في ظل التصعيد المستمر بين إيران وإسرائيل، بدأت المخاوف تتزايد من دخول الحرب مرحلة أكثر خطورة مع توجيه ضربات مباشرة إلى منشآت نفطية ومراكز حيوية. ومع ارتفاع التهديدات بإغلاق مضيق هرمز، وهو الممر البحري الذي تمر عبره خمس التجارة العالمية المرتبطة بالنفط والغاز، تلوح في الأفق تداعيات اقتصادية عميقة، ليس فقط في الدول المنتجة والمصدرة، بل أيضا لدى الدول المستوردة، مثل المغرب، الذي يرتبط مباشرة بتقلبات السوق الدولية.
ورغم أن أسعار النفط لم تشهد حتى الآن ارتفاعات مقلقة، إلا أن احتمال توسع النزاع وامتداده إلى الممرات الحيوية، كمضيق هرمز وباب المندب، يعزز سيناريوهات قاتمة قد تؤدي إلى اختلالات في سلاسل التوريد العالمية وارتفاعات حادة في أسعار الطاقة، وهو ما سيفرض ضغوطا إضافية على اقتصادات هشة أصلا، وخاصة في دول المنطقة.
ساري رشيد: إغلاق المضيق سيقود إلى سيناريوهات تضخمية عالمية وركود اقتصادي محتمل
يرى المحلل الاقتصادي ساري رشيد، أن “الأوضاع الحالية، رغم توترها، لا تُعد قاتمة بالكامل في الوقت الراهن، إذ إن الضربات الأخيرة التي تبادلها الطرفان لم تؤثر بشكل كبير على السوق العالمية، حيث سجل سعر برميل النفط ارتفاعا طفيفا إلى حدود 74 دولارا، وارتفعت معدلات التأمين البحري من 0.2% إلى 0.6% ، ومع ذلك، فإن هذا الاستقرار النسبي قد لا يدوم طويلا إذا اتخذت الحرب منحى أكثر تصعيدا”، يقول ساري رشيد.
واعتبر ساري رشيد، في تصريح لموقع “سفيركم”، أن من شأن إغلاق مضيق هرمز أن يشكل منعطفا حاسما في هذه الحرب، ليس فقط عسكريا، بل اقتصاديا كذلك، إذ سيؤدي ذلك إلى توقف الإمدادات النفطية من منطقة الخليج، ما سيدفع بأسعار النفط إلى مستويات قياسية قد تتجاوز 150 دولارا للبرميل.
وأضاف المحلل الاقتصادي أن “هذا الارتفاع سيعيد العالم إلى مستويات تضخم غير مسبوقة منذ أكتوبر 2022، حيث كانت المعدلات حينها مرتفعة جدا”، مشيرا “إلى أن “التضخم قد يصل إلى 6 أو 7% على المستوى العالمي، مع نسب أعلى في دول المنطقة”.
وبخصوص تأثر المغرب، لفت المتحدث إلى أن “الدول غير المنتجة للنفط، وعلى رأسها المغرب، ستكون الأكثر تضررا، خاصة أن المغرب يستورد كامل حاجياته من الطاقة، ويتفاعل بشكل مباشر مع أي تقلب في السوق الدولية”، مشددا على أن السيناريو الأسوأ يتمثل في استمرار الحرب وامتدادها جغرافيا، لأن ذلك سيؤدي إلى زيادات كبيرة في أسعار البنزين والغازوال، وسيفرض ضغوطا تضخمية على الاقتصاد المغربي، الذي يعاني أصلا من آثار ارتفاع الأسعار منذ سنوات.
وختم الخبير الإقتصادي بالقول إن “أزمة التوريد لن تقتصر على النفط فقط، بل ستشمل أيضا المواد الغذائية، حيث سيتعذر المرور عبر البحر الأحمر، وسيُعتمد على طريق رأس الرجاء الصالح غير الآمن والمكلف”.
الحسين اليماني: المغرب سيكون أول المتأثرين نظرا لارتباطه المباشر بأسعار السوق الدولية
من جهته، قال الخبير الطاقي الحسين اليماني، إن “الخطر الحقيقي على المغرب يكمن في تفاعل السوق المحلية مباشرة مع تقلبات الأسعار العالمية، حيث أن المغرب لا ينتج النفط، وبالتالي فإن أي اضطراب في الإمدادات العالمية سيرتد سريعا على السوق الوطنية، لا سيما أسعار المحروقات، التي ترتفع بشكل فوري عند كل ارتفاع في السوق الدولية، بينما يتم التباطؤ في عكس الانخفاضات على السوق الوطنية”.
واعتبر اليماني في تصريح لموقع “سفيركم” أن استمرار الحرب، أو انتقالها إلى مرحلة أكثر شمولية تشمل مضيق هرمز وباب المندب، سيؤدي إلى اختلالات عميقة في أسواق النفط العالمية، وسيفاقم من حدة التضخم في المغرب، لافتا إلى أن أي ارتفاع جديد في أسعار الغازوال والبنزين، سيؤثر مباشرة على كلفة النقل وأسعار المواد الاستهلاكية.
وحذر الخبير الطاقي من “أن تطور الأوضاع نحو إغلاق المضيق سيغير كل المعادلات، خاصة إذا توسعت رقعة الحرب وانخرطت أطراف جديدة فيها، بما يهدد بانهيار في العرض العالمي للنفط، وما قد يترتب عنه من اضطرابات اقتصادية شاملة”.
وخلص اليماني بالقول: “نأمل ألا نصل إلى السيناريو الذي لا يتمناه أحد، وهو غلق مضيق هرمز، لأنه سيمس الاقتصاد العالمي بكامله، وستكون تبعاته ثقيلة على الدول غير المنتجة مثل المغرب”.