بقلم: ندى يعقوبي
ستة أيام قضيتها في العاصمة الالمانية برلين. قصدت هذه المدينة في مهمة.. وهي تغطية فعاليات الاسبوع الاخضر الدولي في دورته 89 والذي يشارك فيه المغرب للمرة 10 تواليا.
خلال مدة إقامتي انبهرت مرتين.. المرة الأولى سلبا بسبب صعوبة التواصل مع أغلب الألمان.. ليس لاني لا أتكلم لغتهم ولكن لأن آذانهم ليست صاغية.
فاجأتني برودتهم وصدمني تعصبهم وعدم رغبتهم في سماع اي شيء عن أي أحد.. مزاجهم دائما سيء ولا رغبة لهم في الخوض في أي حوار إن لم يكن ضروريا. كأنهم شعب يعيش في كوكب آخر لا ينتمي لهذا الكون. وجوههم عابسة معظم الوقت وتعبس أكثر إن عرفوا أنك من أصول عربية. يمكنني أن أجزم أن نسبة العنصرية في هذه الارض، غير السعيدة، ليست محدودة السقف.
غروب الشمس حوالي 4: 30 دقيقة، لذلك تسبق الحركية النهار، وفي حركتهم تحس نظام الروبوتات طاغيا. في حوالي الساعة السادسة صباحا، وقبل أن تلوح في الافق أشعة الشمس، الازدحام المروري يشبه أو يفوق ما نعيشه في كبريات المدن ببلادنا في أوقات الذروة.
نهار الالمان قصير جدا، ينتهي في الثامنة مساء، وبعد هذا التوقيت تغط المدينة في سبات عميق ويعم الصمت ويحل بعدها الملل.. ليل طويل يكاد لا ينتهي.
قساوة الجو لا اريد ان اعرج عنها فهو معطى معروف وواقع محتوم، والانسان ابن بيئته. مناخهم يشبه حياتهم وينطبق طبق الاصل على تعاملاتهم.
من القضايا الكبرى في ألمانيا الهجرة، شرعية كانت أم غير شرعية، في اعتقادي، هم يرفضون الغرباء، وأنا استغرب كيف يتعايش معهم المهاجرون هناك.
انبهاري الايجابي جاء بعد جولة في المدينة.. طرحت السؤال.: كيف لهذه الدولة أن تموت وتحيا، (ح ع 1) ثم تموت ثم تحيا بعد وابل من المعارك والحروب (ح ع 2)؟ قلت مع نفسي: كيف لهم أن يكونوا غير هم، وقد اجتمع التاريخ والظروف والمناخ والسقوط والنهوظ والنشأة على أن يجعلوا من حياة الألمان صعبة؟ .. كيف لهم أن يكونوا إنسانيين وعاطفيين ومرحين، والحياة لم تترك لهم من الوقت برهة، وفرظت عليهم دائما نظاما عسكريا قاسيا متشددا؟
دولة ألمانيا تشبه الأم.. تقسو على أبنائها حتى يكونوا الأفضل.
كأني سمعتها تقول: ليس هناك اي وقت إلا لنكون عظماء.