انتقد حزب العدالة والتنمية ما وصفه ب”الإصرار على إضفاء الطابع الإجباري” في العديد من المقترحات المقدمة ارتباطا بتعديل نص “مدونة الأسرة”، خاصة على ما كان في السابق متروكا لسلطان الإرادة.
كما أعرب الحزب في مذكرته حول المقترحات المعلنة لمراجعة مدونة الأسرة، عن امتعاضه من “إقحام القانون في كل تفاصيل الأسرة”، مردفا أن الأمر يتعلق بفضاء له خصوصية وحميمية ينبغي احترامها وعدم الاعتداء عليها بمنطق تقنين كل التفاصيل.
وأعطت مذكرة “البيجيدي” المثال بمقترح تدبير الأموال المكتسبة خلال فترة الزوجية، وإجبارية استطلاع رأي الزوجة أثناء توثيق عقد الزواج حول اشتراطها عدم التزوج عليها، من عدمه، موَضِّحة أنه وفي كلتا الحالتين يوجد في المدونة الحالية ما يسمح بمعالجتهما دون الحاجة إلى الإجبار والتقنين وتجاوز الفضاء الخاص للزوجية.
واعتبر حزب “المصباح” أن بعض مقترحات هذه المراجعة، تفرض قيودا جديدة وتحدث “إشكاليات” من شأنها أن تعقد تطبيقها قضائيا أكثر من السابق، مشيرا إلى “تقييم عمل الزوجة داخل المنزل”، و”الديون المشتركة”، وإيقاف بيت الزوجية والنيابة القانونية المشتركة وغيرها..”.
وذَكَّر “البيجيدي” في هذا السياق بما نبه إليه بلاغ الديوان الملكي على إثر جلسة العمل حيث أكد على النظر إلى مضامين المراجعة في تكامليتها وأنها لا تنتصر لفئة دون أخرى، بل تهم الأسرة المغربية التي تشكل “الخلية الأساسية للمجتمع”.
كما أشار الحزب، ضمن ملاحظاته حول التعديلات المقدمة، أنها لم تراع مصلحة كل الأطراف المكونة للأسرة والتوازن المطلوب بينهما، ولم تقتصر على المقتضيات المعنية بالإصلاح، مذكرا هذه المرة بالخطاب الملكي لعيد العرش لسنة 2022، وبمضامين الملكية لرئيس الحكومة.
وكان قد أكد نص الخطاب الملكي، على ضرورة “تجاوز الاختلالات والسلبيات، التي أبانت عنها التجربة ومراجعة بعض البنود، التي تم الانحراف بها عن أهدافها”.
من جهتها نصت الرسالة الملكية على أن “التأهيل المنشود (للمدونة) يجب أن يقتصر على إصلاح الاختلالات التي أظهرها تطبيقها القضائي على مدى عشرين سنة، وعلى تعديل المقتضيات التي أصبحت متجاوزة بفعل تطور المجتمع المغربي والقوانين الوطنية”.
ومن حيث الحرص على مراعاة مصلحة كل مكونات الأسرة والتوازن بينها، نص الخطاب الملكي على أن “مدونة الأسرة، ليست خاصة بالمرأة، وإنما هي مدونة للأسرة كلها، فالمدونة تقوم على التوازن، لأنها تعطي للمرأة حقوقها وللرجل حقوقه وتراعي مصلحة الأطفال”.
وفي سياق وقوفه على بعض مقترحات تعديل مدونة الأسرة والتفصيل فيها، يرى حزب “المصباح” في المذكرة الصادرة عنه، أن إيقاف سكن الزوجية عن دخوله في التركة، يطرح إشكالا كبيرا ولا ينصف باقي الورثة نساء ورجالا.
واعتبر أن هذا الإجراء سينجم عنه “إخلال بالحقوق المرتبطة بالإرث وانتهاك لحقوق الورثة الآخرين”، لاسيما حينما يكون هذا السكن هو التركة الوحيدة للهالك وذو قيمة كبيرة.
وطالب حزب العدالة والتنمية، بالتركيز على معالجة حالة التعصيب في الشق المتعلق بالسكن الرئيسي وفي حدود معينة من حيث القيمة، مشددا على عدم اللجوء إلى إيقاف دخول “بيت الزوجية” في التركة ولاسيما إذا كانت قيمته كبيرة وتفي بغرض حصول الزوجة أو الزوج على سكن لائق بهم.
ونبَّه ذات الحزب، إلى أن التأطير الجديد لتدبير الأموال المكتسبة أثناء العلاقة الزوجية لا حاجة حقيقية له ولا مصلحة ولا فائدة ترجى منه.
وتابع أن هذا التأطير الجديد الذي يتفرع عنه تثمين عمل الزوجة داخل المنزل واعتباره مساهمة في تنمية الأموال المكتسبة خلال قيام العلاقة الزوجية، وجعل ديون الزوجين الناشئة عن وحدة الذمة على بعضهما ديونا مقدمة على غيرها بمقتضى الاشتراك الذي بينهما، قد يحول، فضاء الأسرة القائم على التراحم والتعاون إلى فضاء للحسابات والنزاعات.
وتساءل “البيجيدي” في مذكرته، حول الحكمة من تجاوز الطابع الاختياري الموجود حاليا والسعي إلى منطق الإجبار رغم أن الأمر يتعلق بإرادة بالغين، وحول المصلحة من حرمان الأطراف من الاحتفاظ باستقلالية الذمة المالية وهو الأساس في القانون المغربي.
وذكر في هذا الباب بأن القواعد العامة للإثبات في القانون المدني تظل مرجعا تابثا عند الاختلاف، ثم تأتي بعدها “الاتفاقات الموثقة” بناءا على الإرادة الحرة للزوجين لتدبير الأموال المكتسبة ومعها الديون الناشئة عن اتفاق كلي أو جزئي يهم وحدة الذمة المالية .