أعلن الجيش الإسرائيلي الأربعاء أنه حوّل نحو 30 بالمئة من مساحة غزة إلى منطقة عازلة، مع مواصلته عملياته العسكرية ومنع دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع الفلسطيني.
وأوقفت إسرائيل دخول المساعدات إلى غزة منذ الثاني من مارس قبل أن تستأنف هجماتها الجوية والبرية في مختلف أنحاء القطاع في 18 من الشهر نفسه وتنهي بذلك وقف إطلاق النار الذي استمر شهرين مع حركة حماس.
والأربعاء أعلن الدفاع المدني في غزة مقتل 11 شخصا في ضربات إسرائيلية، بينهم نساء وأطفال.
ونزح نحو 500 ألف فلسطيني في قطاع غزة منذ انتهاء وقف إطلاق النار مع استئناف العمليات العسكرية الإسرائيلية، وفق ما قالت متحدثة باسم الأمين العام للأمم المتحدة الأربعاء.
وقال الجيش الإسرائيلي في بيان إن قواته تسيطر “على نحو 30 بالمئة من مساحة قطاع غزة كطوق أمني دفاعي متقدم”، كما أعلن أنه هاجم نحو 1200 “هدف إرهابي” جوا ونفذ أكثر من 100 عملية “تصفية مستهدفة” منذ استئناف هجومه في القطاع في 18 آذار/مارس.
–فيديو لمحتجز إسرائيلي –
من جهتها، نشرت سرايا القدس، الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي، الأربعاء مقطع فيديو لمحتجز إسرائيلي في غزة على قيد الحياة.
ويظهر المحتجز الذي عرّفت عنه وسائل إعلام إسرائيلية باسم روم بارسلافسكي والحامل أيضا للجنسية الألمانية، وهو يتحدّث عن ظروف احتجازه الصعبة، فيما يناشد رئيس الوزراء الإسرائيلي تأمين الإفراج عنه.
كما يظهر المحتجز وهو يسأل الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن وعده بإطلاق سراح جميع المحتجزين في صفقة تبادل.
وحماس التي تحكم غزة منذ العام 2007 وتعتبرها إسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منظمة إرهابية، تدرس حاليا مقترحا إسرائيليا للهدنة، نقله وسطاء مصريون.
وأكد القيادي في الحركة محمود مرداوي لوكالة فرانس برس الأربعاء أن الحركة لا تزال تعدّ ردّها على مقترح إسرائيلي لوقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن في غزة.
ولم تعلن إسرائيل بعد أي موقف علني بشأن المقترح الذي من شأنه ضمان الإفراج عن رهائن على مراحل.
ومساء الأربعاء، أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي في بيان أن نتانياهو أعطى توجيهات لفريقه المفاوض بمواصلة الخطوات للدفع باتّجاه الإفراج عن الرهائن الذين ما زالوا محتجزين في غزة.
وأضاف البيان ان نتانياهو أجرى تقييما للقضية مع فريق التفاوض وقادة المؤسسة الأمنية.
وأعلنت إسرائيل الأربعاء أنها ستواصل منع دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة الذي حولته هجماتها المستمرة منذ قرابة 18 شهرا والتي تسقط يوميا مزيدا من القتلى إلى “مقبرة جماعية”، وفق منظمة أطباء بلا حدود الخيرية.
وأدّى ذلك إلى زيادة حدة الأزمة الإنسانية المتفاقمة، وسط الغارات والقصف والهجمات العسكرية المستمرة التي قال الدفاع المدني في غزة إنها أسفرت عن مقتل 11 شخصا على الأقل الأربعاء.
وأكد وزير الدفاع يسرائيل كاتس أن “سياسة إسرائيل واضحة: لن تدخل أي مساعدات إنسانية إلى غزة، ومنع هذه المساعدات هو أحد أدوات الضغط الرئيسية التي تمنع حماس من استخدامها كأداة ضغط على السكان”.
وأضاف في بيان أنّ “لا أحد يخطط حاليا للسماح بدخول أي مساعدات إنسانية إلى غزة، ولا توجد أي استعدادات لإتاحة دخولها”.
وتأتي هذه التطورات، فيما حذّر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) الاثنين من أن الوضع الإنساني في غزة هو “الأسوأ على الأرجح” منذ اندلاع الحرب مع استمرار الحصار وإغلاق المعابر، مشيرا الى مرور شهر ونصف شهر “منذ تمّ السماح بدخول أي امدادات، وهي أطول فترة تتوقف فيها الإمدادات حتى الآن”.
واضطر مئات الآلاف من سكان قطاع غزة للنزوح منذ استئناف الهجمات علما أن جميع سكان غزة تقريبا أرغموا على النزوح مرارا وتكرارا منذ بداية الحرب مع انعدام الأمن تماما.
في ظل الحصار المطبق على القطاع الذي يعيش فيه 2,4 مليون فلسطيني، قالت منظمة أطباء بلا حدود غير الحكومية الأربعاء إن قطاع غزة تحول إلى “مقبرة جماعية للفلسطينيين وللذين يهبون لمساعدتهم” جراء العمليات العسكرية ومنع إسرائيل دخول المساعدات.
وقالت أماند بازيرول منسقة الطوارئ في قطاع غزة “نشهد بالوقت الحقيقي القضاء على سكان غزة وتهجيرهم القسري” مشيرة إلى أن الاستجابة الإنسانية “تعاني كثيرا من انعدام الأمن وحالات النقص الحادة”.
ووفق تقديرات الأمم المتحدة، نزح نصف مليون من سكان غزة منذ استئناف إسرائيل عملياتها العسكرية في القطاع.
وقالت المتحدثة باسم المنظمة ستيفاني تريمبلاي الأربعاء “تفيد تقديرات شركائنا في المجال الإنساني بأن نحو نصف مليون شخص نزحوا منذ 18 مارس سواء للمرة الأولى أو مجددا”، في حين كان سكان القطاع البالغ عددهم الإجمالي أكثر من مليوني نسمة قد نزحوا بغالبيتهم الساحقة قبل وقف إطلاق النار.
وتعقد محكمة العدل الدولية اعتبارا من 28 أبريل جلسات استماع بشأن التزامات إسرائيل الإنسانية تجاه الفلسطينيين، بعد أن طلبت الجمعية العامة للأمم المتحدة من المحكمة العليا في لاهاي إصدار رأي استشاري في هذا الشأن.
ويدعو قرار الجمعية العامة محكمة العدل الدولية إلى توضيح ما يتعين على إسرائيل القيام به “لضمان وتسهيل توفير الإمدادات العاجلة والضرورية لبقاء المدنيين الفلسطينيين من دون عوائق”.
لكن، على الرغم من أن قرارات محكمة العدل الدولية ملزمة قانونا، إلا أنها لا تملك آلية ملموسة لإنفاذها. ومع ذلك، فإنها تزيد من الضغط الدبلوماسي.
– “ما ذنب الأطفال؟” –
واندلعت حرب غزة بعد هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023 والذي أسفر عن مقتل 1218 شخصا، معظمهم من المدنيين، وفقا لتعداد أجرته فرانس برس استنادا إلى أرقام إسرائيلية رسمية.
ومنذ ذلك الحين، قُتل ما لا يقل عن 51 ألف فلسطيني، غالبيتهم من المدنيين، في غزة جراء الهجمات الإسرائيلية، وفقا لوزارة الصحة في القطاع.
وأفادت وزارة الصحة في القطاع الذي تديره حماس أن 1652 شخصا على الأقل قتلوا في غزة منذ تجدد الهجمات.
وقالت سهير التي قُتلت شقيقتها بقصف “رضينا بالجوع بالضياع بالحرمان وفقدان الأب والأم والأقارب، لكن ما ذنب الأطفال؟”.
ولم تنجح حتى الآن جهود إعادة إرساء وقف لإطلاق النار.
وفي بيت لاهيا في شمال قطاع غزة، جرت الأربعاء تظاهرة للمطالبة بوضع حد للحرب مع إسرائيل تخّللتها شعارات مناهضة لحماس، وفق شهود عيان.
المصدر: أ ف ب