أنعشت الأوراش الكبرى للبنية التحتية والسكن التي يعرفها المغرب قطاع البناء والأشغال العمومية. هذا الانتعاش أدى إلى ارتفاع الطلب على الإسمنت، وجعل من عمال البناء عملة نادرة في سوق الشغل، كما تعكس ذلك الأرقام الرسمية وتصريحات مهنيي القطاع.
آخر نشرة لمديرية الدراسات والتوقعات المالية بوزارة الاقتصاد والمالية، تفيد أن مبيعات الأسمنت، المقياس الرئيسي لنشاط قطاع البناء، سجلت ارتفاعا خلال الربع الأول من عام 2025.
تفاصيل هذا الارتفاع والانتعاش في سوق الإسمنت نجدها في إحصائيات المهنيين الكبار في القطاع. ذلك أن مبيعات الاسمنت منذ بداية السنة وإلى متم شهر أبريل شهر أبريل الماضي، بلغت مليون و 145.240ألف طن، مسجلة ارتفاعا بنسبة 31,98% مقارنة مع مبيعات نفس الفترة من السنة الماضية، حسب معطيات الجمعية المهنية لشركات الاسمنت.
نفس الإحصائيات تشير إلى أن مبيعات الإسمنت منذ بداية ابريل 2024 والى حدود اول ابريل 2025 وصلت إلى 4.527.256 طنا، بزيادة بلغت 10,34%.
وتشير بيانات الجمعية المهنية، التي تضم أسمنت تمارة، إسمنت الأطلس، إسمنت المغرب، لافارج هولسيم المغرب ونوفاسيم، أن هذا الارتفاع في مبيعات الإسمنت يعزى بالأساس إلى ارتفاع الطلب على الخرسانة الجاهزة للاستعمال، 237515 طنا، والخرسانة المعدة مسبقا، 110413 طنا.
هذا النمو الذي تعرفه صناعة الاسمنت، يعود بالدرجة الأولى إلى المشاريع الكبرى للبنية التحتية المرتبطة بكأس الأمم الإفريقية 2025 وكأس العالم 2030.
ويتوقع الفاعل الرئيسي في صناعة الإسمنت “لافارج المغرب” أن يستمر هذا النمو خلال الفترة القادمة، مستفيدا من أوراش المونديال ومشاريع البنية التحتية وبرامج دعم قطاع السكن وإعادة بناء منطقة الحوز ، كما جاء في نشرة حساباتها الفصلية.
وإذا كان عرض سوق الإسمنت كافيا لتلبية احتياجات هذه الأوراش، فإن سوق اليد العاملة يعرف خصاصا متزايدا يهم كافة المهن والتخصصات المرتبطة بالبناء والأشغال العمومية.
ويكشف منعشون عقاريون تحدث إليهم موقع “سفيركم”، أن اليد العاملة بقطاع البناء أصبحت عملة نادرة، نتيجة استقطاب الاوراش الكبرى لأعداد كبيرة من اليد العاملة بكل تخصصاتها.
هذا الخصاص، أدى، أيضا، إلى ارتفاع أجور عمال البناء، يقول أحد المهنيين، مضيفا أن أجرة اليوم الواحد بالنسبة للعامل العادي ارتفعت من 100 درهم إلى 150 درهم، بينما قفز أجر الحرفيين المتخصصين من 160 درهما إلى 250 و300 درهم.
ويضيف مصدرنا أنه التجأ إلى استقطاب المهاجرين الأفارقة للعمل، حتى لا يضطر إلى توقيف ورشات العمل. متابعا أنه حتى الأوراش العمومية الكبرى وأوراش كأس افريقيا وكأس العالم لا تخلو من هذه اليد العاملة من المهاجرين.
أزمة أخرى يعيشها مهنيو قطاع البناء بفعل تعدد وضخامة الأوراش العمومية الكبرى، وتتعلق بالخصاص بندرة بعض التخصصات والمهن الدقيقة المرتبطة بالبناء، كما يحكي أحد المهنيين. إذ يقول مصدرنا أنه أصبح من الصعب على المنعشين الخواص العثور على “حرايفية” البناء و “لمعالمية”. ويكشف أن التعثر الحاصل في بعض أوراش ملاعب كأس افريقيا يعود إلى ندرة المتخصصين في مهن مثل التزيين بالحديد و إعداده ولفه.
وكان وزير التجهيز والماء، نزار بركة، قد أفاد، يوم الثلاثاء 06 ماي بالرباط، بأن قطاع البناء والأشغال العمومية أسهم خلال الفصل الأول من سنة 2025، في إحداث 52 ألف فرصة شغل.
تصريح الوزير جاء على هامش الاجتماع الذي ترأسه رئيس الحكومة، عزيز اخنوش، وخصص لتتبع تنزيل خارطة طريق قطاع التشغيل، في إطار المخططات المتعلقة بتنظيم كأس العالم لكرة القدم 2030. والدعم المباشر للسكن، والمخططات الجهوية للتنمية، وكذا البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي.