قال الممثل المغربي محمد الخياري أنه على الرغم من أن “البشير” الذي يجسد دوره في مسلسل “الدم المشروك“، الذي يعرض على القناة الثانية، رجل “يسبح في نهر الشر”، إلا أنه جاد عليه بحب الجمهور المغربي، مؤكدا أن الدراما ليست جديدة عليه، حيث أن أول عمل فني شارك فيه كان دراميا، مبرزا أن حنينها شده إليه من جديد.
وأوضح الفنان المغربي محمد الخياري في هذا الحوار الذي أجراه معه موقع “سفيركم”، أنه ابن الدراما لكنه اختار طريق الكوميديا، مشيدا بطاقم مسلسل “الدم المشروك”، كما تقاسم في الحوار التحديات التي واجهته، وكذا القضايا والرسائل التي يعالجها هذا العمل، وموقفه من موجة الانتقادات التي صاحبت عرض المسلسل، وتقييمه لمسار تطور الدراما المغربية، مشيرا إلى مشاريعه الفنية الجديدة.
وهذا نص الحوار الذي أجراه الموقع مع محمد الخياري:
قربنا من دورك في مسلسل “الدم المشروك”؟ وما هي الإضافة التي يمثلها هذا الدور لمسارك الفني؟
أجسد في مسلسل “الدم المشروك” دور “البشير”، ابن المنطقة، ينتمي إلى نفس “الدوار” الذي تنحدر منه باقي الشخصيات، هو إنسان شرير كان يعشق المرحومة “خيرة” لدرجة جنونية، وعلى الرغم من مرور سنوات، لم يستطع أن يتقبل فكرة تزويجها في سن صغيرة من رجل طاعن في السن فقط لأنه غني، وبقي طيلة هذه السنوات يحمل هذا الغيظ، كما أن تركيبته الشخصية تجعله إنسانا يعشق السباحة في نهر الشر، وبعد مرور أزيد من النصف من شهر رمضان أظن أن الجمهور قد كون بالفعل فكرة حول شخصية البشير، الذي قد يعتبره البعض شريرا وقويا ومتجبرا، لكنني أجده شخصيا إنسانا لطيفا ومحسنا، لأنه حتى لو أخذ للناس أملاكهم ومواشيهم، إلا أنه جاد علي بحب الناس، وعاد بي إلى أوج عطائي حين كان شعري أسودا، وجعلني أجتهد وأحب هذه المهنة أكثر فأكثر، ودفعني إلى الإبداع في الدراما التي لست غريبا عنها، فأنا ابن الدراما وبدأت بها ثم نشأت فيها، وأول فيلم شاركت فيه كان دراميا، مع العظيم والرائع حكيم النوري، في “المطرقة والسندان” سنة 1989، لكنني اخترت فيما بعد السير في طريق الكوميديا، فبصمت فيها على مسيرة دامت لمدة 45 سنة، وأتمنى أن أنجح في الدراما وفي هذا الحنين الذي شدني إليها مؤخرا، لا سيما وأنني أعتبرها “دار الوالدين” والكوميديا هي منزلي، لكنني لست عاقا، فيجب أن أعود بين الفينة والأخرى لمنزل الوالدين .
كيف كان الاشتغال إلى جانب طاقم العمل خاصة وأنه يضم نخبة من الممثلين الشباب والرواد؟
بصدق، كان الاشتغال إلى جانب الشباب و”جيل القنطرة”، داخل جو أخوي جميل، وكنا نقضي أيام التصوير وكأننا بنزهة في الطبيعة، حيث كنا كل يوم ننتظر اليوم الموالي للقاء بعضنا البعض من جديد، لأن الشباب الذين انضموا إلى الطاقم تم اختيارهم بعناية حيث كانوا يشبهوننا في جنوننا، إذ أن الفنان إنسان مبدع بصفة عامة، لكنه كشخص له طقوس معينة قد تختلف من شخص لآخر سواء في حالته المزاجية، أو الأشياء التي يحبها وحتى تمتعه بحس الفكاهة، لكن الحمد لله كانت جميع الوجوه الشابة في “الدم المشروك” وبدون استثناء، في المستوى.
من هم الأشخاص الذين تريد أن تتوجه إليهم بالشكر؟
من هذا المنبر أحيي في البداية الشركة المنتجة في شخص السيد معاذ الغاندي ومحمد الجامعي حمودة على الثقة التي وضعوها في، لأنه ما يزال إلى حدود الآن لم يستطع أي منتج أن يغامر بي، كما يقول مسناوة: “راهنت عليك يا ولفي فعود مهزوم ما يهمني خسران”، فهم راهنوا علي والحمد لله لم يخسروا، وأشكر أيضا الشاب الواعد والجميل أيوب الهنود، وإذا كان “الهنود” بمفهومهم التقليدي، ملايين نسمة من المبدعين الذين انتجوا لنا أفلاما ما تزال تحتفظ بها ذاكرتنا منذ طفولتنا، فإنهم اجتمعوا في المغرب في شخص واحد يدعى “أيوب الهنود”، فالذي يميز الموسيقى الهندية عن أغاني أخرى هي العاطفة والإحساس، وأيوب إنسان يتميز بأنامل مبدعة تصدح بالعاطفة ونظرات مليئة بالحنية، وكذا قابلية كبيرة للتعلم وسبر أغوار عوالم جديدة، كما أنه ليس ممن يأبه لكل ما هو مادي، وأحييه من هذا المنبر إلى جانب جميع المخرجين سواء الشباب أو الرواد وجيل القنطرة، وكل من ساهم في هذا الإبداع بصفة عامة، وأحيي أيضا “الكوتش” العربي أجبار، الذي كان قاسيا معي، ولم أكن أعرف سبب قسوته سوى حين بدأ عرض المسلسل، وكذا المؤلف أيوب الأسمعي ابن هرم التأليف المسلسلاتي “علي الأسمعي”، وصاحبة الفكرة السيدة الإسماعيلي، إلى جانب الجمهور المغربي، وأرضية الملعب “القناة الثانية”، التي جمعتنا ببعض كمبدعين.
ما هي التحديات التي واجهتك خلال تجسيدك لدور “البشير”؟
التحديات التي واجهت في هذا الدور، كانت مع المدرب، العربي أجبار، حيث عانيت مع هذا الدور كثيرا، إذ ساعدني على تخطي أكبر مشكل في الدراما، وهو “Le Raccord”، الذي يعني التناسق البصري والزماني والمكاني بين اللقطات والمشاهد المختلفة أثناء التصوير، بهدف الحفاظ على انسجام المشاهد حتى لا يلاحظ المتفرج أي تناقض أو خطأ، كما أن الارتجال يخلق حساسية كبيرة في الدراما، ففي الكوميديا يمكننا أن نرتجل، لكن الارتجال في الدراما والتراجيديا مسموح به فقط في النظرات، التي يجب أن تتماشى مع سياق الموقف الذي يجمع بين البشير وابنه أومع رقية وبنات خيرة، وأحيي كل من ساعدني سواء الفنانة مريم الزعيمي، دنيا بوطازوت، عبد الله ديدان، أيوب أبو النصر، أيوب كريطع، ساندية تاج الدين، سعد موفق، يسرى بوحموش وغيرهم، لأنهم كانوا بمثابة مرآة بالنسبة لي، فحين أقف أمامهم قد أبدوا لهم شخصا، لكنهم كانوا انعكاسي، إذ كنت أقول أنه يجب أن أكون في مستوى إبداعهم، لذلك أشكرهم جميعا وأعتذر عن من نسيت اسمهم.
ماهي القضايا التي يعالجها المسلسل والرسائل التي يحاول إيصالها للمشاهد؟
مسلسل “الدم المشروك” يعالج المسكوت عنه، فالعديد من الأمور تحدث في الدنيا بأكملها وليس فقط في المغرب، مثل السرقة، الغدر، القتل، النهب، والتزوير، وفي أيام الرقابة الشديدة على التلفزيون، التي لن أسميها “أيام الرصاص” لأنني لست مناضلا سياسيا، بل فنيا، كان محظورا الحديث عن بعض المواضيع أو معالجتها في قالب فني، ما جعل الناس يعتادون على نمط معين، لكن في عهد الملك محمد السادس نصره الله، الذي تطبعه حرية التعبير والانفتاح على الرأي، أصبحنا نستحضر في المجال الفني “المسكوت عنه”، يعني نعالج مواضيع لم نكن نشاهدها من قبل، فعلى سبيل المثال، مسلسل “الجنين” الذي سلط الضوء على واقع الخردة في المغرب، لقي نجاحا كبيرا لأن الناس ليسوا معتادين على مثل هذه المواضيع، ونفس الأمر ينطبق على مسلسل “الدم المشروك”، الذي نقل للمشاهد كواليس عالم الجزارة كأرضية لرصد ظواهر مجتمعية عديدة، من قبيل الغدر، السطو على حق اليتيم، الترامي على ملك الغير، والظلم وغيرها من الأمور التي كنا نشاهدها بشكل سطحي في أعمال يكسوها طابع الحب، لكن “الدم المشروك” مرآة تعكس هذه الظواهر إلى جانب واقع بعض المتخلفين جدا.
هل تفضل أكثر الدراما أم الكوميديا؟
سؤالكِ ذكرني بأغنية فاطنة بنت الحسين “مرتي وصاحبتي وخاطر من ندير”، أنا بدأت الفن الاحترافي، دون احتساب دور الشباب والتمثيليات المدرسية، في سنة 1980 من خلال فرقة “البدوي”، وولجت عالم الدراما وأعجبني وارتحت له، لكن الكوميديا أعجبتني وارتقيت فيها، فيمكن أن أشبه الدراما بأمي التي أجود عليها، والكوميديا بزوجتي التي تجود علي لأنني قبلت أن أكمل حياتي معها.
ما هو تعليقك على الانتقادات التي تعرض لها المسلسل في هذا الموسم الرمضاني ؟
كل عمل يواجه النقد فهو ناجح، لأنه لا يمكن أن ينتقده المتلقي دون مشاهدته، فأظن أن الكمال لله، وأي عمل لا يمكن أن يحظى بمائة بالمائة من المعجبين أو المنتقدين، فمن الضروري أن تكون الأمور نسبية وهذا لا يؤثر، حيث أنه من الانتقاد ومن ملاحظات الصحفيين، نفهم أن العمل يحتوي على بعض مكامن الضعف، ولا أظن أن عملا من هذه الطينة، ومن إبداع السيناريست الأسمعي وإخراج أيوب الهنود، والسخاء الذي تم التفضل به على العمل، وكذا مجهودات الطاقم التقني الذي صوره في ظروف مناخية قاسية، وكذا الحرفية التي أبداها طاقم الممثلين، يمكن أن تنتج عملا ناقصا، وأشكر الجمهور الذي جعلنا نتصدر المرتبة الأولى في الطوندونس المغربي كأكثر الأعمال الرمضانية مشاهدة، مع العلم أن حقيقة أن نكون الأوائل في قلوب المغاربة أفضل لنا بكثير من تصدر الترند.
ما هو تقييمك لمسار تطور الدراما المغربية؟
الحمد لله الدراما في المغربية أصبحت جد متألقة وممتازة جدا، لأننا نتمتع بكتاب سيناريو متميزين، ومخرجين ومخرجات شباب، وتقنيين وكذا آذان صاغية في كل من وزارة الشباب والثقافة والتواصل، والتلفزيون ثم المركز السينمائي المغربي، الذين أدركوا أن الوقت قد حان للاجتهاد وإعادة هيكلة الميدان الفني، فالمصريين والأتراك ليسوا أفضل منا، فصحيح أننا كنا في فترة من الفترات نفتقر لجودة الصورة ووضوحها بسبب ضعف مجموعة من التقنيات من جهة، وقلة شركات الإنتاج من جهة أخرى، لكن بعد فتح المجال أمام المنتجين والمخرجين وشركات الإنتاج الخاصة الذين جلبوا أفضل التقنيات، أصبحنا الآن نتمتع بحودة عالية في الصورة وجودة في الموارد البشرية (الممثلين) إلى جانب وفرة الكاستينغ، وأشكر الدولة التي وضعت لنا مؤسسة مثل المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، التي تنتج لنا كل سنة أشبالا يمكن أن يدفعوا بالفن المغربي نحو الأمام، والحمد لله، بصفة عامة، يمكنني أن أقول أن الدراما المغربية بخير.
ما هو جديدك الفني؟
أحضر لعرض كوميدي جديد تحت عنوان “كوميكاز”، الذي أدعو فيه إلى نبذ الـ”Kamikaze”، وهم الأشخاص الذين يضحون بأنفسهم لتفجير الآخرين وارتكاب أفعال انتحارية، لكنني أفرغته من معناه ليصبح له دلالة أخرى في عرضي، تتمثل في “تفجير الناس بالضحك”، وذلك رفقة ثلة من الممثلين الشباب ضمن لقاءات “Les Nuits Du Rire”، التي بدأناها في مدينة خريبكة مع المكتب الشريف للفوسفاط، والتي ستنظم بعد رمضان في الرابع أبريل بلهاي في هولندا، ومباشرة يوم 5 أبريل في إسبانيا، ومنها سأعود إلى المغرب لتصوير فيلم سينمائي جديد مع منتج ومخرج وطاقم مغربي مائة بالمائة.






