تحتفل فرنسا في الـ21 يناير من كل عام، باليوم العالمي لضم “خبز الباكيت” الفرنسي لقائمة الثرات الثقافي غير المادي.
ويعد “الباكيت” من بين المخبوزات المهمة على المائدة الفرنسية، إلا أن لها أسرارا تهم نشأتها ومسار تغييرها سنتعرف عليها من خلال هذا المقال على موقع “سفيركم”.
الأصول
اعتمد الفرنسيون منذ نشأتهم على “الخبر الفرنسي الأسود” الذي كان يباع في المحلات العادية والمخبزات، إذ كانوا يتناولونه مع الحليب أو الماء أو القهوة، نظرا لأوضاع فرنسا قبل الثورات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
ويعتبر “الخبر الفرنسي الأسود” هو أصل نشأة “الباكيت الفرنسي” الشهير، الذي لا يعلم جل الناس بحقيقته وارتباطه بالطبقة الأرستوقراطية بعد توالي الثورات السالفة الذكر.
الكادحون والبورجواز
بعد تطور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية بفرنسا، ارتأت الطبقة البورجوازية تخصيص خبز خاص بها اختارت له اللون الأبيض والشكل الطويل، وغيرت اسمه من “الخبز الفرنسي” الأسود إلى “الباكيت الفرنسي الأبيض”، الذي كان يباع للطبقة البورجوازية فقط ولا يصلح للعامة اقتناؤه أو تذوقه.
وتم اختيار اللون الأبيض للخبز لاعتبارهم أنفسهم طبقة نقية، وجب تمييز لون خبزها عن الطبقة العاملة التي تكتفي فقط بالخبز الدائري الشكل وأسود اللون.
كما فرض البورجواز على العاملين تحضير ”الباكيت” في القرى وإحضاره وفق مواصفات لهم حتى أماكن سكناهم، إيمانا منهم بضرورة تحضيره بشكل خاص وغربلة الدقيق حتى يصبح صافيا.
كما أن الباكيت الفاخر يجب أن يستغرق مدة أطول في الإعداد والاختمار حتى النضج والتغليف، والاعتماد على بروتوكول خاص بالتوصيل والتقديم مع الحفاظ على أعلى نسبة من القرمشة والطراوة الداخلية.
استهلاك الخبز بين الماضي والحاضر
خلال القرن الـ18، وصلت نسبة استهلاك الخبز عند الأسر الفرنسية لـ90 في المائة، إذ يستهلك الشخص الواحد في كل أسرة 1.5 كيلوغرام في اليوم من الخبز.
وغير البورجوازيون سنة 1793 من كمية الاستهلاك لكي لا تشابه الطبقات المجتمعية الأدنى منهم، حيث حددوا وزن “الباكيت” في 300 غرام وطولها في 40 سنتيمتر.
لتتغير الآن ويصبح الباكيت الفرنسي الحالي بطول 80 سنتيمتر و250 غراما في الوزن. وهو ما وثقته اليونيسكو مؤخرا.
كما يستهلك المواطنون الفرنسيون من 6 حتى 10 ميليلرات من الباكيط الأبيض، ليصل معدل الإنتاج في الدقيقة الواحدة لـ320 باكيطة.
باكيت الإيليزييه
في كل عام في فرنسا، يتم تنظيم مسابقة تخص تحضير “الباكيت الفرنسي”، والرابح فيها يحظى يتحضير “الباكيت” للإليزيه طيلة عام، وهي المسابقة التي فاز بها الكثير من الخبازين الفرنسيين من أصول عربية.
فرغم بساطة المكونات المحدودة في الدقيق والماء والملح والخميرة، إلا أن للأنامل دورا خاصا في تحضير الخبز وإنجاح الوصفة.
وقد قال الرئيس الفرنسي “ماكرون” سابقا، إن الخبز الفرنسي “الباكيت” الذهبي المقرمش من الخارج والهش من الداخل “محط حسد العالم”، لهذا سعت فرنسا في ضمه وتوثيقه كثرات خاص بالفرنسيين، نظرا لتخصص الإيطاليين أيضا في المخبوزات عالميا.
ويرتبط تناول “الباكيت” الفاخر بترف صاحبه إذ تحرص الأسر الفرنسية الغنية على تناول الباكيت المقرمش مصحوبا بالبيض المطهي لمدة لا تتجاوز الـ9 دقائق، مصحوبا بالقهوة والحليب سيرا على خطى الإليزيه الفرنسية.
ويحرص الفرنسيون بمختلف طبقاتهم، على إعداد الباكيت في جل المناسبات وإرفاقه مع العديد من المأكولات الفرنسية، حتى إن المقبلات الفرنسية في المطاعم تعتمد على إرفاق الباكيت مع منسمات أخرى تتماشى مع المأدبات والشراب الفاخر، لتبقى كسرة خبز الباكيط عنوان المائدة الفرنسية بامتياز، سواء المتواضعة منها أو تلك البورجوازية العريقة.
تعليقات( 0 )