كشف تقرير نشرته صحيفة “تايمز” البريطانية عن أرشيف ضخم يحتوي على 1.3 مليون وثيقة رسمية، تدين كلها نظام الأسد في سوريا، سواء بشار أو والده حافظ، بسبب “الفظائع” الممنهجة ضد الشعب السوري.
ويُعد هذا الأرشيف الذي جمعه المحامي الكندي بيل وايلي، المحقق في جرائم الحرب، بمساعدة فريق من السوريين، حجر الزاوية في التحقيقات حول الانتهاكات التي ارتكبتها السلطات السورية، وفق “التايمز”.
وحسب المصدر نفسه، فإن الوثائق التي تم تهريبها من سوريا إلى مدينة أوروبية، لم يتم الكشف عن اسمها، تعد من بين الأدلة التي قد تكون حاسمة في محاكمة المسؤولين عن هذه الجرائم، وقد تم تصوير الوثائق رقميا وتحليلها من قبل لجنة العدالة والمساءلة الدولية، بدعم من الحكومات البريطانية والأميركية والألمانية.
وفي سبيل الحصول على هذه الوثائق، تقول “التايمز”، استخدم فريق من السوريين، البالغ عددهم 43، وسائل متنوعة لتخطي نقاط التفتيش، من الشاحنات إلى الطوافات، لنقل الأرشيف بأمان. ومع ذلك، تعرض بعض أعضاء الفريق للمخاطر حيث تم قتل أحدهم، بينما أصيب آخر واختطف ثالث. ورغم هذه المخاطر، واصل الفريق عمله بجدية، حيث كانت العديد من الوثائق مخفية في مخابئ سرية.
وتستعرض الوثائق دور بشار الأسد في إدارة عمليات القمع، حيث تكشف المحاضر التي تخص خلية إدارة الأزمة المركزية، التي أنشأها الأسد في 2011، تفاصيل عن كيفية التعامل مع الاحتجاجات وتكتيكات القمع الممنهجة ضد المعارضين. ويؤكد المحقق بيل وايلي أن الوثائق تثبت أن الأسد كان يتدخل شخصيا في هذه العمليات، مما يجعله مسؤولا عن القرارات الإجرامية.
وتشير الوثائق إلى توثيق واسع لعمليات التعذيب والإعدام واستخدام الأسلحة الكيميائية وحالات الاختفاء القسري. هذا النظام القمعي، الذي كان يقوده بشار الأسد، قد وصفه البعض بأنه من “أكثر عمليات القمع توثيقا في التاريخ”.
وتسلط الوثائق الضوء على دور أفراد آخرين في النظام السوري، بما في ذلك ماهر الأسد، شقيق بشار، الذي قاد الفرقة الرابعة المسؤولة عن القمع الوحشي، وعلي مملوك، رئيس مكتب الأمن الوطني السابق، وجميل حسن، رئيس استخبارات القوات الجوية. هؤلاء الأفراد يُتهمون بالمشاركة في عمليات تعذيب وقتل واسعة.
وأشار التقرير إلى أن محاكمة المسؤولين السوريين قد تكون أكبر بكثير من محاكمة نورمبرغ الشهيرة التي تم خلالها محاكمة قادة النظام النازي، بالنظر إلى العدد الهائل من المسؤولين المتورطين في الجرائم. وكشف وايلي أن ملف سوريا يحتاج إلى هيكل أمني وعسكري ضخم لاحتواء كافة تفاصيل القمع.
وفي سياق متصل، تناول التقرير دور روسيا في حماية بشار الأسد، إذ أشار إلى أن الدعم الروسي له قد لا يدوم طويلا. قد تضحي روسيا بالأسد في المستقبل لتحقيق مصالحها الاستراتيجية مع أي حكومة سورية جديدة، كما فعلت في السابق مع دكتاتوريين آخرين.