صناعة سينمائيه قائمة بذاتها، قائلا: “الصناعة السينمائية واحدة من القواعد الكبرى التي انطلاقا منها يصنع ما يسمى بالمخيال الوطني، وكي لا يكون كلامي غامضا، نقصد بالمخيال أن كل مجتمع مجتمع كي يحقق لنفسه حدا معينا من التماسك، بعيدا عن الشتات والفوضى، لا بد من وجود لحمة تشد ذلك المجتمع وتجعله في لحظات إسمنت المجتمع”.
وفسر أشقرا أسمنة المجتمع، هو تعزيزه بتلك الأساطير والأفكار والخيالات والملاحم التاريخية والبطولات والعقائد والأعراف والتقاليد التي تشد المجتمع وتجعل منه مجتمعا قائما بذاته ومتميز عن المجتمعات الأخرى، قائلا: “ويل لمجتمع لا مخيال له، أو أن مخياله يصنعه الآخرون”.
ولفت كاتب السيناريو إلى أن هوليوود هي من صنعت أمريكا وهويتها الوطنية، قائلا: “لن أبالغ وأقول بأن من صنع أمريكا هي هوليوود، أكيد عندما نرجع الآن فأمريكا هي الكوبوي هي السوبرمان هي البطل هي الملاحم ملحمة الغرب الوست، إذن السينما هنا لعبت دورا مهما جدا في صناعة المجتمع الأمريكي مجتمع بدون تاريخ وبدون هوية”.
وتابع : “بعدما اكتشفت أمريكا جاءت إليها أقوام وشعوب وحضارات، وتم صهر ذلك كله في آخر المطاف في نوع من الملحمة الكبرى، التي صنعت المجتمع الأمريكي الآن، ومن الذي صنع هذه الملحمة، هي هوليوود، هي السينما، إضافة إلى هذا العامل الثقافي للسينما، هناك أيضا العامل المادي والاقتصادي، فهوليوود لها صناعة تروج لملايير وملايير الدولارات في العالم، وعندما ينتج فيلم في هوليوود فهو يجول العالم كله”.
وخلص أشقرا إلى الدعوة إلى عدم اعتبار السينما فقط مجرد “فراجة”، مؤكدا على أنها صناعة للمخيال واستثمار، قائلا: “السينما تساوي الفرجة زائد الاستثمار”.
تعليقات( 0 )