كشفت صحيفة التايمز أن الاتحاد الأوروبي يعتزم تغيير اتفاقية اللاجئين، التي التزمت بها الدول الأعضاء بعد الحرب العالمية الثانية، والتي تمنعها من رفض طالبي اللجوء والمهاجرين على حدودها.
وذكرت صحيفة “التايمز” البريطانية، أن هذه الخطوة تأتي في ظل اقتناع عدد من الدول الأوروبية بأن اتفاقية اللاجئين لسنة 1951، التي تم اعتمادها عقب الحرب العالمية الثانية، والتي دعمتها بعد ذلك قرارات المحاكم الأوروبية، لم تعد ملائمة للواقع الحالي.
وأضافت الصحيفة أن الاتفاقية، التي وقعتها 144 دولة، تنص على مجموعة من المبادئ والالتزامات القانونية، أبرزها مبدأ عدم الترحيل القسري، الذي يحظر إعادة طالبي اللجوء إلى دول قد يواجهون فيها الاضطهاد أو تهديد خطير على حياتهم أو حريتهم.
وواصلت أن هذا المبدأ أصبح موضع جدل كبير، لاسيما في ظل الصعوبات التي تواجهها هذه الدول الأوروبية في التعامل مع الأعداد الكبيرة من طلبات اللجوء، إضافة إلى التحديات المرتبطة بترحيل المهاجرين الذين تم رفض طلباتهم.
وبحسب وثيقة دبلوماسية، اطلعت عليها صحيفة التايمز، فإن هذه المبادئ تم وضعها بعد الحرب العالمية الثانية، في ظل ظروف جيوسياسية مختلفة تماما عن الظروف التي يواجهها العالم اليوم، مبرزة أن الحكومات الأوروبية تشعر بالقلق من أن القيود المفروضة على حق اللجوء لا تُطبَّق إلا في “حالات استثنائية”.
ودعت الوثيقة إلى إعادة النظر في القوانين الحالية، مشيرة إلى أن غياب بدائل لاستقبال طلبات اللجوء، إلى جانب الالتزام الصارم بمبدأ عدم الترحيل القسري، يتطلب نقاشا عميقا من أجل التوصل إلى حلول جديدة.
وأردفت الصحيفة أن بولندا هي من أعدت الوثيقة التي نوقشت خلال اجتماع وزراء الداخلية الأوروبيين، الأسبوع الماضي، وذلك من أجل الاستعداد لتقديم مقترحات جديدة في الربيع المقبل، تهدف إلى تسريع ترحيل المهاجرين الذين رفضت طلباتهم، بالإضافة إلى المتورطين في الجرائم.
وأشارت “التايمز” إلى أن الحكومات الأوروبية تأمل أن تساهم هذه الإجراءات في إطلاق نقاش دولي واسع، قد يمهد الطريق أمام إدخال تعديلات قانونية على اتفاقية اللاجئين، بمشاركة دول مثل بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية.
ولفت المصدر ذاته إلى أن الوثيقة المذكورة، حذرت من الضغط الكبير على قدرة المجتمعات الأوروبية على استيعاب أعداد كبيرة من المهاجرين، لا سيما في ظل عدم اندماج بعض المهاجرين في المجتمعات الجديدة، وتشكيلهم لمجتمعات موازية تحمل قيما مختلفة عن القيم الأوروبية.
وتشكل اتفاقية اللاجئين، التي يعتزم الاتحاد الأوروبي تغييرها، عائقا رئيسيا يحول دون تنفيذ خطة إنشاء مراكز استقبال المهاجرين واللاجئين خارج الاتحاد الأوروبي، حيث يمكن إرسال طالبي اللجوء إليها في انتظار البث في طلباتهم.
وتواجه هذه الخطة تحديات قانونية، كما هو الشأن في إيطاليا، حيث أفسدت محاكم روما للمرة الثالثة خطط حكومة جورجيا ميلوني، الرامية إلى نقل المهاجرين إلى ألبانيا، معتبرة إياها انتهاكا صارخا لحق اللجوء المنصوص عليه في الاتفاقية.
وأبدى مفوض الشؤون الداخلية في الاتحاد الأوروبي، النمساوي ماغنوس برونر، استغرابه من عدم قدرة الدول الأعضاء على ترحيل المهاجرين واللاجئين الذين ارتكبوا أفعالا إجرامية، إذ قال خلال الاجتماع المنعقد في وارسو، الأسبوع الماضي: “لا أحد يفهم لماذا لا يتم ترحيل من لا يحق لهم البقاء”.
وخلصت صحيفة “التايمز” إلى التأكيد على أنه يجري حاليا الإعداد لسياسات أكثر صرامة، تشمل تسهيل إجراءات ترحيل المهاجرين غير المقبولين والمجرمين، إضافة إلى إنشاء مراكز احتجاز خارج الأراضي الأوروبية، وذلك رغم التحديات القانونية التي قد تواجهها هذه الإجراءات.