تعيش محطات نور للطاقة الشمسية بورزازات، وخاصة محطة “نور 3” ، على وقع مشاكل عميقة تحد من إنتاجيتها، وذلك بعد سنوات قليلة، من انطلاقتها كمشروع مغربي رائد، على مستوى إفريقيا والعالم لإنتاج الطاقة الشمسية، وتقليل الاعتماد على الطاقة المتولدة من المحروقات.
وخصص لهذا المشروع الكبير ميزانيات ضخمة، وكان من المفترض أن يرفع اعتماد المغرب عليه وعلى الطاقات المتجددة إلى 30% في السنوات المقبلة، والوصول إلى إنتاج حوالي 2000 ميغاواط في سنة 2020.
غير أن أعطابا كثيرة لحقت بعمل المحطات، مما أدى لتباطؤ الإنتاج، ولم تتحقق الأهداف التي سطرت له، بل بات المتتبعون يتسائلون عن إمكانية تحقيق المشروع الطاقي النظيف والأكبر في إفريقيا لأهدافه وضمان استمراريته.
وفي هذا السياق قالت الدكتورة جميلة مرابط، خبيرة في الطاقات المتجددة، أن أزمة محطة “نور 3” تعكس تحديات أعمق، في تدبير مشاريع الطاقات المتجددة بالمغرب، “فبينما يُعتبر المشروع جزءًا من رؤية طموحة، لتعزيز الانتقال الطاقي، فإن الإخفاقات التقنية والتشغيلية، التي ظهرت تطرح تساؤلات جوهرية حول نماذج التمويل، آليات الصيانة، وحكامة المشاريع الطاقية الكبرى”.
وأضافت الخبيرة الطاقية في تصريح لموقع “سفيركم” أن “الاعتماد على تكنولوجيا معقدة، مثل الطاقة الشمسية المركزة (CSP)، يتطلب متابعة دقيقة واستراتيجيات صيانة طويلة الأمد، وهو ما يبدو أنه لم يكن بالقدر الكافي لضمان استمرارية كفاءة المحطة، إضافة إلى ذلك، يجب أن يكون هناك تقييم شفاف لهذه الأزمة، ليس فقط لتحديد المسؤوليات، ولكن أيضًا لاستخلاص الدروس، من أجل تحسين حوكمة المشاريع المستقبلية وضمان مردوديتها الاقتصادية والبيئية”.
وشددت المتحدة على “أن أي مشروع بهذا الحجم قد يواجه صعوبات تقنية ومالية، لكن الأهم هو اعتماد حكامة قوية تقوم على الشفافية، المساءلة، وتقييم مستمر للأداء لضمان الاستدامة، لذلك، فإن هذه الأزمة ليست مجرد عثرة، بل فرصة لإعادة التفكير في منهجية التعاقد، آليات التخزين، وسبل تعزيز كفاءة التشغيل، بما يضمن حماية الاستثمارات الوطنية وتحقيق الأهداف الطاقية في إطار رؤية واضحة ومستدامة”.
وبخصوص توقف المشروع قالت الخبيرة الطاقية “إنه بناءً على المعلومات المتاحة، لا توجد دلائل تشير إلى توقف مشروع محطة نور بالكامل. بل على العكس، يستمر المغرب في الاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة لتعزيز استدامة قطاع الطاقة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري”.
وخلصت المرابط إلى “أن التحدي اليوم يبقى هو استخلاص الدروس، وتصحيح المسار، وتعزيز ثقة المواطنين والمستثمرين في قدرة المغرب، على ريادة الطاقات النظيفة إقليميًا ودوليًا، من خلال نموذج تنموي جديد أكثر صلابة ومرونة”.