أقدمت السلطات السورية في الأيام الأخيرة بإغلاق مقر تمثيلية جبهة البوليساريو الإنفصالية، في العاصمة السورية دمشق، والتي كانت تشغلها في عهد النظام السوري السابق، حيث جاء هذا الإجراء بعد الأجواء الإيجابية التي باتت تطبع العلاقات المغربية السورية بعد سقوط نظام الأسد نهاية العام الماضي.
وجاء هذا القرار إثر تنقل وفد تقني مغربي، للإشراف على ترتيبات إعادة فتح السفارة المغربية في دمشق، بعد القرار الملكي الذي أعلنه وزير الخارجية ناصر بوريطة، في القمة العربية، المنعقدة قبل أيام في العاصمة العراقية بغداد، والقاضي بإعادة فتح السفارة المغربية في دمشق والمغلقة منذ أكثر من 12 سنة.
وكشفت مصادر مطلعة لموقع “سفيركم”، أن “المكتب التمثيلي للبوليساريو في دمشق، كان مغلقا منذ سنة 2003، وممثل الجبهة الانفصالية في دمشق لم يعد يتواجد بها منذ ذلك الوقت، حيث يتواجد بمنطقة الباسك في إسبانيا ويتلقى راتبه عن مهام لا يقوم بها منذ أكثر من عشرين سنة”.
وأضافت ذات المصادر، أن “الممثل السابق للجبهة في سوريا يدعى مصطفى الكتاب، ولم يعد يتواجد بها منذ مدة، كما أن الجبهة تروج على أنه يشغل مهام سفير البوليساريو في المشرق العربي، وخاصة في سوريا و لبنان واليمن والكويت”.
غير أن السلطات السورية السابقة، ولا جبهة البوليساريو، لم يصدر أي منهما بيانا أو قرار يفيد بإغلاق هذا المكتب، مما يجعل الأنباء المتداولة حول قيام السلطات السورية الجديدة بإغلاقه نهائيا، خطوة في اتجاه تعزيز المنحى الإيجابي للعلاقات المغربية السورية، واستجابة لدعوات مغربية وسورية بضرورة إنهاء تواجد الجبهة الانفصالية على الأراضي السورية.
وفي هذا السياق قال محمد الغلبزوري أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الأول ، “إن اغلاق تمثيلية البوليساريو في سوريا يأتي في إطار سياسة المعاملة بالمثل بين المغرب وسوريا”، مشددا “على أن هذا القرار من أهم الأحداث التي شهدتها الساحة الإقليمية، في هذا الأسبوع، ومن بين المكاسب التي ستعزز نجاحات الديبلوماسية المغربية والسياسة الخارجية للمملكة”.
وأوضح الغلبزوري في تصريح لموقع “سفيركم”، أنه بعد نجاح الثورة السورية، في نهاية العام الماضي، كانت هناك مبادرات مغربية في اتجاه النظام السوري الجديد، ورسالة ملكية للرئيس الجديد، ومباحثاث بين وزيري خارجية البلدين، كما أن الموقف المغربي ظل ثابتا فيما يخص النظام الجديد لسوريا، و دعم الوحدة الترابية لسوريا وسيادتها وداعم للنظام الجديد”.
ولفت الخبير في العلاقات الدولية، إلى أن النظام السوري السابق كان من بين الأنظمة التي تدعم البوليساريو في الساحة العربية بالإضافة إلى الجزائر، الأمر الذي سيؤدي إلى التضييق على الخيار الانفصالي، على مستوى الساحة العربية”.
من جانبه يرى إسماعيل أكنكو، الباحث في الشأن الصحراوي، “أن قرار سوريا بإغلاق تمثيلية البوليساريو في دمشق، يشكل ضربة قاسمة للتوجهات الانفصالية، بقيادة الجزائر وبعض الدول القليلة، التي لازالت تدافع عن هذا الطرح، الطرح الإنفصالي الذي بات يتآكل شيئا فشيئا، ويؤكد من جديد على أن مسار حل ملف الصحراء المغربية، بدأ يأخد أبعادا جديدة وسيجد طريقه عاجلا للحل”.
وأضاف أكنكو الحاصل على دكتوراه في العلوم السياسية، بجامعة محمد الخامس بالرباط في تصريح لموقع “سفيركم”، أن “هذا القرار جاء بعد الإشارات الإيجابية التي أرسلتها المملكة المغربية، للجمهورية العربية السورية، وخاصة بعد إعادة فتح سفارتها في دمشق”.
وأوضح الباحث في العلوم السياسية، “أن مخرجات القمة العربية الأخيرة في بغداد، سجلت عودة سوريا إلى عمقها العربي، ودعما مغربيا كبيرا للسلطات السورية الجديدة في هذا المسعى، كم حظيت للمملكة المغربية، بدعم ومساندة خاصة فيما يتصل بالوحدة الترابية للمملكة المغربية”.
وخلص المتحدث إلى أن هذا القرار” يعزز مكاسب الديبلوماسية المغربية، ويرسخ مكتسباتها المبنية على تصور واضح، وهو أن القضية الوطنية هي التي تحكم التعامل مع الدول بما فيها العربية، وهو إنجاز ينضاف إلى سلسلة الإنجازات، التي تأتي في إطار الدينيامية، التي يحضى بها المقترح المغربي للحكم الذاتي”.