قتل 68 شخصا على الأقل في قصف نسب للولايات المتحدة وأصاب مركز إيواء للمهاجرين الأفارقة في صعدة، معقل المتمردين في شمال اليمن، على ما أفاد إعلام الحوثيين الإثنين، فيما تشن واشنطن حملة قصف شبه يومية تستهدف المتمردين المدعومين من إيران.
وردّا على سؤال لوكالة فرانس برس قالت القيادة العسكرية المركزية الأميركية (سنتكوم) إنها “على علم بمزاعم تفيد بوقوع خسائر بشرية في صفوف مدنيين على صلة بالضربات الأميركية في اليمن، وتأخذ هذه المزاعم على محمل الجدّ”.
وأوردت قناة المسيرة التابعة للمتمردين عن الدفاع المدني “وفاة 68 وإصابة 47 مهاجرا إفريقيا جراء استهداف العدوان الأميركي مركز إيواء المهاجرين غير الشرعيين في مدينة صعدة”.
ونقلت القناة عن وزارة الداخلية التابعة للمتمردين بيانا أكّدت فيه “سقوط عشرات القتلى والجرحى” في “القصف الأميركي المتعمد الذي استهدف مركزا يضم 115 مهاجرا جميعهم من الجنسيات الافريقية”.
وقالت الوزارة إنّ المركز الواقع في سجن صعدة الاحتياطي تابع لإشراف “منظمة الهجرة الدولية ومنظمة الصليب الأحمر”.
وتعذر على وكالة فرانس برس التأكد من هذه الحصيلة في شكل مستقل.
كذلك، لم تؤكد المنظمة الأممية هذه المعلومات على الفور، ردا على اسئلة فرانس برس.
وبثت قناة المسيرة مقاطع فيديو تظهر سقف المركز وقد دمر تماما فيما كان منقذون يزيحون الركام والحجارة لانتشال قتلى وجرحى. وسمع أشخاص يصيحون “اجلبوا محفّات” في المكان حيث انتشرت جثث على الأرض وجرحى يئنون من الألم.
وأعربت الأمم المتحدة عن “قلقها البالغ” حيال معلومات عن ضربات على مركز لإيواء المهاجرين في معقل المتمردين الحوثيين في اليمن، وفق ما صرح متحدث الإثنين.
وصرح ستيفان دوجاريك “تحدثت معلومات أولية عن مقتل 68 مهاجرا وإصابة 48، لكن العدد مرشح للارتفاع”، وذلك من دون أن يشير الى الولايات المتحدة التي اتهمها الحوثيون بشن هذه الضربات في صعدة (شمال).
وقالت رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في اليمن كريستين سيبولا “من غير المعقول أن يجد أشخاص محتجزون، لا يمكنهم الهرب، أنفسهم في مرمى النيران”.
ودان المتحدث باسم وزارة الخارجية الايرانية اسماعيل بقائي في بيان هذه الضربات “ضد أهداف مدنية وبنى تحتية حيوية ومساكن في العديد من مناطق اليمن”، معتبرا أنها “جرائم حرب”.
ويخوض عشرات الآلاف من المهاجرين سنويا غمار الطريق الشرقي من القرن الأفريقي هربا من الصراعات والكوارث الطبيعية وضعف الآفاق الاقتصادية، بارتياد البحر الأحمر نحو الخليج الغني بالنفط.
ويأمل كثيرون في الحصول على عمل في السعودية ودول الخليج، رغم أنهم يواجهون رحلة محفوفة بالمخاطر عبر اليمن الذي مزقته الحرب.
وأعلنت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة أنها تراقب الوضع عن كثب في أعقاب الغارة الأخيرة، لكنها أشارت إلى أن المنشأة المعنية لا يديرها موظفوها.
وأضافت المنظمة في بيان “من الضروري بذل كل الجهود الممكنة لتجنب إلحاق الأذى بالمدنيين وحماية الفئات الأكثر ضعفا في هذه الظروف الصعبة”.
جاء القصف الأميركي صباح الإثنين بعد ساعات من مقتل ثمانية أشخاص بينهم أطفال ونساء، في ضربات على العاصمة صنعاء، استهدفت ثلاثة منازل.
وبثت القناة مقاطع فيديو تظهر ركام منازل وسيارات مُدمّرة كلّيا وبقع دماء على الأرض، فيما كان منقذون يجمعون أشلاء بشرية على الأرجح، في قطعة قماش أبيض موضوعة على الأرض.
– قصف “800 هدف” –
ويقول الحوثيون، وهم جزء من “محور المقاومة” الإيراني ضد إسرائيل والولايات المتحدة، إنهم يساندون غزة في الحرب بين إسرائيل وحماس.
وتتعرّض مناطق الحوثيين في اليمن لغارات شبه يومية منذ أعلنت واشنطن في 15 آذار/مارس إطلاق عملية عسكرية ضدهم لوقف هجماتهم في البحر الأحمر وخليج عدن.
ومساء الأحد، أعلن الجيش الأميركي أنّ الولايات المتحدة ضربت أكثر من 800 هدف في اليمن منذ منتصف آذار/مارس، ما أسفر عن مقتل مئات المقاتلين المتمردين الحوثيين، بينهم أعضاء في قيادة جماعتهم.
وذكر بيان صادر عن القيادة العسكرية الأميركية لمنطقة الشرق الأوسط أنه “منذ بداية عملية +راف رايدر+ قصفت القيادة الوسطى الأميركية أكثر من 800 هدف. وقد أسفرت هذه الضربات عن مقتل مئات المقاتلين الحوثيين والعديد من القادة الحوثيين”.
وبحسب سنتكوم “دمرت الضربات العديد من منشآت القيادة والسيطرة، وأنظمة الدفاع الجوي، ومرافق تصنيع الأسلحة المتقدمة، ومرافق تخزين الأسلحة المتقدمة”.
وأضاف سنتكوم “مع أن الحوثيين واصلوا مهاجمة سفننا، إلا أن عملياتنا قللت من معدل هجماتهم وفعاليتها”، مشيرا إلى أن “إطلاق الصواريخ البالستية انخفض بنسبة 69%” في حين أن الهجمات الانتحارية بطائرات مسيّرة “انخفضت بنسبة 55%”.
ورغم عمليات القصف، يواصل الحوثيون الذين يسيطرون على مساحات شاسعة من اليمن، إعلان مسؤوليتهم عن هجمات على سفن أميركية وإسرائيلية.
والاثنين، أعلن الحوثيون في بيان أنهم استهدفوا حاملة الطائرات الأميركية “هاري ترومان والقطع الحربية التابعة لها (…) بعدد من الصواريخ المجنحة والبالستية والطائرات المسيرة”.
وقالوا إن ذلك جاء “في إطار الرد على العدوان (الأميركي) ومجازره بحق المدنيين”.
كما تبنى المتمردون اليمنيون “عملية عسكرية استهدفت هدفا حيويا للعدو الإسرائيلي في منطقة عسقلان المحتلة وذلك بطائرة مسيرة نو يافا”.
ومنذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة إثر هجوم الحركة الفلسطينية على جنوب الدولة العبرية في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، شنّ الحوثيون عشرات الهجمات الصاروخية ضدّ إسرائيل وضدّ سفن في البحر الأحمر يقولون إنها على ارتباط بها.
وشلّت هجمات الحوثيين حركة الملاحة عبر قناة السويس، وهو شريان مائي حيوي يمرّ عبره عادةً حوالى 12% من حركة الملاحة العالميّة، ما أجبر العديد من الشركات على اللجوء إلى طرق بديلة مكلِفة حول رأس الرجاء الصالح في جنوب إفريقيا.
المصدر: أ ف ب