عمر لبشيريت (مونتريال – كندا)
تتجه كل من الحكومة الفدرالية الكندية وحكومة مقاطعة كيبيك إلى خفض عدد المهاجرين وتشديد إجراءات طلب اللجوء، وتشديد القوانين الخاصة بالطلبة الأجانب، مما سيؤدي إلى تغيير مشهد الهجرة الكندية.
ففي خروج متزامن، هذا الأسبوع، أعلن الطرفان عن حزمة من الإجراءات، التي دخل بعضها حيز التنفيذ فوراً، ترمي إلى تعليق العديد من البرامج التي تهم العمال المؤقتين، والطلبة الأجانب الخريجين، وتشديد إجراءات منح اللجوء، وتقليص سقف الهجرة.
حكومة رئيس الوزراء الكندي الجديد، مارك كارني، التي أدت اليمين الدستورية الأسبوع الماضي، تريد أخذ مسافة مع سياسة الهجرة المفتوحة والسخية، التي كانت متبعة من طرف رئيس الوزراء السابق، جاستن ترودو، والتي كانت محط انتقادات عديدة.
وترغب الحكومة الفدرالية في تعديل قوانينها الخاصة بالهجرة في اتجاه يمكنها بسهولة من تعليق إمكانية تقديم طلبات اللجوء في كندا، وتقليص عدد الوافدين من المهاجرين الجدد.
ويتضمن مشروع القانون C-2، أو ما يعرف بـ”الحدود القوية”، الذي قدمته وزيرة الهجرة، لينا دياب، يوم الثلاثاء، قاعدتين جديدتين لا تسمحان بالتقدم بطلب اللجوء بالنسبة للأشخاص الذين يقدمون طلبات لجوء بعد أكثر من عام من وصولهم إلى كندا بعد تاريخ 24 يونيو 2020، بما في ذلك الطلاب والمقيمون المؤقتون. كما لن يُسمح لطالبي اللجوء الذين يدخلون كندا من الولايات المتحدة عبر الحدود البرية ويقدمون طلب لجوء بعد 14 يوماً من دخولهم إلى كندا بتقديم طلبات اللجوء، وتُعد هذه البوابة الأمريكية الأكثر شيوعاً واستعمالاً من طرف طالبي اللجوء.
وتتضمن الإجراءات الجديدة، كذلك، تفعيل أوامر الترحيل في نفس يوم سحب الطلب أو عدم الموافقة عليه. إضافة إلى ذلك، سيسمح مشروع القانون للسلطات الكندية بمشاركة معلومات طالبي اللجوء، مثل الهوية، والوضع القانوني، ووثائق الهجرة، مع باقي السلطات والشركاء على المستويات الفدرالية، والإقليمية، والمحلية، وهي النقطة التي أثارت انتقادات واسعة من طرف المنظمات المدافعة عن حماية المعطيات الشخصية.
ومن شأن هذه الإجراءات حرمان آلاف الأشخاص من استخدام التشريعات الكندية لطلب اللجوء. وتُعد كندا أكثر البلدان انفتاحاً في العالم فيما يتعلق بسياسات اللجوء.
على المستوى الإقليمي، أعلن وزير الهجرة بحكومة إقليم كيبيك، يوم الخميس، إجراءات مشددة وفورية تهم تخفيض سقف المهاجرين الذين سيتم استقبالهم سنوياً، وتعليق العديد من البرامج التي تهم الهجرة.
ويُشار إلى أن إقليم كيبيك ينفرد، من بين باقي الأقاليم الكندية، بتدبير سياسة الهجرة الخاصة به.
الإجراءات الجديدة لحكومة الإقليم، الناطق بالفرنسية، همّت بشكل فوري:
-تعليق استقبال طلبات برنامج (PEQ التجربة الكيبيكية) الخاص بالعمال الأجانب المؤقتين حتى 30 نوفمبر 2025.
-تمديد تعليق مسار الطلبة الخريجين ضمن برنامج PEQ حتى 30 نوفمبر 2025.
-الإعلان عن إعادة فتح برنامج اختيار العمال المهرة في يوليو 2025.
-تعليق برنامج الكفالة الجماعية حتى 31 دجنبر 2027.
تحديد سقف جديد لمستويات الإقامة المؤقتة، بما يشمل تقليص عدد المقيمين المؤقتين، مع منح الأولوية للمقيمين المؤقتين الموجودين حالياً في كيبيك عند دراسة طلباتهم للإقامة الدائمة. إضافة إلى فرض حد أدنى لإتقان اللغة الفرنسية كشرط لتجديد تصاريح العمل للعمال الأجانب المؤقتين.
وتهدف هذه الإجراءات إلى التحضير لتخفيض عدد المهاجرين الجدد ابتداءً من 2026 إلى 25,000 فقط في السنة، وذلك بسبب “ارتفاع معدلات البطالة، والضغط المتزايد على الإسكان، وتحديات حماية اللغة الفرنسية”، حسب تصريح وزير الهجرة، جان فرانسوا روبيرج.
كما دعا الوزير الحكومة الفدرالية إلى تخفيض عدد المهاجرين المؤقتين المقبولين بكيبيك، في إطار البرامج التي تديرها أوتاوا، من 400,000 مهاجر حالياً إلى 200,000 مهاجر.
وجدير بالذكر أن كندا تستقبل سنوياً ما بين 800,000 إلى 1,000,000 شخص من المهاجرين الجدد، سواء كمقيمين دائمين أو مؤقتين (عمال موسميين وطلبة أجانب).
وتصاعدت خلال السنتين الماضيتين حدة الجدل بخصوص سياسة الهجرة الكندية. كما شكّلت نقطة تجاذب قوية بين الأحزاب السياسية، خاصة خلال الحملات الانتخابية.
وفيما تحتاج كندا، التي تُعد ثاني أكبر بلد في العالم من حيث المساحة، ويبلغ عدد سكانها 41 مليون نسمة فقط، إلى قوى عاملة مدربة، بشكل متزايد، لإنعاش عجلة الاقتصاد وسد الخصاص الكبير في عدة قطاعات، وبصفة خاصة في المناطق النائية، ترتفع أصوات الأحزاب المحافظة للمطالبة بالتحكم في تدفق الهجرة لما تتسبب فيه من ضغط على الخدمات الاجتماعية والسكن، حسب هؤلاء.