كشف المخرج المغربي هشام الجباري، أن نجاح الحلقة الأولى من مسلسل “مسك الليل“، يعود إلى خروجه عن النمطية ونهله من “تمغربيت”، مبرزا أن قصته “تخيلية” بينما تجري أحداثه في فترة “حقيقية”، مؤكدا أن الأعمال التاريخية تنطوي على مجموعة من التحديات، التي يمكن تجاوزها بفريق عمل جيد.
وتقاسم المخرج هشام الجباري في حوار أجراه معه موقع “سفيركم” الإلكتروني، تفاصيل من مسلسل “مسك الليل”، والتحديات التي واجهته أثناء الاشتغال على هذا العمل، إضافة إلى الأهمية التي تكتسبها الملابس والأكسسوارات والديكور في هذا النوع من الأعمال، إلى جانب حرصه على تقديم قصص جميلة تصلح للمشاهدة العائلية، وكذا جديده الفني.
وهذا نص الحوار:
كيف كان الاشتغال في مسلسل “مسك الليل”؟
“مسك الليل” هو عمل تاريخي، يتكون من أربع حلقات، مدة كل واحدة منها ساعة، يُبث كل أحد طيلة شهر رمضان، وهذا العمل الثالث في قائمة أعمالي التاريخية، بعد “زهر الباتول” مع المؤلفة مريم الدريسي، و”أسرار الليل” الذي تعاون على كتابة السيناريو الخاص به كل من أحمد مدفاعي وتوفيق حماني، أما مسلسل “مسك الليل” فقد جددت فيه التعاون مع كاتبة السيناريو؛ مريم الدريسي، إلى جانب فريق عمل مميز، يضم حنان الخضر، وسعد موفق، ومهدي فلان، وأيوب أبو النصر، وفاتي جمالي، وغيثة بنحيون، وفاطمة بوجو، ومحمد متوكل، وفريال الزياري، ومحمد باجيو وغيرهم.
ما الذي يميز مسلسل “مسك الليل” عن أعمالك التاريخية الأخرى ؟
ما يميز هذا العمل أنه مصور في مدينة سلا، التي عشت فيها لمدة طويلة، والتي أشتغل فيها للمرة الأولى، على اعتبار أنها متشبعة بعبق التاريخ، الذي تتحسسه وأنت تتجول بين أزقتها ودروبها، إلى جانب اشتغالنا على تيمة مختلفة جدا لتعريف الشباب بتاريخ سلا وقوتها، رغم قلة الإمكانيات، كما أن “مسك الليل” عبارة عن قصة تخيلية ورومانسية تخللتها أحداث متشابكة، شدت الجمهور إلى العمل، فحقق بذلك ما حققه من نجاح منذ عرض حلقته الأولى.
وما هي التحديات التي واجهتموها في هذا العمل التاريخي؟
التحديات التي واجهتها في هذا العمل هي نفس التحديات التي أواجهها في أي عمل تاريخي، فالاشتغال على الأعمال التاريخية دون استوديو كبير يضم الديكور المناسب صعب، كما أن التصوير في المدينة وأزقتها متعب بسبب وجود مجموعة من العناصر الحديثة التي لا علاقة لها بالتاريخ (مثل السيارات والأسلاك وغيرها)، ما يتطلب مضاعفة جهد العمل والانتباه الدقيق للتفاصيل، ناهيك عن محدودية الإمكانيات التي دفعتنا إلى حصر المسلسل في أربع حلقات فقط، ما يعيق إمكانية التوسع في القصة وأحداثها.
هل عكس المسلسل الفترة التاريخية التي تجري فيها الأحداث؟
بصدق، من الصعب أن يكون المسلسل نسخة طبق الأصل للفترة التي تجري فيها أحداثه، لأن هذه العملية تتطلب بحثا كبيرا وعميقا وإمكانيات مهمة جدا، ونحن ما زلنا في بداية التأسيس لهذا الفن في القنوات المغربية، ونتمنى التوفيق من الله للاشتغال في المستقبل على أعمال تنهل من التاريخ، وتقدم للمشاهد معلومات من فترة تاريخية معينة، لا سيما وأن التاريخ المغربي يزخر بقصص فريدة تستحق أن تُحكى وتكون مادة بصرية في التلفزيون أو السينما.
هل يمكن اعتبار المسلسل تأريخا بصريا لمرحلة من تاريخ مدينة سلا؟
قصة الحب الثلاثية بين “مولاي اليزيد” و”الغالية” ثم “مولاي عمران” تخيلية، أي من وحي خيال المؤلفة، لكن الفترة التي تجري فيها أحداث السلسلة حقيقية، إذ تعود إلى القرن 17، وهي المرحلة التي شهدت فيها مدينة سلا ظهور القراصنة، الذين كان صيتهم مسموعا آنذاك، لدرجة أنهم كانوا يشكلون تهديدا على الأوروبيين، وفق ما ذكرته مصادر تاريخية، وبصفة عامة حاولنا في هذا العمل تقديم فترات تاريخية مرفوقة بقصص تخيلية.
كيف كانت عملية اختيار الملابس والأكسسوارات التقليدية والديكور في المسلسل لتعكس بدقة تلك المرحلة التاريخية؟
إن الأكسسوارات والملابس والديكور هي أهم عنصر في الأعمال التاريخية التخيلية بعد السيناريو، وساعد الطاقم كثيرا في اختيار هذه العناصر، حيث حرصت مريم الدريسي على الوقوف على تفاصيل الجانب الفني للمسلسل، بمساعدة مصممة الملابس ليلى أومامي، ومسؤول الديكور مولاي علي العلوي، إلى جانب إدريس أوجيل في الأكسسوار.
قربنا من مراحل اشتغالكم على هذه العناصر الثلاثة في “مسك الليل”؟
في البداية بحثنا في مجموعة من المراجع وعقدنا لقاءات مع عدد من الباحثين، وأجمل ما في الأمر أننا زرنا متحف الأوداية، الذي يهتم بالزي والأكسسوارات والملابس التي تعكس القرن الـ17، ولمسنا عن قرب جوانب مختلفة من طبيعة الحياة آنذاك، من خلال الملابس والأدوات المستخدمة في المطبخ والحمام وغيرها، وأشكر كثيرا وزارة الشباب والثقافة والتواصل لأنها حافظت على الموروث المغربي من تلك المرحلة، ما ساعدنا كثيرا في مسلسل “مسك الليل”، ما أتاح لنا إمكانية ارتداء فاتي جمالي وفريال الزياري لنسخ طبق الأصل من الملابس التي شاهدناها في المتحف في المسلسل.
ما هو سر نجاح الحلقة الأولى من مسلسل “مسك الليل”؟
أظن أن نجاح هذا المسلسل، يعود إلى تعطش المشاهد المغربي لمشاهدة هذا النوع من الأعمال، ورؤية الممثلين في حلة أخرى مختلفة عن تلك التي اعتادوهم عليها، فالناس يميلون إلى الخروج عن النمطية ومشاهدة حكايات جديدة من حقب تاريخية مختلفة، بملابس متفردة، وديكور وموسيقى متميزين، تعكس ثقافته وبلده ولغته وتمغربيت الخالصة، وأظن أن امتزاج كل هذه العوامل جعل الناس تنتبه لهذا العمل وتهتم به ما جعله يحقق نسب مشاهدة جد عالية.
هل سبب اهتمام الجمهور بـ”مسك الليل” يفسر بحب المشاهد المغربي للأعمال التاريخية، أم بسبب قصة المسلسل المختلفة، أم أن الأمر يرجع إلى أنه يصلح للمشاهدة العائلية؟
أعتقد أن السبب يجمع كل هذه العوامل، من قصة وشخصيات مختلفة، وإبداع مبتكر ثم شخصيات خارجة عن المألوف، وكذا كونه صالح للمشاهدة العائلية، خاصة في شهر رمضان الذي تطبعه اللمة العائلية، ناهيك عن برمجته في موعد مناسب جدا يعقب صلاة التراويح، حيث تعرضه القناة الثانية على الساعة 21:30، كما أحرص في هذا الشهر على تقديم أعمال تناسب المشاهدة العائلية، لأنه الشهر الوحيد الذي تجتمع فيه الأسر في ظل وثيرة الحياة المسرعة.
ما الذي تفضل أكثر هل المسلسلات الواقعية أم التاريخية؟ولماذا؟
أفضل القصص الجميلة سواء كانت تاريخية أو واقعية، إذ يكفي فقط أن تكون القصة قوية، لكنني أحن دائما إلى المسلسلات التاريخية، فبعد اشتغالي في سنة 2019 على “زهر الباتول”، شدني الشوق إليها من جديد فاشتغلت على “أسرار الليل” في سنة 2022، وعدت اليوم بـ”مسك الليل”، وهذا النوع من المسلسلات أكن له مكانة خاصة. وعلى الرغم الصعوبات المرتبطة به، التي قد تصل أحيانا حد الندم، لكن مع مرور الوقت واكتساب الخبرة والتجربة، وتشكيل طاقم يدرك حيثيات هذه الأعمال، يصبح الاشتغال بإبداع أمرا سهلا. بينما تبقى المسلسلات الدرامية الواقعية فضاءا خصبا لطرح مواضيع قوية تناسب المجتمع المغربي، وبصفة عامة لكل عمل لمسته الخاصة وأثره ومواطن تفرده.
إلى جانب “مسك الليل”، ما هو جديدك الفني؟
من بين أعمالي الفنية الجديدة، مسلسل “على غفلة” الدرامي، الذي سيبث على القناة الأولى في منتصف هذا الشهر الكريم، إذ يضم نخبة من الممثلين ويعالج مواضيع تهم المجتمع المغربي سواء تعلق الأمر بالجانب الأسري أو المهني، إلى جانب شريطين تلفزيونيين ما يزالان في طور المونتاج، بالإضافة إلى فيلم “مزال الحال”، الذي سيبث على القناة الثانية، المفعم بالروحانيات حيث صور في مولاي ادريس زرهون، وكذا “شاعلة” المندرج في إطار الأعمال الكوميدية التشويقية، ثم الشريط التلفزي “فرصة ثانية”، الذي سيبث الجمعة المقبل على القناة الأولى، للسيناريست بسمة الهجري، من إخراجي وإنتاجي، وبطولة فاطمة الزهراء لحرش والزبير هلال.
صور من كواليس المسلسل:











