كشفت صحيفة “الباييس” الإسبانية أن مجموعة من المافيات تحقق أرباحا مهمة من تهريب دواء “ريفوتريل” إلى المغرب، وهو عقار مضاد للقلق يُستخدم بشكل غير قانوني في صناعة مخدر “القرقوبي”، ويتم بيعه في السوق السوداء المغربية بأسعار باهظة.
وأوضح تقرير الصحيفة أن حوالي أربعة ملايين علبة من ريفوتريل تُباع بشكل سنوي في إسبانيا، وهو رقم تضاعف بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة، مبرزا أن جزءا كبيرا من هذه الكميات يتم تهريبها إلى المغرب، حيث يتم خلط الدواء بالقنب الهندي لإنتاج مخدر “القرقوبي”، الذي يُعد أحد أخطر المخدرات المنتشرة في الأحياء الشعبية بالمغرب.
وذكرت الصحيفة أن تكلفة علبة واحدة مكونة من 60 حبة من ريفوتريل تباع في الصيدليات الإسبانية بمبلغ 3.12 يورو، بينما يُباع القرص الواحد منها في المغرب بأكثر من 10 يورو أي 108 درهم مغربي، ما يعني أن المافيات التي تهرب هذا الدواء تجني أموالا طائلة، تصل إلى 600 يورو لكل علبة أي حوالي 7000 درهم.
وبدورها قدرت الشرطة الإسبانية الأرباح السنوية التي تجنيها مافيات الاتجار من هذا الدواء المهرب، بأكثر من 100 مليون يورو، وهو ما يعادل مليار وأربعة وسبعون مليون درهم مغربي.
وأكد تقرير “الباييس” أنه في السنوات الأخيرة، قامت السلطات الإسبانية بفرض مجموعة من الإجراءات لمكافحة تهريب ريفوتريل، منها الاعتماد على الوصفات الطبية الإلكترونية بدلا من الورقية، وذلك بعد شيوع تزوير الوصفات أو سرقتها واستخدامها بشكل غير قانوني، موضحة أن الوصفات الطبية الخاصة ما تزال تشكل نقطة ضعف في نظام الرقابة، ما يسمح للمافيات بمواصلة نشاطها.
وشهدت التجارة غير القانونية في دواء “ريفوتريل” تحولا كبيرا في سنة 2016، ففي 7 يناير من نفس السنة، اكتشفت السلطات الإسبانية في مدينة سبتة المحتلة، خلال تفتيش روتيني، سيارة قادمة من الجزيرة الخضراء تحتوي على أكثر من 26,000 قرص من فئة 2 ملغ. وكانت قد صرحت مصادر في الشرطة لجريدة “الباييس” آنذاك: “لقد فوجئنا بحجم الشحنة وبأن جميع الأقراص متطابقة، كان من المعتاد أن نجد كميات صغيرة من أنواع مختلفة من الأدوية”.
وكشفت هذه الحادثة أن مجموعة من المافيات تعمل بالفعل في الاتجار بهذا الدواء، من خلال تهريبه بشكل مستمر إلى المغرب، من أجل بيعه في السوق السوداء، ولا سيما الأقراص من فئة 2 ملغرام، نظرا لسهولة تهريبها وفعاليتها الكبيرة في صناعة القرقوبي.
وتتبع المافيات طرقا متعددة للحصول على ريفوتريل من الصيدليات باستخدام وصفات طبية مزورة، ومع تقدم تقنيات التزوير، أصبحت هذه العصابات أكثر إبداعا في أساليبها. ومن جهة أخرى، تعمل الصيدليات الإسبانية على مكافحة تهريب هذا العقار والاتجار غير القانوني به، عبر بروتوكولات صارمة للتعامل مع الوصفات المشبوهة، من خلال التعاون مع الشرطة عند رصد أي حالة مشكوك فيها.
ومع استمرار هذه الظاهرة، التي تهدد صحة وسلامة المستهلك المغربي، ولا سيما الشباب الذين يتناولونه في مخدر “القرقوبي”، شددت الصحيفة على أهمية تطبيق نظام الوصفات الإلكترونية على نطاق واسع كأفضل حل لمكافحة الاتجار غير القانوني بالدواء، ومع ذلك، يظل التحدي قائما في مواجهة الأساليب المبتكرة التي تعتمدها المافيات لاستغلال أي ثغرات في النظام الصحي والإداري في كل من إسبانيا والمغرب.