سيجورني بالمغرب.. انفراج في الأزمة
حل بالمغرب يوم أمس الاثنين وزير أوربا والشؤون الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورني، في زيارة رسمية إلى المملكة التقى من خلالها بوزير الشؤون الخارجية والتعاون الافريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة.
وتأتي زيارة “سيجورني” في سياق متسم بأزمة صامتة مرت بها العلاقات بين الرباط وباريس، امتدت تداعياتها إلى مستويات عديدة، لم يبرز منها إلى السطح بشكل كبير إلا ما تعلق بملف التأشيرات الذي وجد فيه مغاربة كثر بينهم مسؤولون بارزون، أنفسهم أمام مصالح ديبلوماسية فرنسية ترفع في وجوههم البطاقة الحمراء.
وإذا كان قرار فرنسا في شتنبر من سنة 2021 بتشديد إجراءات الحصول على تأشيرة ولوج أراضيها للمواطنين المغاربة، قرار سياديا كما وصفه ناصر بوريطة، فإن الأخير رأى فيه مقابل ذلك وقتها بأنه “قرار غير مبرر ولا يعكس حقيقة التعاون القنصلي في مجال مكافحة الهجرة غير القانونية”.
وبالرغم مما شهدته العلاقة بين الطرفين، إلا أن صمت الأزمة لم يصل حد القطيعة، ولعل ما يفسر ذلك هو اصطفاف فرنسا إلى جانب المغرب عندما يتعلق الأمر بالتصويت على قرارات مهمة على مستوى مؤسسات دولية في ملف النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.
الزيارة وريادة المملكة
ويضع الباحث في العلاقات الدولية محمد عطيف زيارة وزير الخارجية الفرنسية، في سياق تتحكم فيه عدد من المعطيات، في مقدمتها الموقع الريادي للمملكة المغربية وقوتها الاقليمية التي جعلت مجموعة من البلدان تتسابق لربط العلاقات الديبلوماسية معها.
وأفاد “عطيف” في تصريح لـ”سفيركم” أن الموقع الاستراتيجي للمغرب في شمال افريقيا، مكنها أيضا من إثارة انتباه بلدن مختلفة، فضلا عن كون المملكة أصبحت دولة مؤثرة في محيطها الاقليمي، على مستويات عديدها أبرزها الجوانب الديبلوماسية والاقتصادية والأمنية.
وتقوم الممكلة حسب المتحدث بقياس علاقاتها الديبلوماسية على أساس المصلحة الوطنية، كما ترى على الدوام أن هذه العلاقات عليها أن تكون قائمة على تبادل المصالح واحترام سيادة الدول.
فرنسا والمسار الجديد
اعتبر محمد عطيف أن فرنسا دشنت مسارا جديدا في علاقتها مع المملكة، يهدف أساسا إلى إعادة النظر في موقفها تجاه الصحراء المغربية، مبرزا أن الزيارة التي قام بها ستيفان سيجورنيه ليست إلا إشارة من باريس، وتوجها نحو إعطاء زخم لعلاقتها الثنائية مع الرباط في مختلف المجالات.
وشدد المتحدث لـ “سفيركم”، على أن العلاقة بين البلدين ضاربة في التاريح، بالرغم من أنها مرت في الاونة الأخيرة من حالة جمود بسبب خلاف حول ملف الصحراء، بالنظر إلى كون فرنسا لا تزال في خانة الدول ذات الموقف الضبابي بشأن هذا الموضوع.
وتجسد زيارة المسؤول الفرنسي إلى المملكة حسب الباحث في العلاقات الدولية، إشارة من فرنسا التي يمكن أن تتخذ موقفا واضحا في المستقبل القريب بخصوص ملف الصحراء المغربية، حتى تدخل مع المملكة في علاقة جديدة ومتجددة، وبناء شراكة استراتيجية في المجال الاقتصادي الذي أضحي العامل الاساسي لبناء العلاقات بين الدول، يضيف المتحدث.
خطاب ملكي.. مرجع
قبل أقل من عامين، وجه الملك محمد السادس في خطاب له إشارات قوية إلى عدد من شركاء المملكة، من الذين فضلوا الاصطفاف في طابور الماسكين بعصا المواقف من وسطها، والقابعين في المنطقة الرمادية المغلفة بالغموض.
وجاء في خطاب عاهل البلاد بمناسبة الذكرى 69 لثورة الملك والشعب قوله “أمام هذه التطورات الإيجابية، التي تهم دولا من مختلف القارات، أوجه رسالة واضحة للجميع، إن ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، وهو المعيار الواضح والبسيط، الذي يقيس به صدق الصداقات، ونجاعة الشراكات”.
وأضاف الملك بالقول “لذا، ننتظر من بعض الدول، من شركاء المغرب التقليديين والجدد، التي تتبنى مواقف غير واضحة بخصوص مغربية الصحراء، أن توضح مواقفها، وتراجع مضمونها بشكل لا يقبل التأويل”.
تعليقات( 0 )