أقر تحقيق عسكري إسرائيلي نشرت نتائجه الأحد بارتكاب عناصر الجيش “إخفاقات مهنية” و”انتهاكات للأوامر” خلال إطلاق نار أدى إلى مقتل 15 مسعفا فلسطينيا في جنوب قطاع غزة في مارس، فيما وصف الهلال الأحمر الخلاصات بأنها “كاذبة”.
وشدد الجيش على أن قواته لم تطلق النار “عشوائيا”، لكنه أعلن عزل قائد ميداني وأعرب عن “أسفه” لوقوع ضحايا مدنيين.
وقال الضابط المشرف على التحقيق العسكري الميجور جنرال يوآف هار-إيفن في مؤتمر صحافي “نقول إنها كانت خطأ، ولا نعتقد أنها خطأ يومي”.
من جهتها، قالت المتحدثة باسم الهلال الأحمر نبال فرسخ في رام الله بالضفة الغربية المحتلة لوكالة فرانس برس “ما دام الكذب سيد الموقف في التقرير فهو باطل وغير مقبول لأنه يحتوي على تبرير للقتل وتحميل المسؤولية عن الموضوع لخطأ شخصي في قيادة الميدان والحقيقة غير ذلك”.
وقعت الحادثة في جنوب غزة في مارس، أي بعد أيام قليلة من استئناف إسرائيل غاراتها الجوية وعملياتها البرية والبحرية في القطاع الفلسطيني.
أثارت الحادثة إدانات دولية، وشبهات ارتكاب “جريمة حرب” بحسب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك.
وقال الجيش إن ستة عناصر في حركة حماس كانوا على متن سيارات الإسعاف.
وأضاف أن التحقيق أظهر ارتكاب عناصر الجيش “عدة إخفاقات مهنيّة، وانتهاكات للأوامر، وفشلا في الإبلاغ الكامل عن الحادث”.
وأوضح أنه “سيعزل نائب قائد كتيبة الاستطلاع في وحدة غولاني من منصبه بسبب مسؤوليته كقائد ميداني… ولتقديمه تقريرا غير مكتمل وغير دقيق خلال جلسة التقييم بعد الحدث”.
قضى في الواقعة ثمانية من موظفي الهلال الأحمر، وستة من الدفاع المدني في غزة وموظف واحد من وكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، وفق مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (أوتشا) وعاملي إغاثة فلسطينيين.
– “أسف” –
وجدت جثث القتلى بعد عدة أيام مدفونة في “مقبرة جماعية” قرب موقع إطلاق النار في منطقة تل السلطان بمدينة رفح، وفق ما أكد “أوتشا”.
وقال الجيش في ملخص التحقيق “لم يشارك الجنود في إطلاق نار عشوائي بل ظلوا في حالة تأهب للرد على تهديدات حقيقية تم التعرف عليها من قبلهم”.
وأضاف “لم يتم العثور على أي دليل يدعم الادعاءات المتعلقة بالإعدام أو يشير إلى أن بعض الضحايا تم تقييدهم”.
يأتي ذلك بعدما أكد رئيس جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني يونس الخطيب في مؤتمر صحافي في رام الله قبل نحو أسبوعين، أن تشريح الجثث أظهر أن “جميع الشهداء تعرضوا لإطلاق النار في الجزء العلوي من أجسادهم، بنيّة القتل”.
وكرر الجيش الإسرائيلي الأحد أن ستة من القتلى الخمسة عشر تم التعرف عليهم “في وقت لاحق” على أنهم أعضاء في حماس، معربا عن “أسفه للأذى الذي لحق بالمدنيين غير المتورطين”.
وأكد أن جميع الضحايا كانوا يرتدون زي الطوارئ، ولم يتم العثور على أي أسلحة.
نجا اثنان من المسعفين من إطلاق النار، أحدهما “لا يزال قيد الاحتجاز”، بحسب الجيش الذي لم يكشف عن هويته.
وفي أبريل، قال الهلال الأحمر الفلسطيني إنه تلقى معلومات تفيد بأن المسعف أسعد النصاصرة قد “خُطف” بعد الحادثة وأنه محتجز لدى السلطات الإسرائيلية.
وتساءلت المتحدثة باسم الهلال الأحمر نبال فرسخ الأحد “ما دام الموضوع حصل بطريق الخطأ كما يدعي التقرير فلماذا يواصل الاحتلال اعتقال المسعف أسعد النصاصرة؟”.
– “خرق للتعليمات” –
وقع الحادث عندما كان المسعفون يلبون نداءات استغاثة من مواطنين فلسطينيين بعد غارة جوية إسرائيلية استهدفت منطقة تل السلطان في رفح، وفق الهلال الأحمر الفلسطيني.
بعد الحادثة، قال الجيش الإسرائيلي إن جنوده أطلقوا النار على “إرهابيين” كانوا يقتربون منهم في “سيارات مشبوهة”، وأضاف المتحدث العسكري لاحقا أن السيارات كانت مطفأة الأضواء.
لكن فيديو تمت استعادته من هاتف محمول لأحد عمال الإغاثة القتلى، نشره الهلال الأحمر، يتناقض مع رواية الجيش الإسرائيلي. ويظهر الفيديو سيارات الإسعاف وهي تسير مع تشغيل مصابيحها الأمامية وأضواء الطوارئ.
وقالت المتحدثة باسم الجيش إفي ديفرين الأحد “نحن لا نكذب، لكننا نرتكب أخطاء، للأسف”.
وقال الجيش الأحد إنه كان هناك ثلاث حوادث إطلاق نار في ذلك اليوم.
في الحادث الأول، أطلق الجنود النار على سيارة اعتبروها تابعة لحماس.
في الحادث الثاني الذي وقع بعد ساعة، أطلق الجنود النار “على مشتبه بهم يخرجون من سيارة إطفاء وسيارات إسعاف قريبة جدا من المنطقة التي كانت القوات تعمل فيها، بعد تلقي تهديد فوري وملموس”، بحسب ملخص التحقيق.
وقال الجيش إن الحادث الثالث شهد إطلاق النار على مركبة تابعة للأمم المتحدة “بسبب أخطاء عملياتية حصلت ضمن خرق للتعليمات”.
وجاء في التحقيق “تم تحديد أن إطلاق النار في الحادثين الأولين ناتج عن سوء فهم عملياتي من قبل القوات التي كانت تعتقد أنها كانت تواجه تهديدا ملموسا من القوات المعادية”.
وأضاف “الحادث الثالث تضمن خرقا للأوامر في بيئة قتالية”.
أثارت الواقعة إدانات دولية وسلطت الضوء مجددا على المخاطر التي يواجهها عمال الإغاثة في غزة، حيث تدور الحرب منذ هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023 على جنوب إسرائيل.
المصدر: أ ف ب