تستمر جبهة البوليساريو الانفصالية في تصعيد حركاتها المزعزعة للاستقرار من خلال إصدار تهديدات عسكرية مباشرة ضد موريتانيا بسبب خطط البلد فتح معبر تجاري جديد مع المغرب.
وتشير خطوة المجموعة الانفصالية إلى استيائها وإحباطها من عزم الدولة المغربية الجديد على مواصلة تعزيز شراكتها الاقتصادية الاستراتيجية مع جارتها الجنوبية.
وفي تصريحات نشرها ناشطون بمنصات التواصل الإجتماعي موالون للانفصاليين، هدد القيادي في البوليساريو، بشير مصطفى سيد، بجر نواكشوط إلى صراع مسلح، قائلا إن المعبر الجديد سيحول “حدود الصحراء إلى حدود مغربية” و”سيجر موريتانيا إلى حرب بين الإخوة”.
وتأتي هذه التهديدات العدائية في وقت يقترب فيه المغرب من الانتهاء من مشروع طريق استراتيجي بطول 53 كيلومترا أطلقته القوات المسلحة الملكية في فبراير 2024، والذي يربط مدينة السمارة بالحدود الموريتانية.
ويهدف المشروع، الذي دخل مراحله النهائية، إلى إنشاء معبر تجاري جديد لتعزيز التدفقات التجارية بين البلدين.
وجاء هذا التطور الأخير بعد ما وُصف بأنه “اجتماع تاريخي” بين الملك محمد السادس والرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني في الدار البيضاء، والذي يمثل أول زيارة للغزواني إلى المغرب منذ توليه منصبه قبل خمس سنوات ونصف.
وأدى الاجتماع إلى إطلاق عدة مبادرات للتعاون الاستراتيجي، بما في ذلك اتفاقيات بشأن ربط الشبكات الكهربائية وبنية الإنترنت عالية السرعة.
وسيوفر ربط الشبكة الكهربائية لموريتانيا وصولا استراتيجيا إلى إمدادات الكهرباء من المغرب والاتحاد الأوروبي، مما يوفر بديلا حاسما في ظل تصاعد التوترات في غرب إفريقيا التي تهدد توليد الطاقة من منشآت حوض نهر السنغال.
ويشير مراقبون إقليميون إلى أن الموقف العدواني للبوليساريو يعكس عزلتها المتزايدة ويأسها في ظل استمرار المغرب في تعزيز تكامله الاقتصادي مع الدول المجاورة.
وقد وجهت المجموعة الانفصالية تهديدات مماثلة في دجنبر 2019، عندما حاول زعيم البوليساريو إبراهيم غالي ترهيب المسؤولين الموريتانيين من خلال تحذير بلادهم من أنها “ستكون الأولى التي تتأثر بأي توتر بين المغرب والبوليساريو”.
ويمثل المعبر التجاري الجديد توسعا للوجود الاستراتيجي المغربي في المنطقة بعد نجاح عملية الكركرات في نونبر 2020، التي أمنت المناطق الحدودية بموافقة موريتانية وأوقفت أنشطة البوليساريو المزعزعة للاستقرار عند المعبر الحدودي.
ومن المتوقع أن يعزز المشروع بشكل كبير الاتصال التجاري الإقليمي ويقوي العلاقات الاقتصادية بين المغرب وموريتانيا، على الرغم من محاولات البوليساريو تخريب الشراكة المتنامية.
ويتوافق هذا التطور الاستراتيجي مع التحول في الأولويات الاقتصادية الموريتانية، حيث أصبحت نواكشوط تنظر إلى المغرب على أنه شريك تجاري لا غنى عنه في ظل تزايد عدم الاستقرار في منطقة الساحل.
ويؤكد المحللون أن نواكشوط نجحت في تحقيق التوازن بين حيادها السياسي في قضية الصحراء والمشاركة الفعالة في المبادرات الاقتصادية مع المغرب، بما في ذلك المشاركة في مشروع خط أنابيب الغاز نيجيريا-المغرب ومخططات التنمية الساحلية الإفريقية الأوسع.
وأصبح هذا الأمر أكثر وضوحا مع ابتعاد نواكشوط عن الجزائر، التي أدت تحركاتها العسكرية الأخيرة العدوانية في الأراضي الموريتانية ونمطها التاريخي من التدخل الإقليمي عبر وكيلها جبهة البوليساريو إلى توتر العلاقات.
وتشير التطورات الأخيرة أيضا إلى تعزيز الوجود العسكري الموريتاني في منطقة “بير مغرين” في شمال غرب البلاد، والتي كانت سابقا عرضة لاختراقات مسلحي البوليساريو، مما يظهر التزام نواكشوط بتأمين أراضيها السيادية ضد التخريب الانفصالي.
ويتزامن هذا التعزيز الأمني مع تزايد مخاوف موريتانيا من وجود مرتزقة مجموعة فاغنر الروسية على حدودها مع مالي، حيث أدت حوادث اختطاف المدنيين واقتحام القرى إلى توتر العلاقات مع الحكومة العسكرية في باماكو.