بقلم: شيماء عباد
ارتدى نزار بركة يوم السبت المنصرم رداء المعارض الشرس وهو يخاطب مستوردي الأغنام، قائلا “اتقوا الله في المغاربة”.
المستوردون أنفسهم الذين دعمتهم الحكومة التي يقودها حزبه إلى جانب حزبي “الحمامة” و”الجرار”، دون أن تقوم بالإجراءات الكافية لمراقبة “المال العام” وهل انعكس الاستيراد على أثمنة بيع “الأضاحي” و”اللحوم” بالإيجاب.
إن نزار بركة الذي يضع قناع المناضل الحزبي في “الويكاند” في مقابل التنصل من صفة المسؤول الحكومي، لا يعترف بعجز حكومته أمام إيجاد حل فعال لتراجع القطيع الوطني وفشل خطة “الاستيراد” وحسب، بل يظهر للعموم أن “التحالف حدو الانتخابات”.
فأن يوّجه واحد من أعضاء التحالف الحكومي النقد اللاذع لحكومته معناه أن الهاجس الانتخابي قد تجاوز “ميثاق الأغلبية”، وأن هوس استمالة أصوات الناخبين أهم من الحفاظ على التحالف الحكومي والتحمل المشترك للمسؤولية المترتبة عنه.
قبل بركة خرج أوجار الذي ينتمي للحزب الذي يملك أكبر عدد من الأسهم بالحكومة، بلغة رجال الأعمال الذين يحملون بارتياح الحقائب الوزارية كما يحملون صفقات شركاتهم الخاصة، خرج لينتقد قطاع الإسكان الذي تديره وزيرة الإسكان فاطمة الزهراء المنصوري، وعضو القيادة الجماعية لحزب الأصالة والمعاصرة.
وبعد أن استأنف أوجار، باب التراشقات السياسية، جاء رد بنسعيد، الذي قال في لقاء نظمته مؤسسة الفقيه التطواني، وهو محاط بحضور وازن لأبناء شبيبته ووزراء حزبه، “خليونا ولاد الناس”، و”فاش كيقلبو علينا كيلقاونا”، في سياق الحديث عن الوضع الصحي للتحالف الحكومي وتصريحات زملائه في أحزاب الأغلبية، ليظهر أن “التراكتور” يمكن أن يصطدم بحلفائه متى ما رأى ذلك مناسبا.
ثم بعد هذا يأتي اجتماع الأغلبية، الذي خرجت فيه الأحزاب الثلاث ببلاغ تفند فيه أنباء التصدع الحكومي، لتظهر للشامتين أن قيادات الأحزاب الثلاث “كالسمن على العسل”.
الأحزاب الثلاث التي يبدو أنها تناست أن مدة الانتخابات خمس سنوات من العمل دون “كونجي” أو “استقالة” عاطفية عن الالتزام بقضايا الشأن العام، فأخذت تحضر لانتخابات قبل أوانها، حتى أن هناك من أطلق اسما على الحكومة القادمة فسماها “البام” بحكومة المونديال، وأعلن عن رغبته في قيادتها، غير مستحضرٍ للمثل الشعبي “حتى يزيد ونسميوه سعيد”.
وبدل الانكباب على تحضير إجابات مقنعة عن ارتفاع أثمنة ما في الأرض والسماء وما بينهما، وارتفاع نسبة البطالة وانخفاض معدل الشغل والخصوبة والزواج، وتبرير عدد البرلمانيين المتابعين في قضايا أخفها المخدرات وتبييض الأموال.. الخ، أصبحت القيادات التي ننتظر “بركتها” تخوض في نقاشات لا تعني المواطن في شيء بل تزيد الغاضب منه غضبا، واليائس يأسا، والمتشائم تشائما.
فهل يريد قادة الأغلبية عندما يتحدثون عن قصر نظر الحكومة، أن يوصلو للمغاربة أن هناك جهات أخرى مسؤولة عن الوضع الاجتماعي والاقتصادي للمواطن المغربي؟ كما كان يرجع بنكيران تعثر حكومته إلى “العفاريت والتماسيح”؟.
وإذا سلَّمنا بفكرة أن الأحزاب وُجِدوا للعب أدوار الوساطة بين المواطن والمؤسسة الملكية، فهل تريد أحزاب الأغلبية التملص من مسؤولياتها الحكومية وتحويل مركز المساءلة من “الحكومة” إلى “الملك”؟.
لا يمكن التسليم بما سبق لكن الذي لا شك فيه أن “التحالف حدو الانتخابات”.